اختار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو عدم التطرق في تصريحاته الأسبوعية إلى الأصوات المرتفعة المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في شأن «إدارة الحرب الأخيرة على قطاع غزة» في أعقاب اتهامات «مراقب الدولة» يعقوب شبيرا له ولوزير الدفاع موشيه يعالون ورئيس هيئة الأركان سابقاً بيني غانتس بفشلهم في إدارة الحرب وفي مواجهة الأنفاق، وآثر بدل ذلك توجيه انتقادات شديدة لنائب رئيس هيئة أركان الجيش اللواء يائير غولان على مقارنته الأجواء المتطرفة في إسرائيل بتلك التي سادت ألمانيا النازية، فنال بذلك إعجاب سدنة «المعسكر القومي» الذين رأوا في حديث الرجل الثاني في الجيش موجهاً لهم. ولم يفاجئ نتانياهو بوقوفه إلى جانب اليمين الغاضب على خطاب غولان الذي قال فيه إنه «يلمس في المجتمع الإسرائيلي سيرورات تهز البدن وتدب الرعب كتلك التي حصلت في ألمانيا قبل صعود النازية»، واعتبرها «مثيرة للغضب ومغلوطة تماماً وليست مقبولة عليّ». وقال نتانياهو في مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته إن «المقارنة التي أجراها نائب رئيس هيئة الأركان للسيرورات التي ميزت ألمانيا النازية قبل 80 عاماً، تثير الغضب، ولا أساس لها من الصحة، وما كان يجب أن تقال في أي وقت وتحديداً في هذا الوقت، إذ إنها تظلم المجتمع الإسرائيلي وتصغّر الكارثة التي حلت بيهود أوروبا... أقوال اللواء غولان في هذا الموضوع مغلوطة تماماً وليست مقبولة عليّ». ووصف نتانياهو إسرائيل بأنها «أعجوبة تاريخية يفتخر الجميع بإنجازاتها وبجيشها»، مضيفاً أن أموراً كثيرة قيلت في الأيام الأخيرة عن دولة إسرائيل، «لكن لا توجد دولة لا تشهد ظواهر من عدم التسامح والعنف، إلا أن الديموقراطية الإسرائيلية متينة، وهي تستنكر هذه الظواهر وتعالجها وفق القانون وبوسائل أخرى». وطالب عدد من الوزراء اللواء غولان بالاستقالة أو الاعتذار الصريح عن تصريحاته «التي تلحق ضرراً هائلاً بالجهود الإعلامية الإسرائيلية وبصورتها ومناعتها في أنحاء العالم». ولفت مراقبون إلى حقيقة أن يعالون سبق غولان عندما حذر من «جيش يتصرف كالبهائم»، كذلك رئيس هيئة الأركان غادي أيزنكوت الذي أثار حنق اليمين حين أعلن قبل شهرين أنه «لا يريد لجنوده أن يفرغوا خزنة سلاحهم في طفلة في الثالثة عشرة من عمرها تحمل مقصاً». الوضع في القطاع إلى ذلك، تطرق نتانياهو إلى التوتر على الحدود مع قطاع غزة، وقال إن إسرائيل ستواصل نشاطها «طالما تطلب الأمر» ذلك من أجل الكشف عن أنفاق وإحباط التهديد الذي تشكله، و «نحن لا ندخر موارد وجهوداً لنمنح الأمان لمواطني غلاف غزة»، مشدداً على أن إسرائيل لا تبحث عن التصعيد، «إلا أننا لن نرتدع عن القيام بما يُطلب منا من أجل الحفاظ على الأمن». تقرير «المراقب» في غضون ذلك، واصلت وسائل الإعلام الإسرائيلي الانشغال بمسودة تقرير «مراقب الدولة» الذي اتهم نتانياهو ويعالون وغانتس ب «إخفاء معلومات مهمة عن أعضاء الحكومة المصغرة والاستخفاف بهم والتفرّد باتخاذ القرارات»، وسط صمت نتانياهو ووزرائه الذين لمحوا إلى احتمال أن يكون وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان وراء تسريب المسودة. وطالب عدد من ذوي جنود قتلوا في الحرب خلال مواجهتهم مقاتلي «حماس» في أنفاق لم يعلموا بوجودها، بتشكيل «لجنة تحقيق رسمية» على غرار لجنة التحقيق التي أعقبت الحرب الأخيرة على لبنان (لجنة فينوغراد) وأطاحت وزير الدفاع وقائد الجيش. وقال والد أحد الجنود القتلى إن «الحرب استمرت وقتاً طويلاً عبثاً» وقصفت عمر ابنه وغيره من الجنود، و «على المسؤول عن القصور أو الفشل أن يدفع الثمن». ويرى مراقبون أن إقامة «لجنة تحقيق رسمية» لا تبدو واقعية في الوقت الراهن، لكنهم لا يستبعدون أن تصبح مطلباً ملحاً في حال حمل التقرير النهائي الذي سيتم صوغه بعد تلقي ردود نتانياهو ويعالون وغانتس على المسودة، الاتهامات ذاتها.