أبدى صندوق النقد الدولي أمس تأييده خطة الإصلاح الاقتصادي الواسعة النطاق التي أعلنتها السعودية، وأشار إلى أن المملكة تخفض الإنفاق بالوتيرة المناسبة للتكيف مع العجز الناجم عن هبوط أسعار النفط. وفي أواخر الشهر الماضي أعلن ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، عن خطوات لتقليص اعتماد المملكة على صادرات النفط خلال السنوات الخمس عشرة المقبلة تتضمن خفض الدعم ورفع الضرائب وبيع أصول حكومية وتعزيز كفاءة الأداء الحكومي إلى جانب جهود لتعزيز استثمارات القطاع الخاص. ويحض صندوق النقد الدولي السعودية منذ سنوات على تبني الكثير من تلك الإجراءات، ولفت في بيان أمس إلى إن خطة الإصلاح تهدف إلى إجراء «تحول للاقتصاد السعودي واسع النطاق وجريء بما يلائم الوضع». وقال المسؤول في الصندوق تيم كالين بعدما قاد وفداً إلى السعودية هذا الشهر لإجراء مشاورات سنوية «من المتوقع أن توضح السياسات الداعمة التي سيتم الإعلان عنها في الأشهر المقبلة كيفية تحقيق هذه الأهداف». وأضاف «لضمان نجاحها (الأهداف) سيستلزم الأمر ترتيب الإصلاحات في تسلسل سليم وفقاً للأولويات وتقويم الوتيرة المناسبة للتنفيذ بدقة». يذكر أن الرياض تهدف إلى خفض الإنفاق وتسعى إلى جني إيرادات جديدة في ظل ما تواجهه من عجز في الموازنة. وتوقع صندوق النقد أن يظل العجز كبيراً هذا العام ليقارب 14 في المئة من الناتج مقارنة ب 16 في المئة العام الماضي. غير أن الصندوق رحب بخفض الإنفاق الحكومي وتعديلات أسعار الطاقة المحلية التي أعلنت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي قائلاً «السياسة المالية تتكيف على نحو ملائم مع انخفاض أسعار النفط». وتوقع أن يتباطأ نمو اقتصاد المملكة إلى 1.2 في المئة هذا العام من 3.5 في المئة عام 2015. وأضاف صندوق النقد إنه يستحسن الطريقة التي تمول بها الحكومة السعودية عجزها من خلال السحب من احتياطاتها المالية وإصدار أدوات دَيْن في الداخل والخارج. وهو يشجع بعض الدول في شمال أفريقيا على تعزيز مرونة أسعار صرف عملاتها للتأقلم مع العجز الكبير في موازين المعاملات الجارية. لكن موقفه من العجز الخارجي الذي تواجهه السعودية بسبب تدني أسعار النفط كان على النقيض من ذلك إذ قال إن ربط الريال بالدولار لا يزال يخدم الاقتصاد كثيراً. يذكر أن أسعار الفائدة ترتفع في السوق السعودية كثيراً مع اقتراض الحكومة من البنوك لتمويل عجزها، حيث قفز سعر الفائدة المعروض بين البنوك السعودية لأجل ثلاثة أشهر 135 نقطة أساس منذ منتصف عام 2015 ليصل إلى أعلى مستوياته في سنوات عند 2.13 في المئة. غير أن صندوق النقد أكد إن القطاع المصرفي السعودي قوي ويتمتع بوضع جيد يؤهله للصمود أمام تباطؤ الاقتصاد، وإن شح السيولة لم يؤثر سلباً في نمو الائتمان حتى الآن. ومن ركائز خطة الإصلاح الاقتصادي السعودي بيع حصة تصل إلى خمسة في المئة من شركة النفط السعودية العملاقة «أرامكو»، ما قد يجلب عشرات بلايين الدولارات، وكذلك تعزيز صندوق الاستثمارات العامة الحكومي وتحويله إلى صندوق استثمار عالمي. ودعا الصندوق الرياض إلى زيادة الشفافية في المؤسستين ودمجهما في جهاز جديد للسياسة المالية تؤسسه الحكومة لتعزيز فاعلية قرارات الإنفاق.