فيينا، باريس، واشنطن – «الحياة»، أ ب، أ ف ب - سعت إيران أمس، الى احتواء «العاصفة» التي أثارتها عقوبات إضافية أقرها مجلس الأمن في حقها الأربعاء، مؤكدة أنها لن تدفعها الى «تبني قرارات متطرفة». لكنها بدت على وشك «الاشتباك» مع الصين التي أيدت العقوبات، إذ اتهمتها بانتهاج سياسة «الكيل بمكيالين»، معتبرة انها «ستفقد تدريجاً مكانتها في العالم الإسلامي». في غضون ذلك، أكدت موسكو أن العقوبات لا تمس صفقة لتسليم طهران أنظمة صواريخ روسية من طراز «أس-300» المضادة للطائرات، محذرة الغرب من أنها ستردّ إذا أدت العقوبات الجديدة على طهران، إلى إجراءات عقابية إضافية تستهدف أفراداً أو شركات روسية. علماً أن الاتحاد الأوروبي يتجه الى «تدابير إضافية» في حق إيران، تنسجم مع تأكيد واشنطن ان قرار مجلس الأمن يوفر أساساً قانونياً لتحرك منفرد. تزامن ذلك مع تأكيد تركيا والبرازيل اللتين صوّتتا ضد العقوبات، ان القرار «خطأ» بدد «فرصة تاريخية للتفاوض» مع طهران. واعتبر رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي قرار العقوبات «اقتراحاً فقط»، مشيراً الى ان بلاده تنتظر عودة الرئيس محمود احمدي نجاد من جولة آسيوية، «للبحث في هذا المشروع». وقال: «الطرف الآخر (الغرب) يريد دفعنا إلى تبني قرارات متطرفة، لكنه يخطئ على عادته»، وأكد أن إيران ستتحرك «مع أخذ مصالحها القومية وعظمتها في الاعتبار». ووصل نجاد الى شنغهاي لحضور «يوم إيران» في معرض دولي. واللافت كان لهجة غير مألوفة في تعاطي طهران مع بكين التي أيدت العقوبات، إذ قال صالحي: «فاجأتني الصين التي تقبل هيمنة (الولاياتالمتحدة)». وحذر من أن هذا «الموقف ستكون له مضاعفات في العالم الإسلامي»، معتبراً أن الصين «ستفقد تدريجاً مكانتها في العالم الإسلامي، وعندما تستيقظ سيكون فات الأوان». كما اتهم بكين بانتهاج سياسة «الكيل بمكيالين»، لدفاعها عن كوريا الشمالية التي انسحبت من معاهدة حظر الانتشار النووي، بينما إيران ما زالت عضواً فيها. لكن الناطق باسم الخارجية الصينية كين غانغ شدد على أن بلاده «تولي أهمية كبرى لعلاقاتها مع إيران»، مذكّراً بتمسك بكين بإيجاد تسوية سلمية للملف النووي الإيراني. الى ذلك، توقع تحليل نُشر على موقع «بيدايجست» المتخصص في المعلومات الاقتصادية والنفطية الإيرانية، ألا تؤثر العقوبات الجديدة على «الأعمال اليومية» في إيران، إلا من حيث «تأثيرها النفسي». في إسطنبول، اعتبر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ان بلاده كانت مارست «تصرفاً معيباً» لو وافقت على العقوبات. وقال: «لا نريد أن نكون شركاء في هذا الخطأ، لأن التاريخ لن يغفر لنا». لكنه أشار الى أن تركيا والبرازيل ستواصلان سعيهما الى «إبقاء الاتفاق مع طهران مطروحاً على الطاولة»، في إشارة الى اتفاق تبادل الوقود النووي. في الوقت ذاته، اعتبر الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا قرار مجلس الأمن الرقم 1929 «إنجازاً باهظ الثمن»، بدد خلاله المجلس «فرصة تاريخية للتفاوض في هدوء في شأن البرنامج النووي الإيراني». في موسكو، أكد الناطق باسم وزارة الخارجية أندريه نيسترينكو إن العقوبات الجديدة «لا تلزم» بلاده بالامتناع عن تنفيذ اتفاق لبيع إيران أنظمة صواريخ من طراز «أس-300»، وذلك بعدما نقلت وكالة «انترفاكس» عن مصدر في صناعة السلاح الروسية أن «قرار مجلس الأمن يجب أن تطبقه كل الدول، وروسيا ليست استثناءً. لهذا السبب، جُمّد عقد تسليم إيران أنظمة أس-300». وحذرت الخارجية الروسية من أنها لن تتغاضى عن «الإشارات التي تصلنا حول رغبة بعض شركائنا، في البدء باتخاذ تدابير أكثر صرامة ضد إيران، أي أكثر من تلك المنصوص عنها في قرار مجلس الأمن». وأضافت ان هذه القرارات «ستواجَه بإجراءات انتقامية، إذا أثرت على الشركات أو الأفراد في روسيا». لكن موسكو أثارت استياء الإيرانيين، بإعلانها أن أي بلد خاضع لعقوبات دولية، لا يحق له الانضمام الى «منظمة شنغهاي للتعاون» التي تسعى طهران الى عضويتها. في غضون ذلك، بدا أن لندن تتزعم التحرك لفرض عقوبات أوروبية إضافية على إيران. وشدد وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بعد لقائه نظيره الألماني غيدو فسترفيلليه في برلين على أهمية: «أن يتخذ الاتحاد (الأوروبي) تدابير إضافية، ليظهر استعداده في هذا الموضوع أو مواضيع أخرى، لاستخدام نفوذه في العالم». وأشار الى أن وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد، سيناقشون ذلك خلال اجتماع في لوكسمبورغ الاثنين المقبل. في فيينا، شهد اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي ناقش أمس ملف «القدرات النووية الإسرائيلية»، للمرة الأولى منذ 19 سنة، «اشتباكاً» بين إيرانوالولاياتالمتحدة في هذا الشأن، فيما حضّت الدول العربية، مدعومة من طهران، إسرائيل على الانضمام الى معاهدة حظر الانتشار النووي.