في ظل ما تعيشه المنطقة من تقلبات جوية حادة، وحال متقطعة من الأمطار الرعدية الهاطلة بغزارة سالت على إثرها الأودية والشعاب، وتحولت بعض شوارع السعودية الكبرى إلى أنهار من الماء الجارف، ولاسيما أن نسب الأمطار تسجل نسباً فوق استعدادات المدن والناس لاستقباله، مما يتسبب في نتائج غير محمودة. واحدة من تلك النتائج التي تجدد ظهورها على وقع كل قطرة مطر تنهمر من السماء هي قصة «تعليق الدراسة»، التي تتردد في البدء إشاعة قبل أن تكبر مثل «كرة ثلج»، ويحيق الخطر بالمدينة وطلابها ثم يقرر من بيده الأمر تعليق الدراسة وإلغاء الدوامات، وفي كل مرة يرتبك المسؤول ويقع الطلاب والمعلمون في دوامة لا نهاية لها، قبل أن يستقر في علم الجميع أن الدراسة عُلقت لسوء الأحوال الجوية. مما زاد الارتباك ما أكده المتحدث باسم وزارة التعليم مبارك العصيمي أن تعليق الدراسة في الظروف الجوية المختلفة من صلاحيات مديري التعليم، وذلك بالتنسيق مع لجنة الدفاع المدني والرئاسة العامة للأرصاد. وربما دشن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وسماً حمل اسم جهة تعليمية «ما»، منتقدين فيها بطء قرار الإدارة المسؤولة في اتخاذ قرار تعليق الدراسة، الذي يأتي أحياناً في الرمق الأخير، مما يضطر بعضهم لحضور دوامه وغاب عنه خبر التعليق. ويحدث أحياناً أن يوجه تعليقاً للدراسة حرصاً على سلامة المنسوبين، ولكن القرار يسري على فروع معينة من المؤسسة التعليمية من دون غيرها، وكأن المطر اختص بها عن سواها. ولكن النتيجة الأكثر فظاظة، وتلقى من رواد الشبكات الاجتماعية كل الاهتمام، هي حال الانكشاف التي تواجهها البنية التحتية لبعض المدن، وقدرتها على استيعاب كميات المطر الغزيرة وساعات هطوله الطويلة، إذ تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع الفيديو قالوا إنها من داخل جامعة الإمام، بعد أن أغرقتها مياه الأمطار الغزيرة التي شهدتها الرياض، وأظهرت تسرباً كبيراً للمياه داخل المباني بصورة «شلالات». وشهدت منطقة الرياض وعدد من المحافظات التابعة لها هطول أمطار غزيرة مصحوبة بسحب رعدية، تسببت في عرقلة السير واحتجاز بعض السيارات في مياه الأمطار. وأعلنت المديرية العامة للدفاع المدني وقوع حالات احتجاز عدة للسيارات بسبب الأمطار الغزيرة التي هطلت على مدينة الرياض. وأضافت أن فرق الدفاع المدني في الرياض تمكنت من مباشرة حالات الاحتجاز وتخليص السيارات من التجمعات المائية، وأن تقاطع طريق الدائري الشمالي والشرقي يعد الأكثر تضرراً من تجمعات المياه. كما رصد نجل مريض منوم في مستشفى الملك سعود للأمراض الصدرية في العاصمة الرياض، ممرات المستشفى وتحديداً قرب مدخل الطوارئ وقسم العناية المركزة، تغطيها مياه الأمطار التي هطلت أخيراً على المنطقة، فيما وثّق مواطن آخر من خلال مقطع فيديو انهيار أحد شوارع حي المغرزات في مدينة الرياض. ويبدو أن مدينة الطائف ليست ذات حظ مع الأمطار الغزيرة، إذ تسببت أمس في تنشيط ذكرياتها مع سيول الشوارع التي تجرف السيارات الرابضة بمن فيها، إذ كثيراً ما تعرضت الطائف ولسنوات طويلة لحال إنقاذ عائلات وركاب جرفتهم السيول، واستعانت فرق الدفاع المدني في الطائف ذات مرة منذ سنوات بالجيش والحرس الوطني لإنقاذ مواطنين ومقيمين في منطقة بني سعد والسر جنوب المحافظة، والوصول إلى العشرات من المحتجزين في سياراتهم ومنازلهم بآليات ثقيلة من الجيش، وساند الحرس الوطني بقوى بشرية وآليات للإسهام في إنقاذ المحتجزين. وبعض قصص الإنقاذ «وصفت» بالبطولية، وحصل أصحابها على قلادات تقدير وشجاعة من جهات رسمية، ولكن شيئاً من واقع المدينة لم يتغير وظلت عرضة لتهديد السيول ونتائج الأمطار الغزيرة. إذ أعلنت المديرية العامة للدفاع المدني أول من أمس (الخميس) مباشرة الفرق التابعة للإدارة العامة للدفاع المدني في محافظة الطائف لحالات احتجاز عدة للمركبات بسبب الأمطار الغزيرة. وأوضحت أن حالات الاحتجاز وقعت داخل أحياء المحافظات، وخصوصاً حي العقيق والخالدية وقروي، وشوارع الستين والجيش ودوار المئوية ووادي سيسد، مؤكدة عدم تسجيل أي حالات إصابة، كما لم يتم تسجيل أي مفقودين. وأظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي انجراف عدد من السيارات، إضافة إلى إغلاق عدد من الشوارع وذلك لتجمع المياه داخلها. ومع كل فرصة تهديد مطري تسترجع الذاكرة الشعبية قصة مدينة جدة، التي تُعرض قضايا الحادثة على لجان التحقيق والمحاكمة حتى يومنا هذا، ولكن المدينة أحزرت تقدماً ملحوظاً لتفادي تكرار قصة من هذا النوع.