أعلن رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران أن الرباط تعتزم إدخال إصلاحات عاجلة وعميقة على صناديق التقاعد والتحوط الاجتماعي المهددة بالإفلاس نتيجة الاختلال المالي المتوقع بين الإيرادات والنفقات ابتداءً من عام 2014، إذ قد يعاني «الصندوق المغربي للتقاعد» عجزاً أولياً يقدر ب 1.4 بليون درهم (166 مليون دولار). وأشار بن كيران خلال الجلسة الشهرية لمجلس المستشارين إلى أن «الإصلاحات قد تكون صعبة وقد تواجه مقاومة، ولكنها ضرورية لتأمين تقاعد يضمن الكرامة للأجيال المقبلة ويجنب صناديق التقاعد الإفلاس كما حصل في دول أخرى»، محذراً أن «في حال عدم تنفيذ أي إصلاحات سيرتفع العجز في الصندوق إلى ستة بلايين درهم عام 2016 و29 بليوناً عام 2022 وقد يتجاوز 79 بليوناً عام 2061». ويُقدر مجموع أرصدة وأصول صناديق التقاعد الأربعة في المغرب ب 208 بلايين درهم، يستفيد منها نحو خمسة ملايين عامل في القطاعين العام والخاص، وتراوح قيمة المعاش الشهري بين ألف و45 ألف درهم. وتتضمن الإصلاحات المرتقبة العام المقبل رفع سن الإحالة على المعاش التقاعدي من 60 إلى 62 عاماً، وزيادة قيمة الاشتراكات والمساهمات، وتغيير طريقة احتساب قيمة المعاش على أساس متوسط عدد السنوات بدلاً من اعتماد الأجر الأخير، إلى جانب تعميم التقاعد والتأمين الاجتماعي على الفئات غير المدرجة والمهن الحرة والتي تضم أكثر من خمسة ملايين شخص، أي نصف الفئة النشيطة المقدرة ب 10.5 مليون شخص. ولا تشمل التغطية الاجتماعية حالياً إلا 33 في المئة من العاملين ولا يُلزم القانون تأمين التقاعد لفئات غير الأجراء، كما أن عدد من شركات القطاع الخاص لا تصرح بمجموع العاملين لديها. وعزا بن كيران العجز المالي الذي يهدد مستقبل المتقاعدين إلى أسباب ديموغرافية وتدبيرية وطريقة استثمار موارد الصناديق على مدى العقود الماضية، منها أن عدد المنخرطين كان يقدر ب 12 على متقاعد واحد عام 1983، لينخفض إلى 3 على واحد عام 2011، في حين اتهمت نقابات عمالية الحكومات المتعاقبة بسوء تدبير ملف صناديق التقاعد والتصرف في مواردها بطرق غير ناجعة. وأكد الأمين العام ل «نقابة الاتحاد المغربي للشغل» ميلود مخاريق في تصريح إلى «الحياة» أن «العمال لا يتحملون مسؤولية الأوضاع التي آلت إليها صناديق التقاعد، إذ كانت الموارد تستثمر في مشاريع ترفيهية وسياحية غير نافعة لا مالياً ولا اجتماعياً، كما أن العمال لم يستفيدوا من المشاريع الاجتماعية مثل السكن والصحة والتعليم». واقترح اعتماد إصلاح صناديق التقاعد بضمان حقوق المنخرطين والمكاسب المحققة على عقود من العمل والنضال، على أن يكون الرفع التدريجي لسن المعاش اختيارياً لا إلزامياً كما قد تقترح الحكومة. ويُتوقع أن تجتمع اللجنة الوطنية لبحث ملف التقاعد في 24 من الجاري برئاسة رئيس الحكومة لحسم السيناريوات المطروحة لمعالجة خلل صناديق التقاعد، الذي قد يكون من أهم المواضيع في الانتخابات البلدية المقبلة، إلى جانب ملف صندوق المقاصة لدعم الأسعار الأساس والقدرة الشرائية للمواطنين. وأظهر تقرير شهري للمندوبية السامية للتخطيط أن «الصندوق المغربي للتقاعد» سيبدأ هذه السنة اللجوء إلى احتياطاته، كما أن احتياطات كل صناديق التقاعد ستُستنزف بحلول عام 2050 إذا لم تُنفذ إصلاحات، مشيرة إلى أن 27 في المئة فقط من القوة العاملة يساهمون في نظام المعاشات مقارنة ب 80 في المئة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. يُذكر أن الصندوق، الذي تأسس عام 1930، يؤمن التغطية الاجتماعية والتقاعد ل 900 ألف عامل في القطاع العام، وكان له رصيد يقدر ب 74 بليون درهم عام 2011.