في خطوة استراتيجية تعكس فلسفة القيادة الحكيمة في حماية المجتمع وتعزيز أمنه الداخلي، جاء إعلان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظه الله - عن استحداث "الإدارة العامة للأمن المجتمعي ومكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص"، ضمن توجيهاته المستمرة بتطوير وتعزيز كفاءة المنظومة الأمنية في المملكة، في إطار رؤية سموه الاستراتيجية، التي تخطط لمستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا، مع ضمان بيئة آمنة للمواطنين والمقيمين على حد سواء. إن هذه التوجيهات تُعد امتدادًا لرؤية سموه في تحقيق استقرار المجتمع السعودي، من خلال مواجهة التحديات الأمنية بكل فعالية، وتعكس التزام المملكة بالارتقاء بجودة الحياة وحماية الحقوق الشخصية والحريات. وتأتي في وقت يشهد فيه العالم تطورًا ملحوظًا في التهديدات الأمنية، مما يعزز من أهمية المبادرة السعودية في حماية الجبهة الداخلية وضمان أمن المواطن. أبعاد محلية ودولية: أضحت هذه التوجيهات منهج عمل لأبناء الوطن، ووزارة الداخلية، بأهمية مواجهة الجرائم التي تهدد الحقوق الشخصية، وتمتهن الحريات الأساسية المكفولة شرعًا ونظامًا، فيصبح المستهدف تعزيز أمن المجتمع وسلامته عبر مكافحة الشبكات الإجرامية، مع التنسيق المباشر مع الجهات المحلية والدولية ذات العلاقة. ومن عبقرية القرار أنه يعكس قدرة المملكة على مواكبة التحديات الأمنية، بل ويعزز من سياستها الرامية إلى التصدي لكل التهديدات التي قد تمس كرامة الأفراد أو حقوقهم الأساسية، عبر تعزيز الإجراءات الوقائية والردعية في مواجهة هذه الجرائم، والمساهمة في تعزيز لُحمة المجتمع وحمايته من التهديدات التي قد تؤثر سلبًا على استقراره. كما يعكس الالتزام بتطبيق الاتفاقات الدولية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وتعزيز مكانة المملكة على الساحة العالمية في مجال حماية حقوق الإنسان وحفظ كرامة الأفراد، والتعاون مع المنظمات الدولية، وتبادل الخبرات وتوفير أفضل الممارسات لمكافحة هذا النوع من الجرائم العابرة للحدود. تعزيز الوعي المجتمعي: واحدة من أبرز فوائد هذا القرار دوره الفاعل في رفع الوعي المجتمعي حول خطورة جرائم الاتجار بالأشخاص، من خلال برامج توعوية متنوعة، ومن ثم تعليم الأفراد كيفية حماية حقوقهم والتعرف على الطرق النظامية والقانونية للتصدي لأي تجاوزات، ليشكل هذا الوعي عنصرًا أساسيًا في بناء مجتمع أكثر أمانًا وقدرة على التصدي لهذه الجرائم. التزام بالإصلاحات الأمنية: يُعد هذا القرار جزءًا من الجهود المستمرة للمملكة في تعزيز قدراتها الأمنية، ويعكس رؤية القيادة في تقديم نموذج متكامل للحفاظ على الأمن الداخلي، حيث يُظهر القرار حرص المملكة على تحقيق الاستقرار الاجتماعي وتعزيز مفهوم العدالة في المجتمع، ما ينسجم تمامًا مع أهداف "رؤية 2030" لبناء مجتمع آمن ومستقر يسهم في تحقيق التنمية الشاملة. وتأتي هذه التوجيهات الحكيمة امتدادًا لجهود المملكة، التي بدأت بإصدار "نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص" بالمرسوم الملكي (م/40) بتاريخ 21/7/1430ه، حيث وضع هذا النظام الأسس القانونية لمكافحة الاتجار بالأشخاص في المملكة، مما يضمن وضع إطار نظامي وقانوني لحماية الأفراد من هذه الجرائم والحد منها بشكل فعال، وتعزيز سبل الحماية الاجتماعية التي تتماشى مع أحدث المعايير الدولية في هذا المجال. وجاء نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص في 15 مادة، عرّفت جرائم الاتجار بالأشخاص بأنها: "استخدام شخص، أو إلحاقه، أو نقله، أو إيواؤه، أو استقباله من أجل إساءة الاستغلال"، وأشارت أيضًا إلى الجرائم عبر الحدود الوطنية، في دولة أو دول أخرى. وحظرت المادة الثانية من النظام الاتجار بأي شخص، بما في ذلك إكراهه أو تهديده أو الاحتيال عليه أو خداعه أو خطفه، أو استغلال الوظيفة أو النفوذ، أو إساءة استعمال سلطة ما عليه، أو استغلال ضعفه، أو إعطاء مبالغ مالية أو مزايا أو تلقيها لنيل موافقة شخص له سيطرة على آخر من أجل الاعتداء الجنسي، أو العمل أو الخدمة قسرًا، أو التسول، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد، أو نزع الأعضاء، أو إجراء تجارب طبية عليه. وفي المادة الثالثة، وُضع إطار للعقاب لكل من يقترف هذه الجرائم، حيث يعاقب كل من ارتكب جريمة الاتجار بالأشخاص بالسجن مدة لا تزيد على (خمس عشرة) سنة، أو بغرامة لا تزيد على (مليون) ريال، أو بهما معًا.