على رغم انشغالاته اليومية بالأزمة السورية خارجياً والملف الكردي داخلياً، يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يعدْ قادراً على تجاهل الأزمة الجديدة داخل حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، والتي باتت تهدّد بانشقاق قياديين سابقين وتأسيس حزب منافس يحمل أفكاراً قريبة، ويضمّ شخصيات تحظى بشعبية. ودعا أردوغان رفيق دربه، شريكه في زعامة الحزب سابقاً، الرئيس السابق عبدالله غل، إلى اجتماع عائلي في قصر الرئاسة، وسمع منه خلال ثلاث ساعات انتقادات لسياساته في الملفين السوري والكردي، كما ناقشا مسألة «تيار المعارضة» الذي يطلّ برأسه، منتقداً سياسات الرئيس التركي. وأشارت مصادر مقرّبة من القصر إلى أن غل أثلج صدر أردوغان، إذ أبلغه أنه لا يعتزم العودة إلى السياسة قريباً، مفنّداً بذلك تصوّر الرئيس أن الرئيس السابق يقف وراء ذاك التيار وينظّمه ويدعمه، تمهيداً لتأسيس حزب جديد من رحم «العدالة والتنمية». وبعد يوم على لقائه أردوغان، اجتمع غل مع بولنت أرينش وحسين شيليك، أبرز صوتين معارضين في الحزب الحاكم. ولم يُسرَّب شيء عما دار في الاجتماع، لكن أرينش قال بعده: «أتمنى أن يأخذ الجميع درساً مما حدث». وكان شيليك صرح إلى صحيفة «حرييت» قبل يومين، بأن «98 في المئة من قياديّي حزب العدالة والتنمية هُمِّشوا ونُحُّوا في شكل مدروس خلال السنوات الأربع الماضية»، واصفاً القيادات الحالية بأنها «وصولية ومتنفّعة»، إذ «كانت تعادي الحزب عندما واجه الجيش، ولم تنضمّ إليه إلا بعدما أدركت أنه هزم كل القوى وبات في فترة رخاء». ولفت في هذا الإطار، إلى حملات إعلامية قاسية يشنّها الإعلام الموالي على أي منتقد لأردوغان أو لسياسة الحزب، أياً تكن صفته. وكان أرينش أشعل النقاش، إذ قال قبل أسبوعين أن أردوغان كان يعلم بكل ما أُنجز مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبدالله أوجلان في مسيرة السلام مع الحكومة، مشيراً إلى أن الرئيس التركي هو من تخلّى عن تلك المسيرة وغيّر رأيه فجأة، ما أغضب الأخير. وعلى رغم أن لا دليل بعد على انتهاء الخلاف بين أردوغان و «التيار المعارض»، وهل الخلاف تمحور حول السياسات العامة للحزب، أم مصالح نفعية وشخصية، باتت أوساط سياسية وإعلامية تحسب حساباً لهذا التيار وتتبع خطواته. كما باتت تلاحق أنباءً عن خلاف بين أردوغان ورئيس الوزراء رئيس «العدالة والتنمية» أحمد داود أوغلو، حول قضايا كثيرة، إذ تفيد معلومات بأن داود أوغلو يحاول جذب بيروقراطيين وحزبيين لتشكيل تيار يدعمه في مواجهة الرئيس التركي، ما يعني عملياً أن الحزب الحاكم بات موزّعاً على ثلاثة ولاءات، لأردوغان وداود أوغلو والقيادات القديمة، وهذه سابقة.