واصلت السلطات الأردنية إغلاق مقرات جماعة «الإخوان المسلمين» في مناطق المملكة كافة، بعد يوم واحد من إغلاق المقر الرئيسي للجماعة في العاصمة الذي جرى أول من أمس الأربعاء، فيما لا يزال شعور الصدمة يخيم على قادة الجماعة على رغم خطاب التحدي والرفض للإجراء الحكومي الذي صدر عن بعض قادة الجماعة الذين وصفوا الإجراء بأنه «سياسي عرفي وقمعي». فقد أغلقت السلطات مقرات ومكاتب الجماعة في محافظات إربد والمفرق ومادبا والعقبة وجرش، وعلمت «الحياة» أن الحكام الإداريين لبقية المحافظات تلقوا تعليمات من وزارة الداخلية بإغلاق مكاتب ومقرات الجماعة في محافظاتهم بأسرع وقت ممكن. وقالت مصادر مطلعة في وزارة الداخلية الأردنية ل «الحياة»، إنه سيتم إغلاق مقرات ومكاتب جماعة «الإخوان المسلمين» كافة في المملكة تباعاً، تنفيذاً للقانون الذي حظر عمل الأحزاب والجمعيات السياسية من دون ترخيص. ووصف المراقب العام للجماعة همام سعيد إغلاق مقرَّي الجماعة ب «الهجمة المنكرة التي لم تراعِ مصلحة هذا البلد (...) تحت ذرائع لا يقبلها أي حريص على المصلحة العليا للأردن والأردنيين»، كما قال في رسالة وجهها لأعضاء الجماعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي كافة. وقال مخاطباً أفراد الجماعة: «إن دعوتكم أيها الإخوان المسلمون دعوة ربانية، مقراتها قلوبكم، ومراكزها بيوتكم وبيوت الأردنيين الشرفاء، وهي في كنف الله ورعايته إن شاء الله، وهو القابض الباسط، ولن تضيركم أبداً هذه الإجراءات، وها هم إخوانكم في مصر تعرضوا لابتلاءات جسام، وها هم إخوانكم في فلسطين يتحدون أعتى حالات الإجرام والاستئصال والدمار، فما لانت لهم قناة وما ضعفت لهم عزيمة». وتستعد جمعية «الإخوان المسلمين» التي رخصتها الحكومة العام الماضي لتسلم المقرات التي أغلقتها السلطات كافة، باعتبارها الممثل الشرعي والقانوني ل «الإخوان المسلمين» في الأردن. يذكر أن «الجماعة» تتألف من قيادات انشقت عن التنظيم الأم، ما أدى إلى أكبر أزمة داخلية تعصف بالتنظيم في الأردن منذ تأسيسه عام 1946. ويبدو أن صدمة إغلاق مقرات الجماعة طغت على خسارتها المدوية في انتخابات نقابة المعلمين (أكبر نقابة مهنية في المملكة)، والتي يرجع الفضل للجماعة والتيار الإسلامي الذي تمثله في إنشائها قبل خمس سنوات مع بدء الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح السياسي في الأردن على وقع موجة الربيع العربي. وفي التفاصيل فقد خسر مرشح «الإخوان» لمنصب نقيب المعلمين محمد المصري، الذي حصل على 147 صوتاً، فيما حصل منافسه باسل فريحات المحسوب على تيار المستقلين على 159 صوتاً ليفوز بمنصب النقيب. ولم تخسر الجماعة فقط منصب النقيب، بل خسرت أيضاً معظم مقاعد مجلس النقابة البالغ عددها 11 مقعداً، ولم تتمكن من الحصول سوى على مقعدين فقط من هذه المقاعد. وخلال فترة سيطرتهم على النقابة، اتهم الإسلاميون بإقصاء التيارات الأخرى وبخدمة منتسبيهم ومريديهم على حساب بقية المنتسبين للنقابة، كما اتهم المجلس السابق للنقابة بالتفرد بالقرارات وافتعال المشاكل مع السلطات التعليمية في المملكة. ويدرس المراقبون حالياً السيناريوات والاحتمالات المفترضة كافة بعد الضربات الأخيرة التي تلقتها الجماعة، غير أن المراقبين يستبعدون تسليم الجماعة بالأمر الواقع في هذه المرحلة، ويعتقد هؤلاء بان الجماعة ستلجأ للبحث عن مخرج من المأزق الذي تعيشه حالياً، وأنه ليس بواردها حالياً التصالح مع فريقها المنشق الذي يتمتع بالشرعية تحت مسمى «جمعية الإخوان المسلمين»، أو «مجموعة الحكماء» التي أخذت مساراً مستقلاً تحت عنوان مبادرة الشراكة والإنقاذ، أو آخر ما تأسس من أحزاب سياسية حزب زمزم، الذي يضم مجموعة من القيادات المنشقة عن الجماعة الأم.