حذر تقرير ل «لمجلس الأعلى للحسابات» في المغرب من احتمال تعرض المالية العامة إلى صعوبات جديدة على المدى المتوسط في حال عدم معالجة مشكلة عجز صناديق التقاعد، وارتفاع مديونية الشركات الحكومية التي قدرت بنحو 25 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وقال رئيس المجلس إدريس جطو في عرض أمام البرلمان، إن «عدم توازن أنظمة التقاعد بين الإيرادات والنفقات، يشكّل أخطاراً كبيرة بالنسبة إلى المالية العامة وقدرتها على وفاء التزاماتها المستقبلية، كما أن مديونية شركات القطاع العام التي تجاوزت 246 بليون درهم (24 بليون دولار) تعيق إستثمارات تلك الشركات التي تأخرت الحكومة في سداد مستحقات لها بقيمة 26 بليون درهم من الضريبة على القيمة المضافة، ما دفع تلك الشركات إلى مزيد من الاقتراض الداخلي والخارجي». واستثمرت شركات القطاع العام العاملة في قطاعات البنى التحتية والطرق السريعة والماء والكهرباء والسكك الحديد والمطارات والموانئ والنقل الجوي، نحو 77 بليون درهم، وبلغت إيراداتها 198 بليون درهم. ويبلغ عدد شركات القطاع العام في المغرب 212 مؤسسة، و44 شركة حكومية تساهم فيها الخزينة مباشرة. وأفاد تقرير «المجلس الأعلى للحسابات» بأن مساهمة الحكومة في تمويل مشاريع تلك المؤسسات بلغت 34 بليون درهم فقط عام 2014، ولم تحصل منها سوى على مساهمات بقيمة 9.8 بليون درهم منحتها شركات الإتصالات و«المكتب الشريف للفوسفات»، و«صندوق الإيداع والتدبير» و«المكتب الوطني للمطارات» و«الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية». ولاحظ ضعفاً في العائدات المالية لبعض الشركات العامة، وأن بعضها الآخر يمر في مرحلة إعادة هيكلة مثل «الخطوط الملكية» و»المكتب الوطني للماء والكهرباء»، لافتاً إلى أن شركات أخرى تحقق استثمارات ضخمة مثل «مكتب السكك الحديد» و»شركة الطرق السيارة». واعتبر أن الشركات العامة تعاني مديونية مرتفعة، وهي زادت 64 في المئة بين 2010 و2015، وأن على الحكومة الإسراع في معالجة متأخرات الضريبة على القيمة المضافة لتحسين المحافظ المالية لتلك المؤسسات، لأن كل تحسن في الموارد المالية يزيد في توسيع الاستثمارات ويقلص الأخطار. ونبه التقرير أيضاً إلى أزمة صناديق التقاعد، التي أشار إلى أنها قد تكون أكثر سوءاً على المدى المتوسط، حيث ارتفع العجز التراكمي ل»الصندوق المغربي للتقاعد» إلى 10.6 بليون درهم (1.1 بليون دولار) وهو مرشح أن يتضاعف خلال السنوات المقبلة، ليصبح عاجزاً كلياً عن سداد معاشات المتقاعدين الذين سيقدر عددهم بحوالى 444 ألفاً بحلول عام 2020، في مقابل 313 ألفاً العام الماضي. ولاحظ أن عدد المحالين على التقاعد زاد 160 في المئة بين عامي 2000 و2015 بينما لم يتطور عدد العاملين الفاعلين سوى 15 في المئة، بسبب ضعف التوظيف والتغير الديموغرافي، ليصبح 2.5 عامل في مقابل كل شخص متقاعد. ويمكن اعتبار ضعف قدرة الاقتصاد المغربي على توفير ما يكفي من فرص عمل لنحو 200 ألف وافد إلى سوق العمل سنوياً، من الأسباب الإضافية لمشكلة صعوبات صناديق التقاعد التي قدمت الحكومة مشاريع قوانين في شأنها إلى البرلمان لرفع سن التقاعد إلى 63 عاماً وخفض قيمة المعاش وزيادة المساهمات. وتواجه تلك المشاريع معارضة قوية من النقابات. وتحتاج صناديق التقاعد الأربعة في المغرب إلى موارد تقدر بنحو 1357 بليون درهم حتى عام 2026 لسداد معاشات المتقاعدين. وأفادت «المندوبية السامية في التخطيط» بأن الاقتصاد فقدَ 13 ألف وظيفة بين الربع الأول من 2015 والربع الأول من العام الحالي، ما رفع عدد العاطلين من العمل نحو 12 ألفاً ليبلغ 1.1 مليون، منهم 17.5 في المئة من حملة الشهادات العليا و23 في المئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً. وأضافت إن «بطالة الشباب من حاملي الشهادات الجامعية والمدارس العليا أصبحت في ارتفاع متواصل وهو تحدٍ كبير للاقتصاد والاستقرار الاجتماعي». وتتفق الدراسات كافة على أن الاقتصاد المغربي لم يعد قادراً على خلق ما يكفي من فرص عمل على رغم تحقيق معدلات نمو مقبولة خلال السنوات الأخيرة. وأفادت المندوبية بأن معدل النشاط الفردي تراجع 0.7 في المئة، على رغم ارتفاع عدد السكان القادرين على العمل نحو 1.5 في المئة العام الماضي. وانخفض مؤشر العمل في المغرب من 47 إلى 46.3 في المئة خلال الربع الأول من السنة.