يستعد الناخبون المصريون للتصويت منتصف الأسبوع المقبل لتجديد نصف أعضاء مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) الذي يتمتع بصلاحيات استشارية، في اقتراع سيتسم على ما يبدو ب «الهدوء». ومع اقتراب موعد الانتخابات التي ينظر إليها على أنها «بروفة» لما سيحدث في انتخابات مجلس الشعب في خريف هذا العام، تموج الحياة السياسية في مصر بموجات من الحراك السياسي المتزايد، في ظل رغبة ملحة بأن تصبح هذه الانتخابات مقدمة لحدوث عملية تغيير سياسي على نطاق واسع في البلاد. لكن الظاهر منذ فتح باب الترشح للانتخابات، قبل أسابيع، أن ثمة اقتناعاً بين أحزاب المعارضة بأن انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى والتي ستقام في أول حزيران (يونيو) المقبل، محسومة سلفاً لمصلحة الحزب الوطني (الحاكم). وتجلّى هذا الاقتناع في ضعف المشاركة من جانب المعارضة في الترشح للإقتراع. وسيجد الحزب الوطني نفسه في دوائر كثيرة في منافسة بين مرشحي الحزب الرسميين وبين مرشحين انشقوا عن الحزب وتقدموا بأوراق ترشيحهم كمستقلين. وتؤكد المؤشرات أنه في ظل غياب الحماسة الانتخابية، إضافة إلى اللامبالاة التي تسود غالبية الشارع المصري، فإن نسبة المشاركة لن تكون مرتفعة من إجمالي من لهم الحق في الاقتراع والبالغ عددهم 30 مليوناً. وأعلنت اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات أمس فوز 13 مرشحاً عن الحزب الوطني الحاكم بالتزكية، فيما سيتنافس 456 مرشحاً على 75 مقعداً برلمانياً. وأشارت إلى أن 57 مرشحاً تنازلوا خلال الأيام الأخيرة. وكانت محاولات مكثفة أجرها الحزب الحاكم الذي أعلن أنه سيخوض الانتخابات ب 92 مرشحاً على كل الدوائر، لثني عدد من أعضائه الذين قدّموا أوراقهم كمستقلين بالتنازل لمصلحة مرشحي الوطني، وهي محاولات أتت ثمارها بعد جولات ميدانية أجراها أمين التنظيم المهندس أحمد عز. وأفيد أن قادة في الحزب اجتمعوا مع عدد من المرشحين وقدموا وعوداً بأن تشمل قوائم مرشحي الحزب أسماءهم في انتخابات مجلس الشعب بدل الشورى، إضافة إلى التهديد بإقالة كل من يهدد وحدة الصف الحزبي. وعقدت هيئة مكتب الأمانة العامة في الحزب الوطني برئاسة الأمين العام صفوت الشريف أمس اجتماعاً ناقشت فيه موقف مرشحي الحزب وخطة التحرك خلال الأيام القليلة التي تسبق يوم الاقتراع. واستعرض الاجتماع عدداً من التقارير المقدمة من أمانات السياسات والتنظيم والإعلام بهذا الشأن. وفي المقابل، تحدى مرشحو جماعة «الإخوان المسلمين» القيود الأمنية وكثفوا من تحركاتهم في المحافظات على رغم اعتقال أجهزة الأمن خلال الأسبوع الماضي ما يناهز 40 من أنصارهم خلال حملات دعائية. واشتكت جماعة «الإخوان» من قيود تواجه عمليات الدعاية التي يقوم بها مرشحوها، واتهمت أجهزة الأمن ب «طمس وانتزاع لافتات مرشحي الإخوان لمصلحة مرشحي الوطني». لكن مصادر أمنية أكدت ل «الحياة» أن أجهزة الأمن لا تزيل سوى اللافتات التي تقوم على شعارات دينية، وأشارت إلى أن وزارة الداخلية واللجنة المشرفة على الانتخابات كانت حذّرت من أي وسائل دعاية تعتمد على شعارات تبث الفرقة والتعصب، هو ما لم يلتزم به مرشحو الجماعة. وعلى رغم تشدد الدولة على مبدأ الفصل بين الدين والسياسة والتحذير من خلط العمل السياسي بالعمل الدعوي، إلا أن المساجد باتت خلال الأيام الأخيرة ساحة للنزال بين مرشحي الوطني ومنافسيهم من جماعة الإخوان. وسعى عدد من مرشحي الوطني إلى حشد مناصريهم عقب صلاة الجمعة أول من أمس، كما استغلوا لحظات خروج المصلين من المساجد عقب الصلاة لتوزيع الأوراق الدعائية التي ركز فيها مرشحو الوطني على الشعارات الدينية. ولوحظ أن جدران المساجد والجمعيات الخيرية باتت بدورها «مناطق تنافس» بين المرشحين. وشوهدت لافتات كبيرة وملصقات في الشوارع الرئيسية في عدد من المحافظات الإقليمية لمرشحي «الإخوان» اعتلاها شعار الجماعة «الإسلام هو الحل» وعدد من الآيات القرآنية. ومعلوم أن جماعة «الإخوان» أعلنت أنها ستنافس في الانتخابات ب 14 مرشحاً. وتؤكد مؤشرات إلى أنها تتجه إلى انتزاع ثلاثة مقاعد على الأقل من مرشحي الوطني.