طرابلس - أ ب، أ ف ب - كانت العائلة الهولندية - المؤلفة من الأم والأب وصبيين صغيرين - عائدة إلى بلدها بعد رحلة سفاري من العمر في جنوب افريقيا عندما تحطمت الطائرة التي تقلها قبل نزولها في مطار طرابلس. لم تعثر فرق الإنقاذ سوى على ناج واحد من ركاب الطائرة - الطفل روبن البالغ تسع سنوات والذي كان ما زال يجلس على مقعده مزنراً بحزام الأمان. نام الناجي الوحيد بسلام ليلة الخميس وإلى جانبه دمية نمر برتقالية اللون في غرفته بمستشفى طرابلس والتي كانت ممتلئة بباقات الورود. عينه اليسرى وجبينه وبطنه النحيف كلها حملت علامات تورّم وجروح، بينما تم تجبير ساقه اليسرى بضمادة زرقاء وبيضاء. ابتسم روبن وتحدث لفترة وجيزة إلى عمّته وخاله اللذين هرعا من هولندا إلى ليبيا للوقوف إلى جانبه، لكنه لم يكن قد أُبلغ بعد بأن والديه وشقيقه البالغ 11 سنة قد ماتوا. وقال إد كروننبيرغ المسؤول في وزارة الخارجية الهولندية لوكالة «أسوشييتد برس» بعد زياته الطفل: «إنه صاح. يتحدث، ويستمع». وأضاف: «بالطبع ينام كثيراً لأنه أُعطي مهدئات بالأمس وما زال يشعر بدوران». ويتعافى الطفل حالياً بعد خضوعه لجراحة دامت أربع ساعات ونصف الساعة لعلاج كسور في ساقيه، بحسب ما قال كروننبيرغ. وسافر روبن مع شقيقه إنزو ووالديه ترودي وباتريك فان أسو إلى جنوب افريقيا خلال عطلة الربيع المدرسية للاحتفال بذكرى زواج الوالدين قبل 12 عاماً ونصف العام. وكتب باتريك فان أسو في مدونته على شبكة الانترنت عن قيامهم برحلة انتقلوا فيها إلى بعض أروع الأماكن الطبيعية في العالم - شلالات ماك ماك في جنوب افريقيا، ومحمية كروغر الطبيعية، وعبور الحدود إلى سوازيلاند ثم إلى ليسوتو. ووُضعت في المدونة صور مختلفة بينها للشقيقين روبن وانزو أمام الشلالات. وأضاف باتريك: «التقينا مجموعة كبيرة من الظباء - أطلقنا عليها اسم غزلان (...) الاكتشاف الثاني لأنزو كان الفيل. رأينا أيضاً الجاموس، النو الافريقي، الثعلب، الحمار الوحشي (زيبرا)، وكثيراً من الغزلان، والنعام، والكثير من الطيور والسلاحف، والزرافة، القرود، الخنزير البري والكثير الكثير من الغزلان». وفي اليوم التالي، رأت العائلة وحيدي القرن وفرس النهر، بحسب ما كتب باتريك في مدونته يوم الإثنين - قبل يوم واحد من استقلال العائلة الرحلة المنكوبة. وتحطمت الطائرة التابعة لشركة الخطوط «الافريقية» الليبية خلال محاولتها الهبوط في طرابلس بعد رحلة دامت أكثر من سبع ساعات من جنوب افريقيا. وقُتل على متنها 103 أشخاص. وقال العقيد بلول الخوجة المسؤول في أجهزة الحماية الليبية إن روبن كان يتنفس عندما لفت انتباه رجال الانقاذ وكان ما زال جالساً على مقعده وحزام الأمان حوله. وكانت بقربه جثث ثلاث ضحايا. وأوضح أن الطفل لم يكن في وعيه الكامل ولم يكن يستجيب مع المسعفين، في حين كانت الجروح تنزف من ساقيه. وعندما حاول المسعفون تحريكه عبّر عن شعوره بالألم. وأشار كروننبيرغ إلى أن روبن كان على بُعد نحو نصف كلم من ذيل طائرة الإيرباص المنكوبة، ما يشير إلى إمكان أن كان يجلس في مقدم الطائرة عندما تحطمت إلى أجزاء خلال محاولتها الهبوط في مطار طرابلس. وتلقى روبن في المستشفى الذي يرقد فيه في طرابلس زيارة من عمّته إنغريد فان أسو وخاله يورغن فان در ساند. كذلك زاره سيف الإسلام القذافي - نجل الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي - والتقى أقاربه. ويمكن أن يُنقل روبن إلى هولندا بحلول نهاية هذا الأسبوع. ومنزل عائلته في تيلبيرغ، وهي ضاحية هادئة جنوبامستردام. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن الصديق بن دلة طبيب الصبي الهولندي ان «حالته الصحية جيدة ومستقرة»، موضحاً انه ستتم اعادته الى بلده «السبت أو الاحد». وقال الطبيب رداً على اسئلة التلفزيون الليبي الذي بث صوراً للطفل في المستشفى ان «الطفل خضع لعمليات عدة في ساقيه ويعاني من كسور بسيطة وأخرى مركبة». وأكد الصديق بن دلة الذي أجرى العملية أن حالة الطفل «جيدة ويتعافى وبدأ يتكلم وطلب الأكل». في غضون ذلك، قال رئيس لجنة التحقيق في حادث تحطم الطائرة الليبية لوكالة «فرانس برس» الجمعة إن قائد الطائرة لم يبلغ عن أي خلل فني فيها قبل تحطمها. وقال ناجي ضو إن «الطيار لم يبلغ بأي خلل. لآخر لحظة كانت المكالمة بين برج المراقبة والطيار عادية ولم يبلغ بأي خلل». وأضاف «كل ما استطيع تأكيده الآن هو أن الطائرة اصطدمت بالأرض» قبل أن تصل إلى المدرج، موضحاً أن المحققين «منفتحون على كل الخيارات». وتضم لجنة التحقيق خصوصاً خبيرين فرنسيين من مكتب التحقيق والتحليل وخمسة موظفين في شركة الصناعات الجوية ايرباص الى جانب محققين ليبيين ومن جنوب افريقيا ومراقبين هولنديين إثنين. وقال ضو إن «لجان تحقيق أجنبية أو عالمية تشارك» في التحقيق، موضحاً أن «خبراء من الولاياتالمتحدة سيصلون اليوم (أمس) لأن المحرك والجهاز المنظم داخل الطائرة من صنع أميركي».