تشكّل المياه محور الجغرافيا السياسية في كل مرحلة من مراحل التاريخ في المنطقة، وأساس التفاعلات الحضارية والصراعات والتدخلات الخارجية، ومازالت المياه مشكلة من أخطر المشكلات التي تواجه العرب، وتحوّل موضوع المياه إلى قضية ساخنة ومركزية في التنمية والسياسات، خصوصاً في الصراع العربي - الإسرائيلي، وهو ابتداء موضع اهتمام عالمي ونقاش جماهيري واسع. وتحتاج السعودية من مياه الشرب المنتجة من محطات التحلية إلى نحو 6 ملايين متر مكعب يومياً في عام 1446ه (2025)، وستصل تكاليف إنشاء محطات التحلية لتغطية هذه الحاجة مع خطوط النقل اللازمة للسنوات المقبلة إلى قرابة 70 بليون ريال، بحسب توقعات مصادر في المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة. وارتفع إنتاج المملكة من المياه المحلاة خلال العام 2008 إلى أكثر من 1103 ملايين متر مكعب، لتجري المياه أنهاراً متدفقة عبر الأنابيب إلى المدن والمراكز في مختلف مناطق المملكة عبر أعماق الصحراء، ولينعم الإنسان السعودي بمصدر دائم ومستقر من المياه العذبة الصالحة للاستعمال من دون مشقة أو عناء. وتجاوز إجمالي الطاقة الكهربائية المصدّرة من محطات المؤسسة للجهات المستفيدة خلال عام 2008 أكثر من 20 مليون ميغاواط/ ساعة. وكانت الحكومة السعودية أعلنت تخصيص 35.4 بليون ريال سعودي من إجمالي موازنتها البالغة 475 بليون ريال للعام 2009، لدعم مشاريع تنمية قطاع الزراعة والمياه، في الوقت الذي أعلنت فيه شركة المياه السعودية أن إجمالي قيمة المشاريع التي تنفذها حالياً والتي ستقوم بتنفيذها يبلغ 28 بليون ريال. وأنفقت حكومة المملكة العربية السعودية على مشاريع المؤسسة العامة لتحلية المياه حتى نهاية العام المالي 1428 - 1429 ه أكثر من 65 بليون ريال، فيما بلغ ما أُنفق على تشغيل وصيانة محطات التحلية ومرافقها نحو 29.463 بليون ريال. وعرفت المملكة العربية السعودية تحلية المياه منذ أكثر من 80 عاماً من خلال عملية التكثيف لتقطير مياه البحر التي كانت تعرف آنذاك باسم (الكنداسة) وكان ذلك عام 1348ه (1928) حين أمر موحّد البلاد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بإنشاء وحدتي تكثيف لتقطير مياه البحر باسم (الكنداسة) لإمداد مدينة جدة بالمزيد من مياه الشرب. ثم أنشئت المراحل الأولى للتحلية في كل من محافظتي الوجه وضباء الواقعتين على ساحل البحر الأحمر في العام 1389ه بطاقة إنتاجية بلغت 60 ألف غالون ماء يومياً لكل محطة، ثم تلتها عام 1390ه محطة التحلية في جدة المرحلة الأولى بطاقة إنتاجية قدرها 5 ملايين غالون ماء يومياً و50 ميغاواط كهرباء. وتواصل التوسّع والتطوّر في صناعة تحلية المياه المالحة بعد صدور المرسوم الملكي في 20 - 8 - 1394ه بإنشاء المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، بصفتها مؤسسة عامة مستقلة لتباشر أعمالها بإنشاء محطات أحادية الغرض لإنتاج المياه المحلاة فقط، أو ثنائية الغرض لإنتاج الماء والكهرباء.