يقف جندي إسرائيلي، خلف ساتر إسمنتي، على مدخل قرية حوارة جنوب نابلس، ويؤشر إلى المركبات الفلسطينية بالعودة، ولسيارات المستوطنين بالمرور. تعود المركبات الفلسطينية المقبلة من نابلس ومناطق شمال الضفة الغربية في طريقها إلى الجنوب، وتبدأ رحلة البحث عن طرق بديلة عبر القرى المتناثرة، مستعينة بإشارات رسمها سكان تلك القرى على جدران بيوتهم. لكن تلك الطرق الضيقة والأزقة المعدة لأعداد قليلة من المركبات لسكانها فقط، لا تستوعب الأعداد الكبيرة غير المتوقعة من المركبات، فتحدث أزمات مرورية خانقة تستغرق الكثير من الوقت والجهد. وطريق قرية حوارة الرابط بين شمال الضفة وجنوبها، واحد من العديد من الطرق التي أغلقتها السلطات الإسرائيلية أخيراً أمام المركبات الفلسطينية وحصرت استخدامها، معظم ساعات النهار وشطراً من الليل، على المستوطنين. وجاء إغلاق تلك الطرق أمام مركبات الفلسطينيين بعد حدوث أزمات مرورية خانقة في تلك الطرق، الأمر الذي اعتبرت السلطات الإسرائيلية أنه يعرض حياة المستوطنين للخطر. ويقول الفلسطينيون إن السلطات الإسرائيلية لجأت إلى الحل الأسهل وهو الفصل العنصري من أجل حل مشكلة الاختناقات المرورية، واختارت إبعاد الفلسطينيين عن طرقهم التي تمر عبر قراهم، وتخصصيها للمستوطنين الذين يحتلون أرضهم ويهددون حياتهم ومستقبلهم في بلادهم. وقال مسؤول ملف الاستيطان في محافظة نابلس غسان دغلس: «إغلاق الطرق أمام الفلسطينيين سبّب معاناة كبيرة، وبيّن عقلية الاحتلال القائمة على التمييز العنصري وتسهيل حياة المستوطنين على حساب حياة الفلسطينيين». وينشر مكتب الارتباط الفلسطيني كل يوم تحديثاً للفصل العنصري بين المستوطنين والفلسطينيين على الطرق. وجاء في التحديث الأخير الصادر عن المكتب الذي يتلقى التعليمات الصادرة عن الجانب الإسرائيلي، تحت عنوان «حالة الطرق» ما يلي: - حاجز حوارة مغلق للخارجين من نابلس من الساعة الخامسة فجراً وحتى الساعة العاشرة ليلاً، وسالك للداخلين. - حاجز زعترة للداخلين لنابلس مغلق من الساعة الواحدة بعد الظهر حتى الساعة الثانية بعد الظهر، ومن الساعة الرابعة بعد الظهر إلى الساعة السادسة مساء. - كل الطرق في محافظة طولكرم سالك، باستثناء طريق شوفة المفتوحة أمام سكان شوفة فقط. - حالة الطرق في محافظتي جنين وطوباس سالكة. - حالة الطرق لمحافظة رام الله وضواحي القدس: جبع مغلق للخارجين حتى الساعة 9 صباحاً. - حاجز المحكمة مفتوح. عطارة وعين سينيا مفتوح. بيت عور مفتوح. الجلزون مغلق ببوابة. طريق عين يبرود مفتوحة. - الطرق إلى محافظتي قلقيلية وسلفيت سالكة. وتشهد الطرق المارة عبر الضفة ضغطاً متزايداً نتيجة تزايد أعداد المستوطنين والنمو الطبيعي للسكان. ويشير آخر الإحصاءات الصادرة عن مكتب الإحصاء المركزي في إسرائيل إلى أن عدد المستوطنين في الضفة، بما فيها القدسالشرقية، بلغ 660 ألف مستوطن، بينهم 370 في الضفة والبقية في القدس. وتشير التقديرات إلى أن عدد المستوطنين سيرتفع إلى مليون في السنوات الخمس المقبلة بعد استكمال بناء مشاريع التوسع الاستيطاني الجارية. وأقامت السلطات الإسرائيلية في السنوات العشر الماضية طرقاً خاصة للمستوطنين في أنحاء مختلفة من الضفة المزروعة بالمستوطنات، ومنعت الفلسطينيين من استخدامها. ومنذ حوالى شهر، أغلق العديد من الطرق العابرة للقرى والبلدات الفلسطينية أمام الفلسطينيين، وخصص للمستوطنين معظم ساعات النهار والليل. وفي إجراء عنصري فاضح، أغلق بعض تلك الطرق على الفلسطينيين في ساعات الصباح الأولى، وهي الساعات التي يتوجه فيها المستوطنون إلى أعمالهم في إسرائيل، وفي ساعات ما بعد العصر، وهي الساعات التي يعود فيها المستوطنون إلى بيوتهم في المستوطنات. وأبلغت السلطات الإسرائيلية السلطة الفلسطينية أنها تعتزم فتح طرق جديدة وتوسيع الطرق القائمة من أجل استيعاب الأعداد المتزايدة من المستوطنين والمواطنين. لكن إلى أن يتحقق ذلك، سيظل الفلسطينيون يعانون من إغلاق طرقهم، وما يزيد من معاناتهم أنهم يشاهدون سارقي أرضهم من المستوطنين وهم يستمتعون بها يومياً بينما هم يجاهدون في البحث عن طرق بديلة غالباً ما تكون وعرة وعورة الحياة تحت الاحتلال.