أصبح اليساري الراديكالي جيريمي كوربن رسمياً رئيساً لحزب العمال البريطاني خلفاً لإيد ميليباند، بعد نيله أمس 59.5 في المئة من الأصوات (251419 صوتاً من 610 آلاف) خلال مؤتمر استثنائي عقده الحزب، وبفارق كبير عن منافسيه الثلاثة أندي بورنهام وإيفيت كوبر وليز كيندال. وصرّح كوربن (66 سنة) بُعيد انتخابه أن حزب العمال «متحد وملتزم تماماً في سعينا لبناء مجتمع كريم وأفضل للجميع». وانتقد كوربن، الذي ركّز على شؤون السياسة الداخلية، «نظام الحماية الاجتماعية غير العادل»، داعياً الحكومة المحافظة إلى مزيد من «التعاطف» مع اللاجئين الذين يبحثون عن ملجأ في أوروبا. وشارك كوربن في تظاهرة التضامن مع استقبال اللاجئين التي نظّمت أمس في لندن. وهو يُعدّ أحد أبرز وجوه اليسار المتطرّف، وسيتعيّن عليه النهوض بالحزب بعد خسارته المدوّية في الانتخابات التشريعية التي أجريت في 7 أيار (مايو) الماضي أمام المحافظين بزعامة ديفيد كامرون، وقيادته حتى الانتخابات التشريعية المقبلة في 2020، حيث سيكون المرشّح الطبيعي لمحاولة وضع حد لعشر سنوات من حكم المحافظين. وتمكّن كوربن الداعي إلى السلام والمؤيد لفرض ضرائب إضافية على الأكثر ثراء من حشد مؤيدين يأملون ببديل سياسي، ومن إثارة حماسة لم يكن مسؤولو الحزب يتوقعونها. ما اعتبر بمثابة ثورة صغيرة داخل الحزب الذي كان حتى فترة قصيرة ملتزماً بالنموذج الاجتماعي الديموقراطي الذي دعا إليه توني بلير. وكوربن معارض شرس لسياسات التقشّف على غرار حزبي سيريزا اليوناني وبوديموس الإسباني. وقد ردد في اللقاء الأخير ضمن حملته الانتخابية في شمال ايلنغتون (شمال لندن) معقله الذي يمثله في مجلس النواب منذ العام 1983، شعاراته أمام حشد مؤيّد له. وقال: «نحن نغيّر السياسة في بريطانيا، ونتحدى الفكرة القائمة على أن المسائل الفردية وحدها هي المهمة، ونقول في المقابل أن المصلحة المشتركة هي مطلبنا». ومع أن كوربن لم يحصل على تأييد غيره من النواب، إلا أنه كسب قاعدة الحزب والنقابات من خلال دعوته إلى الانتقال إلى اليسار من خلال مقترحات مثل إعادة تأميم السكك الحديد والطاقة وفرض رقابة على الإيجارات. إلا أن شعبية كوربن المتزايدة ترافقت مع عداوات حتى داخل معسكره، إذ يعتبر كثر أن فوزه سيؤدي إلى انقسام الحزب وسيحد في شكل كبير من فرصه في الفوز في الانتخابات التشريعية المقبلة. وعلّق بلير بالقول «لا يمكنكم الفوز من خلال اعتماد برنامج على يسار اليسار». وتعرض كوربن للانتقاد أيضاً من قبل اليمين، ولو أن المراقبين يرون أن حزب العمال بقيادة كوربن سيشكل فرصة ثمينة للمحافظين الذين سيكسبون عندها الوسطيين غير الموافقين على خطه الراديكالي. وأول من أمس، أعلن كامرون في إشارة إلى الحزب لكن مستهدفاً كوربن «خطابه المتطرّف يعد فقط بمزيد من النفقات والاقتراض والضرائب». وزاد: «آمل ألا نجد أنفسنا أمام معارضة تعيدنا إلى الخلافات التي اعتقدت أنها سوّيت في ثمانينات القرن ال20 عندما كان الأمر يتعلّق بتأميم نصف الصناعات البريطانية والتخلّص من أسلحتنا النووية».