أنهى رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو مسيرة لم تتعدَّ عشرين شهراً، زعيماً لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم ورئيساً للحكومة، وأعاد الراية إلى الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يسعى إلى تعزيز سلطاته. وأعلن داود أوغلو أن الحزب الحاكم سيعقد في 22 الشهر الجاري مؤتمراً طارئاً لانتخاب زعيم جديد ورئيس وزراء بديل، واتهم «رفاق درب» بالتخلّي عنه و «محاولة الإيقاع بينه وبين أردوغان». وجدّد ولاءه للرئيس، الذي نقلت صحيفة «خبر ترك» عنه قوله لنواب إن رئيس الحكومة «اتخذ بنفسه قرار» التنحي. لكن المعارضة تحدثت عن «انقلاب قصر». وكان أردوغان اختار داود أوغلو ليخلفه في زعامة الحزب ورئاسة الحكومة، بعد انتخابه رئيساً عام 2014. لكن تبايناً برز بين الجانبين، في شأن تسريع تحويل النظام رئاسياً، كما يرغب أردوغان، وحول محاكمة صحافيين وأكاديميين لاتهامهم بالتجسس ودعم «حزب العمال الكردستاني»، واستئناف مسيرة السلام مع «الكردستاني». وترفض أوساط قريبة من الرجلين الإفصاح عن السبب الحقيقي وراء خلافهما، لافتة إلى أن «نظاماً برأسين وزعيمين لا يمكن أن يستمر، مهما كان بينهما من تناغم». لكن حملة إعلامية على الإنترنت، نُسِبت إلى مستشاري أردوغان، اتهمت داود أوغلو بالعمل لسحب البساط من تحت قدمَي الرئيس، لتقييد صلاحياته وحكمه، والتحوّل الرجل الأول والأقوى في تركيا. وأعلن رئيس الحكومة الذي التقى أردوغان مساء الأربعاء، أنه لن يترشّح لزعامة الحزب الحاكم، خلال مؤتمره الطارئ في 22 الشهر الجاري، قائلاً: «لن أفكر في الترشّح للمنصب، إذا لم يكن هناك إجماع». وفي خطاب أمام كوادر في الحزب بكى بعضهم، اعتبر داود أوغلو أن قرار اللجنة المركزية ل «العدالة والتنمية» تجريده من صلاحياته لتعيين قياديين حزبيين في المحافظات «كان القشة التي قصمت ظهر البعير»، وزاد: «بدل أن أغيّر رفاق دربي، قررت أن أغيّر زعيم الحزب وأنسحب». ولفت إلى أن قراره التنحي «ليس نتيجة خيار (شخصي)، بل بحكم الضرورة». وعلى رغم أن قرار سحب الصلاحيات جاء بتعليمات مباشرة من أردوغان، أكد داود أوغلو أنه «لا يلوم أحداً» ولا «يكنّ ضغينة» لأحد، ودافع عن وحدة حزب «العدالة والتنمية» الذي يحكم تركيا منذ عام 2002. وخاطب أعضاءه قائلاً: «كنت أقودكم، ومنذ الآن أنا واحد منكم». وأنحى بمسؤولية ما حدث على «رفاق درب تخلّوا عني وحاولوا الإيقاع بيني وبين أردوغان»، وتابع: «لم أتفوّه أبداً بأي كلمة سلبية في حق رئيسنا، ولن يحصل ذلك أبداً. شرف أردوغان هو شرفي». وكان لافتاً استبعاد الناطق باسم الرئاسة إبراهيم كالن تنظيم انتخابات مبكرة، في ما اعتبره بعضهم تدخلاً في شأن الحزب الحاكم الذي بات من دون زعيم، علماً أن «تبديل» رئيس الوزراء من دون الاحتكام إلى انتخابات، أثار سجالاً لدى المعارضة، إذ اعتبر رئيس «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيليجدارأوغلو، أن «استقالة داود أوغلو ليست قضية حزبية داخلية»، وحض «مؤيدي الديموقراطية» على «مقاومة انقلاب قصر». ورأى أن رئيس الوزراء الذي تولى منصبه بإرادة 23 مليوناً من ناخبي الحزب الحاكم «أُرغِم على التنحي من خلال إرادة شخص واحد»، في إشارة إلى أردوغان. وزاد: «داود أوغلو أذعن لإطاحته من القصر، ومهّد لنظام استبدادي». وينتظر الجميع قرار أردوغان حول خليفة داود أوغلو في الحزب، ما سيجعله رئيساً للحكومة، علماً أن أوساطاً تتداول اسمَي وزير الاتصالات والمواصلات بن علي يلدرم، الذراع اليمنى للرئيس، ووزير الطاقة والنفط براق البيرق، صهر أردوغان. كما يرجّح بعضهم اختيار الناطق باسم الحكومة نعمان كورطولموش أو وزير العدل بكير بوزداغ.