كنت، مع بعض زملائي الناشرين، نعمل على تشكيل تجمّع من أهدافه مواجهة الرقابة المتنامية على الكتب، باعتبارها مسألة آن لها أن تنتهي. أما أن أتصوّر أن يُسجن مبدع بتهمة «خدش الحياء»، فهذا أمر أصابني بالصدمة والذهول، إذ ما كنت أتصوّر أن شيئاً كهذا يمكن أن يحدث بعد!! أن يُحاكم مبدع على خياله! أن يُسجن مبدع لم يتناول شخصاً بعينه، بل عبّر ودافع عن فكرة، أيّاً تكن هذه الفكرة! أما أن تكون التهمة «خدش الحياء»!! فإن الحياء يقتضي أن يخجل المرء من نفسه، إذ يحكم على إبداع مبدع بهذه التهمة، في حين تُجبَر النساء على الصمت لأن الذين يتحرّشون بهنّ لا يلقون أيّ عقاب. عن أيّ حياء يتحدّث الذي خدش حياءه ما نُشر في كتاب» استخدام الحياة» الذي طبعت منه دار التنوير ألف نسخة، في حين تمتلئ أرصفة الشوارع بكتب «البورنو» وتوزّع بمئات آلاف النسخ؟ وفي بلد يدخل فيه كل يوم الملايين على الصفحات الإباحية في المواقع الالكترونية، وتسجّل فيه أعلى نسب الدخول على هذه المواقع؟ بأيّ ميزان عدالة يُسجن أحمد ناجي لأن مواطناً خُدش حياؤه! ولا يُقام وزن لآلاف الذين أُعجبوا واستمتعوا بقراءة ما نشره في أسبوعية ثقافية موجّهة لعشّاق الإبداع لا للجهَلة الحاقدين على كل نَفَس حرية. أيها المواطن الذي نصّبت نفسك حامياً للأخلاق الحميدة، أحمد ناجي لا يكتب لك، ولا لأصحابك من المدافعين عن الأخلاق الحميدة بحبس أو ضرب نسائهم. وهو لم يتعدّ عليك، بل أنت تعدّيت عليه إذ تلصّصت على ما لم يكتبه لك: بل كتبه للذين يحبون نساءهم ولا يخجلون من التعبير الحرّ، نعم الحرّ والمتبادل سرّاً وعلانية، وليس ذلك الشّبَق الفاحش في السرّ والكاذب في العَلَن. إن كل ليلة يقضيها ناجي في ظلمة السجن، لهي ظلمة إضافية لمصر يفرضها دعاة الظلام على مصر وغير مصر، وهي الظلمة التي تجرى فيها أعمال القتل والإرهاب. لذلك أستغل هذه الفرصة لأدعو كل أولئك الذين يحبّون مصر ويخافون عليها من سيطرة الظلام، وكل الذين يؤمنون بحرّية الإبداع، وحرية الرأي، إلى أوسع حملة لتطبيق القانون الذي يمنع الحبس في قضايا النشر. مدير دار التنوير - لبنان