وصف الأمين العام لحركة العدل والإصلاح العراقية الشيخ عبدالله بن حميدي العجيل الياور القرار الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز القاضي بتجريم السعودي الذي يقاتل في أماكن الفتن والصراعات، بالقرار الحكيم. وأشار الياور الذي يزور المملكة لأداء مناسك العمرة خلال حديثه إلى «الحياة» في الرياض، إلى أن من جاء بعد الاحتلال الأميركي ليحكم العراق لا يمتلك المؤهلات الكافية لحكم هذا البلد العريق وفق التنوع الإثني والعرقي والتركيبة المتناقضة إلى حدٍّ ما، التي تحتاج إلى قيادات قادرة على احتواء هذا التنوع في التركيبة السكانية العراقية وفق ثوابت وطنية تحمي استقلال القرار العراقي وسيادته. وهنا نص الحوار: إلى ماذا تعزو عدم استقرار الوضع في العراق بعد مضي عشرة أعوام على تغيير النظام وأعوام عدة على خروج الاحتلال؟ - هناك أسباب عدة، والقضية العراقية مركبة، ففضلاً عن السياسات التي أدت إلى الوضع الذي وصل إليه العراق اليوم، نجد أن من جاء بعد الاحتلال الأميركي ليحكم العراق لا يمتلك المؤهلات الكافية لحكم هذا البلد العريق وفق هذا التنوع الإثني والعرقي والتركيبة المتناقضة إلى حد ما، التي تحتاج إلى قيادات قادرة على احتواء هذا التنوع في التركيبة السكانية العراقية وفق ثوابت وطنية تحمي استقلال القرار العراقي وسيادته. كيف تنظرون إلى الدور الذي لعبه العرب في العراق بعد 2003؟ - الدور العربي في العراق كان محدوداً جداً ولا يزال مع الأسف الشديد، ومحدودية الدور العربي في العراق هي من فتحت المجال لدول إقليمية للتسلّط على العراق والتحكم ليس بقراره السياسي فحسب، بل فرض أجنداتها الطائفية والفكرية على العراق وأهله، وعلى رأس هذه الدول تأتي إيران بتدخلها السلبي، وهذا التدخل الإيراني في الشأن العراقي أستطيع أن أصفه بالتدخل التدميري الناتج من أحقاد تاريخية. كنا نتمنى من الأشقاء العرب ولا نزال أن يضطلعوا بدور إيجابي في العراق لانتشاله من الهيمنة الإيرانية وإعادته إلى حضنه الطبيعي، ألا وهو الحضن العربي، فالعرب هم الامتداد الطبيعي للعراقيين، بل والعراقيون هم الامتداد الطبيعي لكل العرب. كيف تقرأ قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتجريم السعودي الذي يقاتل في مواطن الفتن والصراعات؟ - الإرهاب مرض خبيث يفتك بالبلدان، وهو جريمة منظمة في حق الإنسانية. وللأسف فإن بعضه اليوم يرتكب باسم الإسلام، في صورة متعمدة تهدف إلى تشويه الدين الإسلامي الحنيف وشريعتنا السمحاء. من هنا أستطيع أن أقول إن قرار المملكة بتجريم الإرهاب قرار حكيم ونابع من روح الشريعة الإسلامية التي قدّست الإنسان وجرّمت قتله إلا بالحق ووفق ضوابط حددها الإسلام بدقة. الإنسان قيمة عليا وهو بنيان الله، والإرهاب عدو لهذا الإنسان السوي. أنتم في حركة العدل والإصلاح ما البرنامج الذي تتبنونه في معالجة الواقع العراقي؟ - حركتنا تستمد تأثيرها من الشعب العراقي ممثلاً بالقبائل والعشائر العراقية ومن أطياف الشعب الأخرى من المهنيين وأساتذة الجامعات والمفكرين وجمهور المظلومين، خصوصاً في محافظة نينوى التي تواجه تحديات خطرة تهدد هويتها وكيانها من إقليم كردستان الذي يقتطع 16 وحدة إدارية غنية بالنفط والثروات الأخرى، مع أطماع معلنة بضمها إلى إقليم كردستان بعد السيطرة عليها، يقابل هذه الأطماع صمت حكومة بغداد، ناهيك عن تهميش وحرمان أبناء نينوى من استحقاقهم الدستوري في تمثيلهم بالمؤسسات الاتحادية خصوصاً الأمنية، فضلاً عن الحرمان المتلاحق من الوزارات لحصة نينوى في الموازنة المالية. «مضارب» شمر في ربيعة وهي على الحدود مع سورية وفي بعض المواقع تكاد تكون متداخلة. كيف كانت مواقفكم منذ اندلاع ثورة الشعب السوري ضد نظام الأسد؟ - لقد كان للقضية السورية عندنا حضور، فهي قضية شعب مظلوم يعاني من آلة بطش مجرمة تستهدف الأبرياء والعزل وتفتك وتقتل بلا رحمة ولا ضمير، وقمنا بتقديم إغاثة عاجلة لإخواننا السوريين، كما ساندنا السوريين إعلامياً ورفضنا تدخل الحكومة العراقية في الشأن السوري، ومنعنا توجيه أسلحة الجيش العراقي إلى الثوار السوريين، مع موقفنا الواضح منذ الوهلة الأولى المحذّر من خطر التنظيمات الإرهابية التي حاولت الاندساس في صفوف الثوار. إن قضية الشعب السوري الشقيق تستحق الاهتمام في وقت نرى المجتمع الدولي أغمض عينيه عما يحصل من جرائم يندى لها جبين الإنسانية. كيف تنظرون إلى مستقبل العراق وهو على أبواب انتخابات برلمانية ثالثة بعد الاحتلال؟ - العراق يمر بوضع خطير، بل إن المرحلة قد تكون من أخطر المراحل التي مرّ بها العراق. العراق يسير إلى المجهول ومستقبله غامض، بحيث لا يملك أكبر المتخصصين في الأوضاع السياسية، والمحللين المحترفين أن يتكهن بمآل الوضع العراقي. كل المعطيات على أرض الواقع تنذر بشرٍّ مستطير، إن لم يتم تدارك الحال. الانتخابات المقبلة على رغم قرب موعدها إلا أن استعداداتها تكاد تكون معدومة في مناطق عدة في العراق، منها الأنبار ونينوى وديالى. الوضع الأمني في عموم العراق في تردٍّ متزايد، بدليل استمرار مسلسل العنف والإرهاب والسيارات المفخخة، يرافق ذلك استعراض للميليشيات واستمرار مسلسل الإقصاء والاغتيالات. تحوّل الصراع السياسي إلى حال هستيرية، ليس بين خصوم العملية السياسية وروادها فحسب، بل بين أطراف العملية السياسية أنفسهم، ناهيك عن انغماس نواب في البرلمان في حالة من الاصطفاف الطائفي والتحريضي بشكل غير مسبوق. كما أن هناك اتهامات للمؤسسة القضائية بالتواطؤ، وهو اتهام خطر، مع عجز حكومي عن معالجة هذه المشكلات، وهناك من يتعمد الإبقاء على هذه الحال من الفوضى وعدم إجراء الانتخابات، لأنهم يرون في استمرار الفوضى الوسيلة الأفضل للاستمرار في الحكم بحسب سلوكهم. كل هذا وحال المواطن العراقي لا تسر عدواً ولا صديقاً، فمن ارتفاع معدلات البطالة، إلى ازدياد ظواهر أطفال الشوارع، إلى استشراء الفساد في كل المفاصل، مع انعدام لروح المواطنة بسبب الضغط المتعمد. إن الدول لا تبنى بمثل هذا المستوى من السياسيين، وما الاتفاقات التي جرت سابقاً بين فرقاء العملية السياسية إلا تكريس للمحاصصة ومصلحة هذه الجهات السياسية بعيداً عن مصالح الشعب. ما الذي جناه الشعب من اتفاق أربيل؟ ولو طبقت مبادرة خادم الحرمين للفرقاء السياسيين العراقيين إبان تشكيل الحكومة في 2010 لتجنب العراق كل هذه الفتن. في اعتقادي أن هناك أجندات حالت دون الاتفاق على مبادرة الملك عبدالله تهدف لإبعاد العراق عن محيطه العربي، واستعيض مكانها باتفاق أربيل الذي لم يجنِ العرب منه إلا الويلات والخراب. حذرتم دائماً من مخاطر تقسيم العراق وأن الأجندات الصهيونية والإيرانية تسعى لذلك. هل ما زلتم تعتقدون بذلك؟ - نعم. بل يتأكد لنا ذلك كلما مضينا قدماً، فالتفتيت في النسيج الاجتماعي وتكريس الظلم الطائفي والقومي كلها مقدمات لحالة التقسيم التي أصبح ينادي بها من كان رافضاً، إما لعمالة لأصحاب هذه الأجندات، وإما هرباً من الواقع الأليم من دون روية وتأمل. إن المشروع الصهيوني - الإيراني الساعي إلى تمزيق العراق وتفتيته وسلخه عن الهوية العربية الإسلامية لا يهدد العراق فحسب، فآثاره وتداعياته وفق مخططاتهم تمتد إلى جميع الدول العربية، لذا فمنع هذا المشروع والتصدي له ليس للحفاظ على العراق فحسب بل للحفاظ على كل الدول العربية.