تصدرت عناوين النقص في السيولة وزيادة المعروض وانخفاض الثقة الاستثمارية في القطاع العقاري، المشهد العام للسوق العقارية منذ سنوات. وشكلت هذه العناوين «التحديات الأكثر تأثيراً»، في «قدرة شركات التطوير العقاري على طرح مشاريع جديدة واستكمال المشاريع قيد التنفيذ»، وفق شركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي. ولفتت «المزايا» في تقريرها إلى أن الصعوبة في الحصول على التمويل اللازم للمشاريع العقارية «مثّلت تحديات متراكمة، كان لها دور في المشهد العقاري في دول المنطقة، مع الأخذ في الاعتبار التباين في شدة التأثيرات واتساعها بين دولة وأخرى». إزاء ذلك، اعتبر التقرير أن المعالجات وآليات إدارة الأزمة التي واجهها القطاع العقاري «كانت أيضاً متباينة وتركزت القرارات والتوجهات الحكومية على مشاريع التنمية والإنفاق على البنية التحتية، وخضع القطاع الخاص لإعادة هيكلة شاملة، في محاولة للتخفيف من التأثيرات السلبية المتراكمة، بدءاً من الانخفاض الملحوظ في أسعار الأصول مروراً بتراجع حاد في الثقة والسيولة، وصولاً إلى اقتطاع المصارف جزءاً كبيراً من أرباحها كمخصصات لتغطية التدني في قيمة الأصول الممولة». ورأى أن ذلك هو «الأكثر خطورة وتأثيراً على واقع سيولة السوق العقارية ومستقبلها». ولاحظ أن آليات العمل التي اتبعت لتجاوز تحديات السوق العقاري لم تنجح في شكل كامل، وتحتاج إلى مزيد من الخطط على مستوى القطاعين العام والخاص». وأعلنت «المزايا» أن العام الماضي «كان استثنائياً» للسوق العقارية في دول المنطقة، ب «دخوله في مرحلة التعافي والنمو مع اختلاف في نسب النمو والتعافي بين دولة وأخرى وفي مستويات العرض والطلب والثقة». وعزا التطور في السوق إلى «ارتفاع معدلات إنتاج النفط وارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية على مدى العام الماضي، تزامناً مع زيادة متواصلة في إنفاق حكومات دول المنطقة»، إذ عملت على «إعطاء القطاعات الرئيسة فيها مرونة اقتصادية كبيرة ومعدلات نمو أكثر سرعة في كل قنوات الأعمال، وفي مقدمها القطاع المصرفي». فيما كانت الموازنات المعتمدة في حينه «توسعية في مضمونها على كل القطاعات الاقتصادية، ما انعكس مباشرة وبسرعة على قدرة القطاع الخاص على النمو والتعافي والتعامل مع مستويات الضعف والأخطار الهيكلية القائمة». وأشار التقرير إلى أن القطاع العقاري «يستحوذ على حصة متزايدة من التركيز في المرحلة الحالية على رغم استمرار تفاوت معدلات التعافي في أسواق المنطقة». ودلّت مؤشرات السيولة في القطاع المصرفي على «ارتفاع متواصل وقدرة أكبر على تمويل كل المشاريع المدعومة حكومياً وبثقة استثمارية أعلى وجدوى أوسع، ذلك أن مشاريع المدن الكبيرة قيد التنفيذ في المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر، فضلاً عن خطط تنظيم «إكسبو 2020» و «كأس العالم 2022»، ستساهم في رفع معدلات السيولة في القطاعات العقارية والإنتاجية والخدمية على مدى السنوات المتبقية». وأوضح تقرير «المزايا»، أن تعطل مصادر تمويل المشاريع العقارية «يشكل أهم تحديات القطاع العقاري في المنطقة خلال مراحل التعافي التي يسجلها حالياً، نظراً إلى دورها في كبح وتيرة النشاط السريعة المسجلة، والتي