على رغم تراجع عدد الاجتماعات والإعلانات المشتركة مع بولندا وأوكرانيا، اثر وفاة الرئيس البولندي وانتخاب رئيس اوكراني موال لروسيا، ينحسر النفوذ الروسي في أوروبا الوسطى والشرقية انحساراً كبيراً. ولا أظن أن كفة الروس رجحت في قرغيزستان، اثر الانقلاب الأخير. فالاضطراب يتفاقم هناك، منذ اطاحة نظام باكاييف. والروس لم يفلحوا في استمالة دول آسيا الوسطى، بل فاقموا نفور الدول هذه من موسكو. وعجلة رابطة الدول المستقلة مشلولة، وآلية العمل فيها معطلة. وتنتهج روسيا سياسة مزدوجة. فهي تخطب ود الاتحاد الأوروبي، وتتوسل نبرة هيمنة في التوجه الى دول الجوار. ولا تستسيغ الدول هذه سياسة اليد الحديدية الروسية. وتمر دائرة النفوذ السوفياتي السابقة في مرحلة انتقالية. ولا ترغب جورجيا في استعداء روسيا. فنحن لسنا مجانين لنقدم على ذلك. وننظر بعين الإعجاب الى الثقافة الروسية. والعلاقات الثقافية بين الشعبين وثيقة ووطيدة. فأشهر الروائيين بروسيا هو الجورجي بوريس أكونين. وأبرع الراقصين والمغنين على مسرح بولشوي الروسي هم جورجيون. وهذا شأن أبرع الأطباء في موسكو. ولعل استقرار العلاقات بموسكو هو رهن نجاح عملية التحديث في روسيا، وانتقالها من نظام اقطاعي يهيمن عليه بوتين، وجهاز الاستخبارات الروسي الى نظام ليبرالي وديموقراطي. وإذا أخفقت العملية هذه، لم تأمن روسيا هجوم الاضطراب عليها. ونأمل بأن يكون لديمتري ميدفيديف دوراً ما في روسيا، وألا يلقى مصير ميخائيل كالينين، رئيس اللجنة المركزية السوفياتية التنفيذية الذي همِّش دوره في عهد ستالين. وليست جورجيا ضحية عملية مقايضة بين موسكو وواشنطن. فوزير خارجيتها التقى نظيرته الأميركية 6 مرات. ولا تواجه بلادنا عزلة أوروبية أو صفقة ديبلوماسية تشبه اتفاق يالطا أو ميونيخ. فنحن تلقينا مساعدات قيمتها فاقت البليون دولار، في ذروة الأزمة العالمية. ويحرص باراك أوباما في خطاباته على ذكر قضية جورجيا حين يتكلم عن روسيا. فالأميركيون يرغبون في انتهاج نهج سياسة براغماتية، ولكنهم لن يتخلوا عن مبادئهم الأساسية في سبيل ذلك. وواشنطن تطمئننا على حمايتها وحدة الأراضي الجورجية. وشؤون جورجيا تتصدر أولويات أوباما في زيارته موسكو المقبلة. ونحن لا نرغب في أن تصير بلادنا ساحة نزاعات، بل نأمل بأن تكون دائرة حوار وتفاوض. * رئيس جورجيا، موقع «بروجيكت سانديكايت» الدولي، 7/6/2010، إعداد منال نحاس