تصاعدت في مصر حدة الأزمة المشتعلة بين المحامين والقضاة، في الوقت الذي أدى فيه إعلان المحامين إضراباً عن العمل وحضور الجلسات إلى ارتباك جزئي في المحاكم المصرية. وبدا أن الأزمة التي فجّرتها محاكمة محاميين اثنين بتهمة الاعتداء على وكيل نيابة في مدينة طنطا (دلتا النيل) قبل أن تعاقب محكمة أول من أمس المحاميين إيهاب إبراهيم ومصطفى فتوح بالسجن 5 سنوات، في طريقها للاحتدام خلال الأيام المقبلة في ظل إصرار كل طرف على أنه المجني عليه. واشتبكت الشرطة أمس مع عشرات المحامين لدى محاولتهم الخروج في مسيرة تبدأ من مقر نقابتهم في وسط القاهرة في اتجاه دار القضاء العالي والنائب العام المجاورين للنقابة، للتعبير عن غضبهم تجاه الحكم الصادر في حق اثنين من زملائهم في مدينة طنطا. واقتحم أمس مئات المحامين مكتب المحامي العام لنيابات شرق طنطا المستشار إيهاب عصمت في مجمع محاكم مدينة المحلة الكبرى (دلتا النيل) واشتبك المحامون مع مدير مكتب المحامي العام، ما دعا الشرطة إلى التدخل واعتقال 33 محامياً تمهيداً لإحالتهم على القضاء. ووضعت الأزمة الجديدة «هيبة» القضاء المصري على المحك خصوصاً أن الاعتداء على القضاة داخل ساحات المحاكم تكرر خلال الأشهر الأخيرة في حوادث مختلفة في شكل «غير مسبوق». لكن الأزمة الأخيرة جاءت في مصلحة نقابة المحامين ونقيبهم حمدي خليفة، إذ أنها بدّلت المواجهات والتراشق الذي حدث في الفترة الأخيرة بين عدد من كبار المحامين في مصر في مقدمهم محامي الإسلاميين منتصر الزيات والنقيب السابق سامح عاشور، إضافة إلى محامي «الإخوان» من جهة، والنقيب حمدي خليفة من جهة أخرى، والتي وصلت إلى حد المطالبة بعقد جمعية عمومية للنقابة للنظر في عزل خليفة من منصبه. لكن مع تصاعد الأزمة بدا التناغم واضحاً بين المحامين على مختلف انتماءاتهم. ودعا وكيل أول نادي القضاة في مصر المستشار عبدالله فتحي، من جهته، نقابة المحامين إلى الالتزام بأحكام القضاء التي صدرت «بعد تحقيق أثبت من هو المدان والمخطئ»، لكنه رفض التعليق على التصعيد الذي تقوم به نقابة المحامين بإعلانها إضراباً عاماً بعد اتهامها وكيل النيابة بالبدء في الاعتداء على المحاميين إيهاب إبراهيم ومصطفى فتوح. وقال المستشار فتحي ل «الحياة»: «ندعو إلى الالتزام بحكم المحكمة، والذي صدر (أول من أمس) بسجن المحاميين الاثنين، وإلا فإننا سنعود إلى شريعة الغاب لنجد أن من يصدر في حقه حكم قضائي لا يلتزم به ويقوم بالاعتصام». وتابع: «نحن في دولة يحكمها القانون، والقضاء أثبت من هو المخطئ». وكان رئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند اعتبر في وقت سابق أن إضراب المحامين «وسيلة للتهييج والإثارة». وأكد في مؤتمر صحافي عقد قبل يومين: «لو أضربوا على مستوى الدولة أو الشرق الأوسط أو العالم فإن ذلك لن يثنينا عن أن ينال المخطئ أياً كان عقابه». واجتمع أمس نقيب المحامين حمدي خليفة مع النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود للمرة الثانية خلال فترة وجيزة في محاولة لإنهاء الأزمة المتفجرة والتوصل إلى حلول تضمن الحفاظ على هيبة القضاء والسيطرة على غضب المحامين وتأمين تراجعهم عن قرار الإضراب العام عن العمل في المحاكم المصرية. ويأتي ذلك في الوقت الذي نظمت النقابة العامة للمحامين في القاهرة تظاهرة حاشدة بحضور أكثر من ألفي محام ظلوا يرددون هتافات تندد بحكم الحبس الصادر بحق المحاميين، وتطالب بمحاكمة كل من رئيس المحكمة الذي أصدر حكم الإدانة ورئيس نادي قضاة مصر والنائب العام. وشدد حمدي خليفة في المؤتمر الصحافي الذي عقده في مقر النقابة، على أن «لا تنازل عن الإضراب العام عن العمل والمثول أمام المحاكم الجنائية في القضايا، والاعتصام إلى حين التوصل إلى حل يرضي نقابة المحامين ويتم بموجبه الإفراج عن المحاميين المدانين»، مشيراً إلى أن الإضراب الذي بدأ أول من أمس نجح بنسبة 100 في المئة في كل المحافظات عدا القاهرة.