استهلت بطرح حِزَم من المشاريع العقارية الجديدة». وتشكل الحدود العليا للإقراض على مستوى الأفراد والشركات «قيوداً إضافية تهدف إلى ضبط السوق واستقرارها تارة، وتحد من التوسع ورفع سيولة السوق تارة أخرى». ولفت إلى أن قنوات التمويل «تواجه من خلال الإصدارات الأولية والسندات تحديات كثيرة تتعلق بهياكل السوق والأدوات المتداولة، ونضج قنوات الاستثمار والمستثمرين الحاليين». ونبّه التقرير إلى خطورة الاعتماد على معدلات النمو والتعافي التي سجلها القطاع العقاري في معظم دول المنطقة ك «نقطة أساس تقاس عليها نسب النمو والانتعاش في الفترة المقبلة. ذلك أن عام 2013 شهد قفزات كبيرة في الأسعار والمبيعات ومعدلات الطلب وتوازن قوى العرض والطلب، بزيادة الطلب وسحب نسب كبيرة من المعروض». العائدات والأخطار واعتبر التقرير أن الاستثمار غير المباشر في الأسهم المتداولة في البورصات الخليجية «سيبقى أكبر المنافسين لسيولة السوق العقارية خلال هذه السنة، فيما ستستمر السيولة الاستثمارية في الدوران حول هذه القطاعات لفترة طويلة، وذلك إذا ما قورنت العائدات والأخطار وفترات الاسترداد والقدرة على التسييل في فترة زمنية قصيرة وبأقل الخسائر». وتتجاوز السوق العقارية عن الاستثمار في الأسهم ب «التنوع الحاصل في المنتجات العقارية ونسب الارتفاع المحققة وانخفاض معدلات التقلّب بين فترة وأخرى، وما إلى ذلك من اعتبارات تتعلق بالملاذات الآمنة في ظروف الأزمات وحالات عدم الاستقرار». وأفاد التقرير بأن بورصات المنطقة «سجلت ارتفاعات نوعية في مؤشراتها خلال العام الماضي، جعلتها المنافس الأول للسوق العقارية من دون منازع، إذ ارتفع مؤشر سوق دبي بنسبة 108 في المئة على أساس سنوي وبورصة أبو ظبي 63 في المئة، تلتها بورصة الكويت بارتفاع 27 في المئة، ثم البورصة السعودية بنسبة 24 في المئة في الفترة ذاتها. فيما حققت بورصات مسقط زيادة نسبتها 19 في المئة، والبحرين 17 في المئة. في المقابل تراوحت معدلات العائد على الاستثمار العقاري بين 9 و 12 في المئة خلال العام الماضي، وهي نسب مرتفعة إذا قورنت بالنسب المسجلة خلال السنوات السابقة، ما ساهم في تحسين مستويات الثقة والجاذبية واستقطاب مزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية». ومع تدني مستويات الأخطار في القطاع العقاري وانحسار نطاق تقلّبات الأسعار وقوى العرض والطلب، توقعت «المزايا» «تسجيل مزيد من الاستقرار في السوق العقارية والارتفاع في عائدات الإيجارات والمبيعات، ما سيدفع إلى الاحتفاظ بالعقارات في الاتجاه الأكثر جدوى من بيعه خلال هذه السنة». ورصدت تفضيل مالكي العقار تأجيل إنجاز صفقات البيع، «بهدف الحصول على أعلى سعر ممكن نظراً إلى استمرار تسجيل أسعار العقارات زيادات متواصلة على عائدات البيع والتأجير». ويستهدف القطاع العقاري «رفع قدراته على استقطاب مزيد من السيولة الاستثمارية من مصادر التمويل المتخصصة والمصارف، إضافة إلى السيولة المتدفقة من مستثمرين في الخارج يبحثون عن استثمارات آمنة وعائدات مرتفعة». ويبقى التحدي الأكبر في الاستقطاب، «طرح مزيد من المشاريع العقارية المتنوعة الملبّية لكل أنواع الطلب الحقيقي ومزيد من القوانين والتشريعات المنظمة للسوق العقارية».