فازت جماعة «الإخوان المسلمين» في الأردن أمس بمنصب نقيب المعلمين الأردنيين، خلال الانتخابات التي اختار فيها المعلمون مجلساً لنقابتهم التي باتت أكبر نقابة مهنية في البلاد. وحصل مرشح «الإخوان» الفائز بالمنصب حسام المشة على 219 صوتاً من أصل 299 معلماً هم أعضاء الهيئة المركزية الذين فازوا بانتخابات الفروع التي جرت قبل أسبوعين، ليصبح بذلك ممثلاً لقطاع المعلمين الذي يبلغ 150 ألفاً في القطاعين العام والخاص، شارك 78 في المئة منهم في ثاني انتخابات لنقابتهم الشهر الماضي. وقال المشة فور صدور النتائج إن «النقابة لن يكون بينها وبين أجهزة الدولة أي صراع، وإذا لم نستطع من خلال التفاهمات أن نصل إلى حقوق المعلمين، فلنا الحق باستخدام الفعاليات العامة والأنشطة لتحصيل حقوقهم التي هي بالنسبة إلينا خط أحمر». وكانت جماعة «الإخوان» ألقت بثقلها خلال الانتخابات الماضية التي جرت عام 2012 وراء نقيب المعلمين السابق مصطفى الرواشدة المحسوب على التيار القومي، ليكون أول نقيب لمعلمي الأردن بعد أكثر من نصف قرن على غياب النقابة. وحصدت الجماعة وحلفاؤها الشهر الماضي نحو 75 في المئة من مقاعد النقابة الموزعة على محافظات المملكة، كما تمكن التحالف ذاته من الفوز بمعظم مقاعد هيئات الفروع في محافظاتالأردن ال 12. وجاء حصول المعلمين على نقابتهم بعد نضال طويل ظهر بكثافة عام 2010 عندما بدأوا إضرابات واعتصامات احتجاجاً على تصريح لوزير التربية والتعليم السابق إبراهيم بدران انتقد فيه المعلمين بشدة وطالبهم بأن يهتموا بمظهرهم وأن يحلقوا ذقونهم. وتواصل حراك المعلمين على وقع رفض الحكومات المتعاقبة حصولهم على النقابة بسبب مانع دستوري قالت إنه يمنع موظفي الحكومة من الانخراط في النقابات. وكثف المعلمون حراكهم إلى أن حصلوا على فتوى دستورية تجيز لهم إنشاء النقابة. واعتبرت حكومة عبد الله النسور مراراً أن انتخابات المعلمين وسيطرة معارضين عليها، على رغم حساسية قطاعهم الأكثر تأثيراً في المجتمع، تؤكد جديتها في المضي قدماً نحو الإصلاح السياسي وضمان نزاهة أي انتخابات. لكن الحكومة لم تطلق أي إشارات تبين موقفها من الفوز الأخير لجماعة «الإخوان». وخلال الأشهر الماضية، بدا أن الحكم يرغب في عدم التصعيد ضد الجماعة، وعدم الانفتاح عليها أيضاً، أو الدخول معها في حوار ينهي حال الجفاء التي جذّرتها انتفاضات الربيع العربي مع التنظيم الذي يُعتبر المعارضة الرئيسة في البلاد. وجاءت هذه الرغبة بعد أن خفضت الجماعة من سقف مطالبها وقررت سحب مؤيديها من الشارع، على وقع التحديات التي تهدد وجودها في المنطقة، خصوصا بعد إطاحة جماعتها الأم في مصر. وكان لافتاً التصريحات التي أطلقها الرجل الثاني في «الإخوان» زكي بني أرشيد، عشية انتخابات المعلمين، والتي ذهب فيها إلى حد القول إن «اللحظة الراهنة مناسبة لدخول النظام والإخوان في حوار وطني ينهي حال الاحتقان الذي تعيشه البلاد». وأضاف أن «المعارضة والإخوان تعتبر المرحلة الحالية انتقالية، وتطالب النظام بأن يعتبرها كذلك للدخول في حوار جاد من أجل الخروج ببرنامج وطني لأن الظرف الراهن يؤكد حاجة الجميع لتوافق وطني جامع». وقال الناطق السابق باسم الحكومة الأردنية، الوزير سميح المعايطة، ل «الحياة» إن «الحكم في الأردن يعبر عن حال مميزة، فهو لا يقلد الآخرين في تعاملهم مع الإخوان، لكن الكرة في ملعب الجماعة اليوم، وعليها معالجة آثار إدارتها لمرحلة الربيع العربي». وأضاف أن «الدولة لم تغير آليات تعاملها مع الإخوان حتى بعد الربيع العربي، لكن الجماعة، خلال فترة الاضطرابات التي شهدتها المنطقة، غيرت من آليات تعاملها مع الدولة، ونظرت إليها بفوقية، وذهب بعض قادتها إلى حد الحلم بإحداث تغيير جذري للنظام».