تباينت مواقف الفصائل والشارع الفلسطيني ازاء قيام بلدية رفح، بالتعاون مع سلطة الأراضي وبدعم من الشرطة في الحكومة المقالة، بهدم عدد من المنازل أقامها أصحابها شمال غربي حي تل السلطان غرب مدينة رفح. ودخلت القضية معترك المناكفات السياسية بين حركتي «فتح» و «حماس»، ونشبت معركة اعلامية جديدة بين الحركتين المتنافستين على السلطة وقيادة الشارع الفلسطيني، كما دخلت فصائل وطنية على خط الأزمة من بينها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» وحزب «الشعب». وحذر الناطق باسم «فتح» في الضفة الغربية أحمد عسّاف من «مأساة إنسانية تتحمل مسؤوليتها أجهزة حماس إذا ما أقدمت على ارتكاب جريمة جديدة في حق 180 عائلة فلسطينية وهدم منازل المواطنين وتشريدهم في مدينة رفح الصامدة». وأشار في بيان صدر عن مفوضية الثقافة والإعلام في «فتح» أمس الى «جريمة حماس البشعة التي وثقها تقرير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عندما أكد هدم 20 منزلاً، وتشريد 20 عائلة قوامها 150 شخصاً اضطر معظم إفرادها لنصب خيم على انقاضها». وأضاف عسّاف أن «هدم منزلين في خان يونس (ايضاً) جاء ليضاعف معاناة أهلنا في قطاع غزة في ظل حصار إسرائيلي ظالم يمنع عليهم إدخال مواد البناء والإعمار منذ أكثر من ثلاث سنوات». واعتبر أن «تساوق إجراءات حماس مع إجراءات الاحتلال الإسرائيلي من قتل واعتقال وإبعاد، وفرض الإقامه الجبرية، وفرض أتاوات وضرائب باهظة، تهدف إلى تثبيت حكم إمارة حماس الظلامية في غزة». لكن بلدية رفح بررت هدم المنازل بأنها شُيدت فوق أراض حكومية غير مرخص بالبناء عليها. وقالت مصادر محلية في المدينة ل «الحياة» إن عدداً من تجار وسماسرة الأراضي باع عشرات الدونمات الى مواطنين في منطقة تعرف باسم «منطقة البراهمة» شمال غربي حي تل السلطان غرب المدينة بدعوى ملكيته لها. وأضافت أنه تبين لاحقاً أن هذه الأراضي حكومية، مشيرة الى الأسعار الزهيدة التي باع بها هؤلاء هذه الأراضي. وأوضحت أن سعر الدونم الواحد (ألف متر مربع) بلغ ألفي دولار، وفي أغلى الأسعار بلغ نحو خمسة آلاف دولار، وهو سعر لا يتجاوز نسبة خمسة أو عشرة في المئة فقط من سعر الدونم الحقيقي في مناطق أقل أهمية من تلك المنطقة. ولفتت الى أنه تم تحذير السكان أكثر من مرة بأنه سيتم هدم منازلهم نظراً الى أنها غير مرخصة ومشيدة فوق أراض حكومية. وسعى عدد من القيادات المحلية في فصائل فلسطينية الى ايجاد حلول للقضية. وشدد القيادي المحلي، عضو اللجنة المركزية الفرعية ل «الشعبية» محمد مكاوي على «أهمية احترام القانون وسيادته»، لكنه استدرك بالقول إنه «يجب مراعاة الظروف الحياتية والاقتصادية التي يمر بها شعبنا في قطاع غزة». ورأى أنه «كان الأجدر بحكومة غزة قبل الاقدام على إزالة بيوت عشرات المواطنين وتشريد مئات النساء والرجال والأطفال من فقراء أبناء شعبنا، أن يتم توفير منازل بديلة لهم». وطالب «بتعويض المتضررين ممن تم تجريف منازلهم». وتبنت «الشعبية» موقف المتضررين وقسماً من الشارع الغزي الذي يرى أنه «يجب محاسبة المتورطين في بيع هذه الأراضي الحكومية للأهالي والمواطنين وتضليلهم»، فيما فضل قياديون في حزب «الشعب» القيام «بزيارة تضامنية» للمتضررين وبقية أهالي منطقة البراهمة البالغ عدد المنازل المشيدة عليها نحو 200 منزل. واستمع وفد الحزب الذي ضم عضو مكتبه السياسي وليد العوض، وعضو لجنته المركزية تيسير أبو خضرة وعدداً من قيادات الحزب في رفح الى المتضررين. واعتبر أن «الأسلوب الذي اتبع مع الأهالي مرفوض تماماً». ودعا الى «إيجاد حلول عاجلة للعائلات التي هدمت بيوتها وتوفير مساكن لها وتعويضها عن الأضرار التي لحقت بهم وفقاً لما تم الاتقاق عليه بين لجنة السكان والبلدية، بحضور ممثلي الفصائل الوطنية والاسلامية» أول من أمس. من جهته، طالب أبو خضرة السكان الى «الالتفاف حول قضيتهم وحقوقهم»، لكنه شدد على أن «الحزب يرفض أي تعديات على الاراضي، وأن معالجتها لا بد أن تتم وفق القوانين ومراعاة الظروف الراهنة للمجتمع الفلسطيني».