«فعل ... رد فعل ... تدابير دائمة للعيش معاً». بهذه العبارة أعلنت اخيراً هيلين دايفيد وزيرة التعليم العالي في حكومة كيبيك الكندية بدء برنامج لمكافحة الحركات الراديكالية على خلفية اكتشاف شبكة من طلاب معهد (سيجيب) ميزونوف في مونتريال كانوا يهمون بمغادرة البلاد للالتحاق بمنظمات ارهابية في سورية والعراق. وجرى الإعلان عن هذا البرنامج بحضورالطلاب والأساتذة وإدارة المعهد ورئيس بلدية مونتريال دني كودير الذي أعلن عن «تخصيص نحو نصف مليون دولار كدعم لإعادة الثقة بقوة الطلاب وتماسكهم ومراقبتهم لكل حالة مشبوهة ومساهمتهم بإعادة الامن والطمأنينة وتوفير أجواء دراسية مثالية». وأكدت مديرة المعهد ماليكا هابل ان «هذا المبلغ يسهل التواصل بين الطلاب ويقيم حوارات مستدامة في ما بينهم لمناهضة أي نوع من العنف والتطرف والإرهاب». وفي السياق عينه قدم وزير الأمن العام مارتان كواتييه مبلغاً مماثلاً لانشاء «مركز للتدخل السريع واجهاض اية تحرك راديكالي». يذكر ان «معهد ميزونوف كان شهد خلال الأشهر القليلة المنصرمة فرار عدد من طلابه (أكثر من عشرة) بطريقة سرية ومن دون علم من ادارة المعهد او من ذويهم، للمشاركة في أعمال إرهابية في سورية والعراق، فيما تم اعتقال بعضهم الآخر على أرض المطار بناء على اتصال من أحد الآباء برجال الأمن. ومن أبرزهؤلاء الطالبان مهدي جمالي وصابرين دجرمان (18 سنة – من المغرب) وهما اليوم وراء القضبان ويحاكمان بتهمة القيام بأعمال ارهابية وامتلاك متفجرات وتهديد الأمن القومي الكندي. ويبدو، كما تشير وثائق جهاز الأمن الكندي، ان مجموعة من هؤلاء الطلاب كانوا بمساعدة استاذ العلوم الدينية عادل شرقاوي (كندي من اصل مغربي تم توقيفه بتهمة القيام بأعمال تحريض واستغلال منصبه الديني لغايات راديكالية) يحتلون مكتبة المعهد ويستخدمونها منصة لترويج دعاوى الجهاديين والحركات الأصولية ومركز عمليات عبر شبكة الانترنت. مشروع وقائي أمام حال القلق والخوف التي تجاوزت مختلف الأوساط الطالبية والتعليمية والهيئات الأهلية والإعلامية تحولت أحداث معهد ميزونوف الى قضية رأي عام غاضب يطالب باتخاذ تدابير وقائية سريعة لاجتثاث أية حركة راديكالية في مهدها وإعادة المعهد وطلابه (أكثر من 8 آلاف) الى حاله الطبيعية كمثال للتعايش بين جميع مكوناته الاتنو - ثقافية تحت شعار «لنعمل معاً». وتطبيقاً لهذا الشعار تشكل فريق من الخبراء الأمنيين (بقيت تفاصيلة طي الكتمان) للتدخل السريع وتحديد اولويات التحرك ومراقبة المدارس الثانوية والجامعات والمراكز الدينية في مونتريال وضواحيها. وكشفت المتحدثة باسم طلاب المعهد بريجيت دي غاردان عن اتخاذ تدابير احترازية أخرى تقضي «بمنع الطلاب من إلقاء الخطابات المتطرفة داخل جدرانه» مشيرة الى أن هذا الأمر «يقلقنا جداً. ومن يريد غير ذلك فلديه أماكن اخرى». وتابعت: «لقد وضعنا شبكة أمان لنشر ثقافة التسامح وتطوير التفكير النقدي بين الطلاب واعضاء الهيئة التعليمية»، مؤكدة ان هذا الأسلوب هو الأفضل لمكافحة الحركات المتطرفة. مؤتمر دولي وخشية أن تتحول المؤسسات التعليمية الكيبيكية الى مقر او ممر للارهاب او ساحة مكشوفة امام الحركات الراديكالية التي تتغلغل في صفوف الطلاب والشباب، تستضيف مونتريال تحت رعاية منظمة اليونيسكو، مؤتمراً دولياً يضم تحو 500 باحث من جميع اقطار العالم وهم متخصصون بظاهرة الإرهاب والتطرف الديني العابر لحدود الدول في عصر الانترنت. ويبحث المؤتمر في شكل اساسي ظاهرة إقبال الشباب على الانخراط في حركات التطرف الديني، بخاصة المنظمات الارهابية المتمثلة ب «داعش». ويوثق المؤتمر ظاهرة التطرف الديني (الاسلامي) ويحاول تفسيرها وكيفية نشوئها وتغلغلها في صفوف الشباب واستخدام المراكزالدينية غطاء لدعاويهم ودواعي حمل السلاح ومغادرة البلاد التي احتضنتهم وعلمتهم وتخليهم عن حلمهم الكندي الذي عز مناله على الكثيرين من امثالهم فضلاً عن استهدافهم للبلدان الغربية الديموقراطية. كما يستعين المؤتمر بشهادات بعض الآباء والامهات ممن ذهب ابناؤهم للقتال او ممن عادوا اليهم جثامين اضافة الى الاستماع الى آراء محللين امنيين ومتخصصين في شبكات التواصل الاجتماعي ومندوبين عن المنظمات الشبابية والطالبية.