أظهرت مسارات السوق العقارية لدى دول الخليج أن ليس كل ارتفاع أو انخفاض في الأسعار مؤشر إيجابي، فالدورات الاقتصادية التي تسجلها اقتصادات المنطقة تتصل بعلاقة مباشرة بما يدور ضمن منظومة الاقتصاد العالمي، وتتأثر بتطوراته ولا تؤثر به، فالدورة المالية والاقتصادية أصبحت قصيرة ولا تتجاوز 6 سنوات، ومن ثم تعود للتراجع والركود. وأشار التقرير الأسبوعي لشركة «المزايا القابضة» إلى أن «أسعار التأجير والشراء تعتبر من أهم مقاييس الدورات المالية والاقتصادية التي تعكسها السوق العقارية في المنطقة، خصوصاً لدى اقتصادات الدول المفتوحة على الاستثمار الأجنبي ويقع في صميم خططها متوسطة وطويلة الأجل». وأضاف التقرير: « وبتتبع أسواق المنطقة، بات ملاحظاً أن السوق العقارية الإماراتية باتت تتمتع بمرونة مرتفعة تجاه دورات العرض والطلب، وأصبحت قادرة على عكس مؤشرات الطلب على المنتجات العقارية المعروضة بكفاءة أعلى مما تتمتع به الأسواق المجاورة، على رغم بعض التحديات، على رأسها مؤشرات الانخفاض على الأسعار والتي غالباً ما ترتبط بضغوط اقتصادية ومالية تؤثر في وتيرة النشاط الاقتصادي ككل، وبالتالي انخفاض معدلات الطلب بيعاً وتأجيراً نتيجة تراجع الأداء الاقتصادي ككل، ما يعني مزيداً من الأخطار والتذبذب التي تصاحب الاستثمار المباشر وغير المباشر». ولفت إلى أن «السوق العقارية الإماراتية قد تنجح في الإفلات من تسجيل فقاعات عقارية خلال سنوات الانتعاش الأخيرة، منذ العام 2012 وحتى نهاية عام 2014، كما نجحت في تجنب انهيار الأسعار والدخول في حالة من الركود خلال العامين الماضيين نتيجة تماسك مؤشرات الطلب من جانب المستخدم النهائي، وتحسن جاذبية المنتجات العقارية من كل الفئات عند الأسعار المتراجعة». وأكد أن «حالة التصحيح المسجلة لدى السوق الإماراتية أثبتت صحة التقارير والمؤشرات التي توقعت دخول السوق في حالة من التراجع التدريجي على الأسعار، والذي حمل معه الكثير من الإيجابيات على مستوى الاستثمار والمستثمرين والسوق والاقتصاد المحلي، إذ إن الاستثمارات زادت من الجودة والجدوى، واتخذت من أشكال الطلب أساساً لها عند البدء بالاستثمار، فيما تحسنت كفاءة المستثمرين في تحديد الفرص الاستثمارية الأفضل على مستوى الأخطار والعوائد». وأكد أن «الاستثمار العقاري هو استثمار طويل الأجل، وبالتالي فإن تعرض السوق للتقلبات وتفاوت الأسعار سيكون متوقعاً، مع الأخذ في الاعتبار أن القائمين على السوق باتوا يعتادون على تحركات وتقلبات السوق ويضعون الكثير من الاحتمالات الإيجابية والسلبية قبل البدء بالاستثمار العقاري، ومهما كانت حدة التقلبات وطول أمدها إلا أن الأسواق النشطة، خصوصاً أسواق دبي وأبوظبي والدوحة، ستتمكن من تجاوز التقلبات ومعاودة الارتداد بعد كل تراجع». يذكر أن أسعار العقارات في دبي تراجعت نحو 12 في المئة العام الماضي، فيما أظهرت مؤشرات السوق أن أسعار الإيجارات ستشهد انخفاضات تصل إلى 10 في المئة، كما ستتراجع أسعار العقارات 5 في المئة خلال العام الحالي. العقارات الفاخرة ورجحت تقارير أن تسجل العقارات الفاخرة مزيداً من الانخفاض على مستوى السوق العقارية القطرية والأسواق العقارية المجاورة، نظراً إلى تأثر المنتجات العقارية الفاخرة، خصوصاً الفلل، بالتطورات التي تسجلها أسواق النفط وحزمة التعديلات الجاري إدخالها على أدوات ووسائل الإنفاق على المستوى الحكومي والقطاع الخاص». وأشار تقرير «المزايا» إلى «تمسك ملاك العقارات بالقيم الإيجارية وعدم القبول بالأسعار التي تفرضها قوى العرض والطلب، كان له أثر مباشر في التقليل من نسب التراجع على القيم الإيجارية والتي تراوحت بين 5 و10 في المئة». يشار إلى أن البيوعات العقارية في قطر تتجه نحو الانخفاض على البيوت السكنية والأبراج السكنية، في ظل دخول السوق في حالة من الركود وعزوف المستثمرين عن طرح مشاريع جديدة، في حين سجلت أسعار الأراضي الفضاء تراجعاً بلغ 15 في المئة على مواقع عدة في العاصمة». ولفت إلى أن «مسارات وتحركات السوق العقارية السعودية، لم تكن في معزل عن التطورات الداخلية والخارجية المؤثرة في وتيرة النشاط وعلى قوى العرض والطلب، إذ تشير البيانات المتداولة إلى هبوط أسعار العقارات ما بين 20 و40 في المئة نهاية الربع الأول الماضي، في ظل تراجع صفقات البيع والشراء مع قرب تطبيق قرار فرض الرسوم على الأراضي الفضاء، والذي أدى إلى تراجع أسعار المخططات على المواقع التي تقع على أطراف المدن الرئيسة، كما تراجعت البيوعات العقارية 20 في المئة مقارنة بالعام الماضي. يذكر أن الصفقات العقارية خلال نيسان (أبريل) الماضي انخفضت 52 في المئة على أساس سنوي، وفق البيانات الصادرة عن وزارة العدل السعودية، حيث تركزت الصفقات العقارية على العقارات السكنية والتجارية والتي تراجعت 52 في المئة، في حين تراجعت الصفقات على القطاع التجاري 54 في المئة. وأشار تقرير «المزايا» إلى أن «السوق العقارية الأردنية تسير في الاتجاه ذاته مع اختلاف الأسباب والمسببات ومصادرها واختلاف طبيعة الطلب ومصادره، كما تشير البيانات الرسمية المتداولة إلى تراجع المبايعات العقارية 4 في المئة خلال الربع الأول من الماضي مقارنة بالعام الماضي». وعزت مؤشرات السوق التراجع المسجل إلى عدم الاستقرار في المنطقة، إضافة إلى أسباب داخلية تتعلق بتراجع السيولة الاستثمارية وعدم التوازن على قوى العرض والطلب والتي تميل حالياً لمصلحة العرض. وشدد على أن «الانخفاضات التدريجية على أسعار العقارات بيعاً وتأجيراً ستصب في مصلحة السوق خلال الفترة المقبلة، فيما ستواجه الأسواق العقارية التي تسجل انخفاضات حادة ومتسارعة الكثير من التحديات للحفاظ على قيم الأصول والاستثمارات وصعوبات كثيرة في الحفاظ على الاستثمارات الخارجية وجذب مزيد منها خلال الفترة المقبلة».