شهد شباط (فبراير) 2009، تجربة محمّلة بالدلالة في سياق «علم الاجتماع الحاسوبي». ففي ذلك الوقت، جرت برمجة وظيفة في موقع «فايسبوك» هدفها مساعدة المؤسّسات على تقييم وضعها التجاري في العالم الافتراضي، ومدى إعجاب الناس بمنتوجاتهم. وسرعان ما تخطّت تلك الحركة هدفها الأولي، لتصبح وظيفة سياسيّة، اقتصاديّة، اجتماعية وغيرها. وفي المقابل، تنبّهت الشركات أيضاً إلى أن سهولة استخدام ال «لايك» تعني أن تلك الكلمة لا تحدّد بالضرورة رأي الشخص فعليّاً. إذ يمثّل النقر على كبسة زر Like حالاً معينة من إظهار الدعم أو التقدير لعلامة تجاريّة، أو شخص ما أو صورة معيّنة أو فكرة معيّنة عابرة أو غيرها. وفي معنى عاطفي متّصل، ليس من الدقة اعتبار إشارة Like تعبيراً عن الحب، بل هي تمثيل لحال أضعف من ذلك بكثير. تناقضات «لايك» في ذلك الصدد، كتبت الباحثتان أروان كيرو وكميل غيفودان، في صحيفة «ليبراسيون» الفرنسيّة، أن الناس الذين يحبون صفحة ما ويدعمونها في بعض الأحيان، ربما يدعمون أشياء مختلفة جداً، ومتناقضة أحياناً أخرى. وكذلك، حاول عالم الاجتماع الفرنسي المعاصر دومينيك كاردون (ويعمل أيضاً في مختبرات شركة «أورانج» Orange الفرنسيّة للاتصالات الخليويّة والشبكيّة)، تحديد خصائص ذلك الفعل من منظور سياسي. ووفق كاردون، من المستطاع النظر إلى عدد ال «لايكات» باعتباره استثماراً أكيداً في الحد الأدنى من التضامن، مع التنبّه إلى أنه لا يكون التزاماً قويّاً بحكم كونه شيئاً عموميّاً، خصوصاً بالمقارنة مع الاقتراع السياسي الذي هو أمر فائق الخصوصيّة. وبذا، يصبح من الصعب الاعتماد على عدد ال «لايكات» مؤشّراً لتحديد رؤية سياسة فعلية، لأن النتائج المرتبطة به تكون غير مؤكدة وغير محدّدة بدقة. واستطرد كاردون للقول بأنه عند دراسة عدد كبير من ال «لايكات» لأمر معين، لا بد من الأخذ بالاعتبار أنّه يمثّل الجانب الكمي، ما يوجب تحديد طرق لقياسه والتفتيش عن أهميته. وفي كل حال، يجدر التذكّر دوماً أنه لن تكون له أهمية التصويت الانتخابي الذي يتوافق مع واقع فعلي نفسها، بمعنى انتخاب المرشح أو لا. الأرجح أن من يتنبّه إلى ال «لايك» يفكر أولاً في العدد الذي يظهر على صفحات «فايسبوك»، لكن كبسة الإعجاب من شخص مسترخٍ على الكنبة، تختلف عن التصويت الذي هو في حاجة إلى الخروج من البيت والنزول إلى الشارع والتفتيش عن وسيلة نقل وغيرها. في النهاية، يرى الباحث كاردون وجوب عدم تعليق أهمية كبيرة على الأرقام التي تظهر في صفحات «فايسبوك» (عدد المحبين، والمحجبين، والمتابعين)، لأنها تتخذ معناها ومغزاها، وفقاً لأدوات قياسها إحصائيّاً. وبعبارة أخرى، ربما الأقرب إلى الواقع أن تظهر أرقام صفحات ال «سوشال ميديا» تحت عنوان من نوع « تحليلات الويب»، بمعنى أنها في الواقع ليست سوى عدادات قياس كميّة، وربما لا تعني شيئاً كبيراً.