يواجه زعيم حزب «العمال» البريطاني جيريمي كوربن، قبل أسبوع من انتخابات حاسمة، ضغوطاً كبيرة بعد تهم بمعاداة السامية، أدت إلى تعليق عضوية رئيس بلدية لندن السابق كين ليفينغستون في الحزب. وفي محاولة لتطويق الازمة، أكد كوربن أمس (الجمعة)، أنه «لا مكان لمعاداة السامية أو أي شكل من أشكال العنصرية في حزب العمال أو أي مكان آخر في المجتمع». وأضاف: «سنعمل على التأكد من ترحيب حزبنا بأفراد كل الاقليات». وكانت 48 ساعة كافية للزج بأكبر حزب معارض لحكومة المحافظ ديفيد كامرون في عاصفة إعلامية عنيفة وإثارة شكوك بميل إلى معاداة السامية من قبل عدد من شخصيات الجناح اليساري للحزب يصعب معاقبتهم. وبعد ضغط استمر أيام عدة، علق الحزب الاربعاء الماضي، عضوية النائبة ناز شاه لإنها وضعت على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» صورة في العام 2014، تُظهر اسرائيل داخل خارطة للولايات المتحدة، كتب تحتها «حل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني: انقلوا إسرائيل إلى الولاياتالمتحدة ... حلت المشكلة». وتولى ليفينغستون الدفاع عن ناز شاه، قائلاً: «عندما فاز هتلر في انتخابات العام 1932، كانت سياسته هي أنه يجب نقل اليهود إلى اسرائيل. كان يدعم الصهيونية قبل أن يصاب بالجنون وينتهي به الأمر إلى قتل ستة ملايين يهودي». وأضاف: «أنا عضو في حزب العمال منذ أربعين عاماً، لم أسمع أحداً يقول شيئاً معاديا للسامية. سمعت الكثير من الانتقادات لدولة إسرائيل وتجاوزاتها ضد الفلسطينيين، لكني لم أسمع أحداً معادياً للسامية». وسرعان ما انتشرت تصريحاته عبر كل وسائل الاعلام البريطانية، وحمل النائب العمالي جون مان بعنف على ليفينغستون عندما التقاه في إحدى شبكات التلفزيون. ووصفه بأنه «يكيل مديحاً مقززاً للنازية». ولم يتأخر رد فعل قيادة الحزب الذي علق عضوية ليفيغستون، وقال ناطق باسم الحزب أنه «أضر بالحزب»، وعلى رغم أن تعيلقاته «مبالغ فيها» بالتأكيد، إلا أنها «ليست معادية للسامية». وشدد كوربن على أن الحزب «لا يواجه أزمة» رغم تصاعد الجدل، وكان كوربن حقق فوزاً كبيراً في انتخابات آيلول (سبتمبر) الماضي، لكنه يواجه معارضة من قبل عدد من كوادر الحزب. وعنونت صحيفة «ديلي ميل» اليسارية أمس أن حزب «العمال» في أوج «حرب أهلية»، بينما اختارت صحيفة «تلغراف» اليمينية رسما لوردة تشكل جذورها تحت الارض كلمة «لا سامية». ولم يفوت المحافظون فرصة تعميق الازمة قبل أسبوع من انتخابات محلية ستشمل خصوصاً منصب رئيس بلدية لندن الاستراتيجي وأعضاء برلمانات اسكتلندا وويلز وايرلندا الشمالية. وقال كامرون: «من الواضح أن لدى حزب العمال مشكلة مع معاداة السامية». وفي محاولة لتطويق الحريق نظراً لعجزهم عن اخماده على الفور، وعد العماليون بمراجعة بعض اجراءات العمل الداخلي للحزب. وقال الرجل الثاني في قيادة الحزب تومي واتسون لشبكة «بي بي سي» أمس، إن الهدف هو اظهار «عدم التسامح» مع معاداة السامية. وأضاف: «ما قاله كين ليفينغستون ينم عن لؤم وعدوانية وسوقية وجيريمي علق عضويته بشكل مبرر تماما». واعتبرت «هيئة النواب البريطانيين اليهود»، أكبر منظمة لليهود في المملكة المتحدة، أن «تصريحات كين ليفينغستون شائنة وغير مشرفة». وأضافت «يجب طرده الآن من حزب العمال». وصرح رئيس الهيئة جوناثان أركوش «أريد أيضاً أن يعترف جيريمي كوربن بأن لقاءاته السابقة مع معادين للسامية قبل أن يصبح رئيساً للحزب، لم تكن لائقة». واعترف كوربن بأنه التقى أعضاء في «حزب الله» وحركة «حماس» خلال مؤتمر في لبنان للبحث في عملية السلام في الشرق الأوسط. وقال حينذاك: «هل هذا يعني أنني متفق مع (حماس) وأفعالها؟ لا. هل هذا يعني انني متفق مع (حزب الله) وأفعاله؟ لا».