الترند ل «جامعة القاهرة». الهاشتاق هو #تفجير-الجامعة. الفيديو المتداول تداولاً جنونياً يحمل عنوان «لحظة انفجار قنبلتين في محيط الجامعة». تدوينات «فايسبوك» تحذر من محيط الجامعة وتدعو إلى إغلاق ميدان النهضة المجاور وتطالب بإنهاء العام الدراسي. مكالمات الهواتف لا تدور إلا في فلك الاطمئنان على أبناء أو أقارب أو أصدقاء أو جيران يدرسون هناك، أو يعملون في المربع أو يمرون من الميدان. الشعور الغالب رعب مشوب بتوقع الأسوأ توقعاً يميل إلى اليقين. الحديث الأوحد عن «إرهابهم» أو «إجرامهم» أو «قنابلهم» من دون حاجة إلى بيان ماهية ضمير الغائب «هم». إعلامهم يتحدث عن مقتل ضابط من ضباط الانقلاب، ويتساءل عن كيفية تواجد قنابل رغم أنف التشديد الأمني والتدقيق الشرطي، ويتنبأ بتمنٍ ويتوقع بتشفٍ المزيد من ردود الفعل الغاضبة. تغريداتهم تشير إلى أن مقتل ضابط أو اثنين أو حتى ثلاثة في تفجير الجامعة لا يعني شيئاً، لأن العداد لم يصل بعد لقتلى فض اعتصامي «رابعة» و «النهضة»، أو تتساءل شامتة عما إذا كان أهل القتيل أو القتلى شعروا بمشاعر أهالي قتلى «رابعة» أم لا؟ أما محللوهم فيؤكدون إن الجامعات ستتحول ثكنات عسكرية بحجة التأمين وذريعة الحماية. أما منظروهم فراوحت توجهاتهم بين تأكيد أن هذا الانفجار وما يتبعه «بإذن الله» نتيجة متوقعة لترشح وزير الدفاع السابق عبدالفتاح السيسي وعقاباً مستحقاً لمن فوضوه، وبين تلويح بأن إرهاب الدولة وقتل «الأبرياء» في «رابعة» و «النهضة» ومواجهة «الطلاب الشرفاء» في جامعات الأزهر والقاهرة وعين شمس يؤدي إلى تنامي الرغبة في الانتقام والميل إلى العنف والبعد عن السلمية. وتبقى خلطة السلمية والعنف حيث الإبداع في «رفض الانقلاب» والابتكار في «دعم الشرعية» أبرز الخلطات غير المفهومة. ف «شكر وعهد الشهيد» عنوان فعاليات الطلاب وأنشطة الطالبات من المحسوبين والمنتمين والمحبين للجماعة هذا الأسبوع وعد ب «استكمال الحراك الثوري بسلمية مبدعة في أسبوع عهد الشهيد لرفض طمس الانقلابيين المتواصل للحقيقة واغتيالها»، بحسب البيان الصادر باسم «الموجة الثورية الثانية لعام 2014» التي رأى كتاب بيانات الجماعة إنها تحولت إلى «مرحلة مهمة على طريق الثورة وداعمة لما سيأتي بعدها». وما أتى بعدها ومتوقع أن يأتي هو ترقب جموع المصريين لمرحلة يعرفون إنها الأصعب وردود يوقنون أنها الأعتى ومواجهات يثقون إنها الأشرس في تلك الأيام المؤدية إلى الاستحقاق الرئاسي. فمن سكان «تويتر» من غرد بأن «اغتيال مخطط الجماعة أدى اليوم إلى اغتيال ضابط شرطة والبقية تأتي»، ومن المارة الذين عاشوا ثواني الانفجار وكأنها دهور من حوقل وبسمل واعتبر من يقتل نفساً ويرهب شعباً شيطاناً رجيماً، ومن جموع المصريين في الشوارع والباصات من زادوا إيماناً وتعمقوا ثقة وأيقنوا تماماً بأن الجعبة المفترض حملها الخير لمصر جاءت بمحتويات مخالفة وفحوى مغايرة». وكما غيّرت جموع المواطنين خطوط سيرها وبدلت جهات تحركاتها تحت وطأة التفجيرات، غيّر كذلك من بقي متمسكاً بتلابيب أمل في مصالحات وطنية أو تشكك في صدقية روايات أمنية أو ساورته شكوك في تحليلات تاريخية من منهج التفكير وبدل أسلوب التوجيه وبات الجميع على يقين بأنه ليس في الإمكان إدماج من استحل الدماء واستباح الأرواح. لكن أصحاب الأرواح أنفسهم محل نزاع بين من يؤكد أنهم باتوا يعرفون يقيناً ما تتعرض له البلاد وما يتم تدبيره للعباد، ومن يؤكد أنهم باتوا يعرفون يقيناً انه لا إرهاب ولا من يحزنون، وإن كل ما يحدث على أرض مصر هو تفخيخات يقوم بها الجيش ضد ضباطه، وتفجيرات تقترفها الداخلية ضد رجالها، وأوهام تجري صناعتها من دون أن ترتكز على حقائق. الأستاذ في جامعة الأزهر عضو «التحالف الوطني لدعم الشرعية» جمال عبدالستار قال بعد دقائق من الانفجار على «الجزيرة مباشر مصر» إن « داخلية الانقلاب تحاول أن توهم الناس بأن هناك مخططاً للإرهاب حتى تسوق للدماء التي تسال يومياً في الجامعات والميادين والشوارع». ورغم أن الغالبية من المصريين لم تستمع لكلماته أو تتابع تصريحاته، إلا أن النبرة الواحدة التي سادت في الشارع أمس طغى عليها الغضب رغم القلق، وتغلب عليها الوضوح رغم الغموض.