هيمن ملفا مكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي على الزيارة الأولى للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى كازاخستان، التي اختتمها أمس متوجهاً إلى اليابان في ثاني محطات جولة آسيوية. ورهن السيسي، في كلمة على هامش زيارته أمس جامعة نزارباييف، مكافحة الإرهاب "باستراتيجية دولية موحدة، ومقاربات اقتصادية وثقافية"، داعياً المجتمع الدولي إلى مزيد من العمل المشترك، من أجل "كف أيدي الإرهاب الغاشم عن مصائر شعوبنا ومستقبل أبنائنا، والمضي قدماً بخطى ثابتة على طريق التنمية الذي يعد العامل الرئيسي في اقتلاع جذور الإرهاب، في ظل استغلال الجماعات الإرهابية للظروف الاقتصادية الصعبة لاستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها". ونبه إلى أن جهود مكافحة الإرهاب "لن تجدي نفعاً، إلا إذا بذلت في إطار من وحدة الهدف وإدراك لخطورة المعركة التي نخوضها. فهي معركة من أجل مستقبل الحضارة الإنسانية كلها ومن أجل غد أفضل، بعيداً من أعمال العنف والترويع وتهديد أمن الشعوب وسلامها". ولفت إلى أن مصر تشهد تطورات "في ظل أوضاع إقليمية سريعة ومتلاحقة وفي محيط إقليمي يموج بالأزمات التي تتسم بتعقيدات وملابسات تجمع بين الاقتتال الأهلي والتناحر الطائفي وتمدد التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، الأمر الذي ينذر بتهديد مفهوم الدولة الوطنية وكيانها"، وأوضح أن التحدي الأكبر الذي يهدد شعوبنا "يتمثل في المحاولات اليائسة لنشر فكر منحرف ومتطرف تحت شعار إعلاء كلمة الدين الإسلامي، تكمن خطورته في أن هذا الفكر بات يهدد أمن وسلامة الشعوب وحرياتهم وقدرتهم على ممارسة حياتهم اليومية". وأضاف "إن تيار العنف والتطرف والإرهاب ينطوي على أفكار مغلوطة تجافي صحيح الدين الإسلامي وتسيء إلى مبادئه الداعية، إلى تبني مفاهيم السماحة والتآخي والتعايش السلمي بين البشر وتحريم القتل والعنف أياً كانت الذرائع". وشدد السيسي في كلمته على أن الخطوة الأولى، التي لا غنى عنها لمواجهة خطر التطرف والإرهاب، هي "أن نتوحد جميعاً وبصدق النية والعزم على هزيمة الإرهاب والوقوف بحزم دون أي تهاون أمام الجماعات والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، سعياً لوقف تمددها والقضاء عليها من دون تمييز". وأشار السيسي إلى أن مصر نادت منذ عقود بضرورة القضاء على الإرهاب والتطرف الفكري المصاحب له، "من خلال وضع استراتيجية شاملة لا تقتصر على البعد الأمني فحسب، وإنما تأخذ في الاعتبار أيضاً الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأبعاد الفكرية والدينية، بالإضافة إلى عدم التمييز في ما بين التنظيمات الإرهابية إلى تنظيمات متطرفة وأخرى أقل تطرفاً". ودعا الرئيس المصري علماء الأمة "الى اتخاذ خطوات جادة من أجل مواجهة الفكر المتطرف وتصحيح مفاهيمه المغلوطة عن الإسلام على المستويين المحلي والدولي"، مشيراً الى أنه "وجه نداء الى الأزهر، بمنهجه الوسطي المستنير، وبما يمثله من مرجعية دينية عنوانها الاعتدال والتسامح، أن يعمل على إطلاق العديد من المبادرات لدحض الأفكار والمفاهيم المغلوطة وقيادة جهود التجديد في العلوم الفقهية والفكر الإسلامي لتتواكب مع روح العصر وتفنيد ادعاءات وحجج وفتاوى التنظيمات المتطرفة والرد عليها، بهدف إعداد شباب واع وقادر على إدراك متطلبات العصر وتحدياته ومقاومة الانجراف وراء أهواء تنظيمات إرهابية لا ترغب إلا في تحقيق مآربها ومصالحها الشخصية". وقال السيسي أن "مصر تعول كثيراً على قيام شركائنا في المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات مماثلة، والعمل كذلك على تنفيذ التدابير اللازمة لوقف استفادة الإرهاب من ثورة المعلومات ووسائل التكنولوجيا الحديثة التي أسهمت بلا أدنى شك في إضفاء أبعاد جديدة على ظاهرة الإرهاب والتطرف وجعلتها تنتشر بشكل متزايد بين أرجاء المجتمع الدولي، الأمر الذي يستوجب العمل بجدية من أجل الحيلولة دون استخدام التنظيمات الإرهابية والمتطرفة لتلك الوسائل من أجل نشر أفكارها المغلوطة واستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها"، مشدداً على أن جهود مكافحة الإرهاب "لن تجدي نفعاً إلا إذا بذلت في إطار من وحدة الهدف وإدراك لخطورة المعركة التي نخوضها فهي معركة من أجل مستقبل الحضارة الإنسانية كلها ومن أجل غد أفضل تستطيع شعوبنا أن تتمتع فيه بثمرة البناء والتقدم والرخاء بعيداً من أعمال العنف والترويع وتهديد أمن الشعوب وسلامها". وكان الرئيس المصري عقد اجتماعاً أمس مع رئيس الوزراء الكازاخي كريم ماسيموف، هيمن عليه ملف تعزيز التعاون الاقتصادي، وأوضح بيان رئاسي مصري أن الجانبين اتفقا على "أهمية تنشيط عمل اللجنة المشتركة بين البلدين، وعقد اجتماعها المقبل في أيلول (سبتمبر) المقبل في القاهرة. كما تم الاتفاق على الإعداد الجيد للجنة المشتركة من أجل إنجاحها وتحقيق أهدافها المرجوة في متابعة وتنفيذ المشروعات المشتركة بين البلدين في العديد من المجالات الحيوية". وأكد رئيس الوزراء الكازاخي، أن زيارة السيسي لبلاده "سيكون لها عظيم الأثر في دفع وتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك"، فيما أبدى الرئيس المصري تطلع بلاده ل "تنمية العلاقات على جميع المستويات، ولا سيما التعاون الاقتصادي والعلمي والثقافي". وأوضح الناطق باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف أن اللقاء "ركز على تفعيل العديد من مجالات التعاون، وفي مقدمها إقامة عدد من المشاريع الزراعية المشتركة في كلا البلدين والتعاون في مجال الغِلال، وإنشاء شركات مشتركة لصناعة الدواء، وتبادل الاستثمارات بين البلدين"، ودعا السيسي إلى "مضاعفة أعداد السياح الكازاخيين إلى مصر، لا سيما في ضوء تسيير خط طيران مباشر بين أستانا وشرم الشيخ اعتباراً من الشهر المقبل". وحضر السيسي، على هامش الزيارة، جلسة منتدى الأعمال المصري الكازاخي المشترك، بمشاركة رئيس الوزراء الكازاخي، وألقى السيسي كلمة عرض خلالها المشاريع الاقتصادية التي تدشنها وتنفذها مصر، والجهود الجارية لجذب الاستثمار وتعزيز دور القطاع الخاص، وتحسن مؤشرات الاقتصاد المصري، فضلاً عن آفاق التعاون الواعدة اقتصادياً وتجارياً بين البلدين.