طغت «وثائق بنما» على أجواء اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدولي في واشنطن، وشكّلت تداعياتها تحدياً أمام وزراء مال مجموعة العشرين في لقائهم أمس. كما وجهت أبرز خمسة اقتصادات أوروبية بينها فرنساوبريطانيا، نداء مشتركاً مساء أول من أمس، حضّ الوزراء على التحرك بوضع لائحة جديدة للملاذات الضريبية، وإنهاء السرية المحيطة بشركات ال «أوفشور». وتُضاف ضغوط «وثائق بنما» إلى تحديات أخرى يواجهها وزراء المال، تستدعي منهم بذل جهود إضافية لتحسين النمو العالمي. وقالت المديرة العامة لصندوق النقد كريستين لاغارد: «نحن في حالة تنبّه وليس حالة إنذار». وشخّص ممثلو أبرز الدول الصناعية والناشئة في مجموعة العشرين، الذي بدأوا لقاءاتهم مساء أول من أمس، الوضع عبر الإشارة إلى الأخطار المهددة للنمو. ولن تغيب قضية احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في بيانهم الختامي، إذ قبل شهرين ونصف شهر من استفتاء سيقرر المستقبل الأوروبي لهذا البلد، تثير احتمالات خروج بريطانيا من أوروبا قلق أوساط الأعمال والعواصم الغربية. وأكدت لاغارد أنها «أخطار واردة»، آملة ب «عدم انقطاع الرابط بين الاتحاد ولندن». وشدّدت على «إمكان الحوار للمساعدة». وتشهد دول كثيرة أوضاعاً اقتصادية غير مستقرة، بسبب تراجع أسعار المواد الأولية الذي يزداد تحت تأثير التباطؤ الاقتصادي في الصين وبطء النشاط. وأعلنت مجموعة ال24 التي تضم الدول الناشئة وذات الدخل المحدود، «استمرار مواجهة طلب عالمي أكثر ضعفاً، وشروطاً مالية أصعب وتدفقاً لرؤوس أموال أضعف وتحديات أمنية مرتفعة أكثر». لكن تهديدات أخرى خارج الإطار الاقتصادي تلقي ثقلها على النمو العالمي، خصوصاً أزمة المهاجرين والتغير المناخي والأوبئة. وقال رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، إن «كلاً من هذه الأخطار الثلاثة يلقي ثقله على الاقتصاد العالمي مع تداعيات قد تؤدي الى تدهوره». ويُرجح ألا تذكر مجموعة العشرين كل هذه الأخطار في بيانها الختامي، لكن يمكن أن تتعثر حول الزلزال الذي أحدثته فضيحة «أوراق بنما»، التي كشفت عن نظام دولي واسع النطاق للتهرب الضريبي. وأكد صندوق النقد والبنك الدولي، أن «المعركة للوصول الى الشفافية المالية ضرورة في هذه الفترة من التباطؤ الاقتصادي والتقشف في الموازنة». واعتبر وزير المال البريطاني جورج أوزبورن، خلال مؤتمر صحافي، أن «التنديد لا يكفي، يجب القيام بتحرك دولي الآن». وتهدف المبادرة الأوروبية أيضاً، والتي شاركت فيها ألمانيا، إلى إنهاء نظام يتيح إنشاء شركات من دون الكشف عن هوية المساهمين فيها. وشدّد وزير المال الألماني ولفغانغ شويبله، على ضرورة «ألا يكون أحد قادراً على التخفّي خلف هيئات قانونية معقدة في المستقبل». كما يجب الانتظار لمعرفة كيف سيتلقى أعضاء مجموعة العشرين هذا الاقتراح، خصوصاً الولاياتالمتحدة. كما أن بعض الولايات الأميركية لا سيما ديلاوير، عرفت بالسهولة التي يمكن فيها أياً كان إنشاء شركة من دون الكشف عن هويته، ما يجعل اقتفاء أثره من سلطات الضرائب أمراً مستحيلاً عملياً. وفي انتظار صدور قرارهم، سجل وزراء مال مجموعة العشرين عودة الأرجنتين إلى صفوفهم، بعدما قطعت عزلتها على الساحة الاقتصادية الدولية عبر تسوية الخلاف الطويل حول ديونها. وأعلن وزير المال الأرجنتيني ألفونسو برات - غاي، أن الأرجنتين «عائدة»، شاكراً غالبية الأطراف ل «تحلّيهم بالصبر خلال السنوات الأخيرة».