استقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما في المكتب البيضاوي أمس، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي يزور واشنطن لإجراء محادثات مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون تتناول ملفات العلاقة الثنائية وخصوصاً على صعيد الحد من التسلح والعلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي. وفي العادة، يخصص الرئيس الأميركي لقاءاته في المكتب البيضاوي لرؤساء الدول والحكومات، لكنه قرر القيام بهذه المبادرة تجاه الوزير الروسي لتأكيد رغبة واشنطن في تحسين علاقاتها مع موسكو، في وقت يسود التوتر العلاقات بين البلدين بسبب مناورات الحلف الأطلسي في جورجيا. وناقش الوزيران خلال اجتماعهما الترتيبات الخاصة بزيارة أوباما المقررة لموسكو في تموز (يوليو) المقبل، وجدول أعمال القمة التي ستجمعه بنظيره الروسي ديمتري ميدفيديف. وتسعى موسكو إلى دفع عملية «إعادة تشغيل العلاقات» بين البلدين، لكنها أكدت في الوقت ذاته نيتها في مواصلة تطوير قدرات الردع النووي الروسية. وتأتي زيارة لافروف الأولى لواشنطن بعد تسلم الإدارة الأميركية الجديدة مهماتها في ظروف توتر زائد لعلاقات موسكو مع «الأطلسي». وضاعف من حدة التوتر إصرار «الأطلسي» على تنفيذ مناورات عسكرية في جورجيا على رغم الاعتراض الروسي وقيام الجانبين بتبادل طرد ديبلوماسيين. وبدت موسكو حريصة على ألا تنعكس «الحرب الديبلوماسية» مع «الأطلسي» على علاقاتها مع واشنطن. ومهد الناطق باسم الخارجية أندريه نيستيرينكو لمحادثات لافروف في واشنطن بالتأكيد على أن هدف الزيارة الأساسي هو «دفع عملية إعادة تشغيل العلاقات والمحافظة على زخمها، وتوفير أفضل الإمكانات لإنجاح القمة الروسية - الأميركية في موسكو بعد شهرين». وقالت مصادر ديبلوماسية روسية أن مسألة توقيع اتفاق جديد لخفض الأسلحة الاستراتيجية (ستارت2) ستشغل الحيز الأهم خلال محادثات لافروف في واشنطن، بالإضافة إلى جملة الملفات المتعلقة بالأمن الاستراتيجي وبينها الأمن في أوروبا والعلاقة مع «الأطلسي». وبحسب المصادر فإن الطرفين يسعيان إلى «حصر الملفات الخلافية وتحديدها من أجل الشروع في مناقشات عملية لتسويتها». ويعد الاتفاق على «مسودة اتفاق الحد من التسلح» العنصر الأساسي الذي تتطلع موسكو لإنجازه خلال الزيارة من أجل «تجهيز الصياغة النهائية للاتفاق قبل حلول موعد القمة الروسية - الأميركية في تموز، ووضعها على طاولة الرئيسين لتوقيعها» من أجل التمكن من إقرارها في الهيئتين الإشتراعيتين للبلدين قبل نهاية العام الحالي. ومعلوم أن الاتفاقية المعمول بها حالياً تنتهي في بداية كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وقال أمس، قائد سلاح الصواريخ الاستراتيجية الروسي نيكولاي سولوفتسوف إن بلاده تسعى إلى تضمين النص الجديد للمعاهدة بنداً واضحاً ينص على تقليص عدد ناقلات الرؤوس النووية وعدم الاكتفاء بالتركيز على تقليص للرؤوس ذاتها. وأيضا تصر موسكو على الالتزام بشرط أساسي يحظر على البلدين نشر أسلحة نووية خارج حدودهما. وأضاف سولوفتسوف أن روسيا ستحافظ على ترسانتها النووية المتطورة وأن «الوضع لن يتغير حتى تتغير الظروف الدولية ذاتها». إلى ذلك تزامنت محادثات واشنطن مع تأكيد وزير الدفاع الروسي أناتولي سيرديوكوف على مواصلة بلاده تطوير قدرات الردع النووي، وقال إن موسكو لا تنوي تقليص موازنة القطاع العسكري النووي خلال الأعوام المقبلة. وزاد أن المراجعة التي أجرتها روسيا على إنفاقها في المجالات المختلفة لم تطاول القوات النووية و «كل البرامج الموضوعة يجري تنفيذها على أصعدة العمل العلمي والبحثي وتطوير النماذج التدريبية وتحديث النظم المختلفة للأسلحة». وأشار الوزير الروسي إلى نظامين صاروخيين متطورين قال إنهما يشكلان الركيزة الأساسية لتطوير قدرات الردع الروسي خلال الأعوام المقبلة وهما نظام «توبول» الصاروخي العابر للقارات، ونظام «أر أس 24» الذي يعد أحدث صاروخ عابر للقارات في روسيا، بالإضافة إلى الأنظمة الصاروخية «بولافا» التي تطلق من البحر. وأضاف أن تطوير ناقلات هذه الصواريخ البحرية وزيادة قدراتها تدخل ضمن الخطط الموضوعة حالياً وخصوصاً الغواصات الروسية الحديثة «يوري دولغوروكي». ومعلوم أن الصاروخ الروسي الأحدث «أر أس 24» سينتقل إلى الخدمة الميدانية في وحدات الجيش الروسي في نهاية هذا العام، ويعد هذا الصاروخ «الأضخم والأقوى في العالم» بحسب مصدر عسكري أوضح أن الجيش الروسي سيستخدمه لمدة لا تقل عن عشر سنوات. وكشف وزير الدفاع الروسي جانباً من الموازنة العسكرية الروسية المخصصة لتطوير القدرات العسكرية الروسية، مؤكداً أن بلاده خصصت 1.5 تريليون روبل (نحو 50 بليون دولار) لهذا القطاع، خلال السنوات الثلاث المقبلة. في غضون ذلك، أكد ميدفيديف أن بلاده «لن تسمح لأي طرف بتشويه نتائج الحرب العالمية الثانية». وقال خلال حضوره حفل تكريم لقدامى المحاربين الروس أمس في الكرملين إن «روسيا سترد على المحاولات التي تقوم بها بعض الأطراف لتشويه نتائج الحرب العالمية الثانية»، مشيراً الى أن الشعب الروسي أكد في العام 1945 أنه لا يسمح لأي أحد بفرض إرادته عليه، وأنه قادر على التصدي بقوة لأي عدوان.