ما أن ترتفع أصوات المآذن كل فجر حتى ينطلق محمد برفقة عائلته المكونة من زوجته وابنيه المراهقين في رحلة البحث عن «الفقع» (الكمأة، ويعرف بنبات الرعد أو بنت الرعد) متوجهين إلى صحراء حفر الباطن، محملين بعدة مكونة من آلة حديدة طويلة وجراب من الصوف، ويقطع مع عائلته نحو 40 كم حتى يوقفهم نبات «الرقروق» ذو الورقة الغليظة مفترشاً الأرض فتعلو الصيحات مطالبة بالتوقف، وينتشر الجميع وأعينهم على الأرض مستخدمين آلة الحفر حول الكمأة كي لا تخدش، ويلتقطونها بعناية ويضعونها في الجراب الصوفي، ويستمر الجميع في عملهم حتى الساعة الثامنة إذ تجمع الغلة ويتوجهون إلى السوق لبيعها على أحد السماسرة الذين يتفق معهم محمد لتنتهي رحلته اليومية للبحث عن الكمأة. ويرى محمد الذي ورث مهنة بيع الكمأة عن أبيه، أن هذا العام من الأعوام الأكثر إنتاجاً للفقع ناسباً ذلك لتوالي أمطار «نوء الوسم»، وما شهدته حفر الباطن من أمطار موسمية وتهيئة الظروف حينها، مؤكداً أن موسم التقاط «الفقع» فرصة كبيرة للشباب والعائلات؛ لجني أموال قد تصل إلى 60 ألف ريال في الموسم، لكنه حذر من تجاوز الحدود والمحميات؛ بسبب تشديد العقوبات عليها. وتشهد سوق «الفقع» في حفر الباطن إقبالاً كثيفاً من كل بلدان الخليج، وهو ما جعل الأسعار تتفاوت بشكل جلي، فالفقع البلدي الأبيض المسمى «الزبيدي» تتراوح أسعاره بين 300 و 700 ريال للكرتون صغير الحجم فيما يصل الكرتون الكبير إلى 3500 ريال، ويستخدم غالباً كهدية؛ لأنه أجمل منظراً، وتأتي حبته كبيرة في الغالب ولونه أبيض، أما الفقع الأحمر المعروف ب«الخلاس» فأسعاره بين 350 و800 للكرتون الصغير والكبير منه يصل لسقف 4000 ريال، وهو أفضل طعماً وأغنى بالمواد الغذائية التي يحتاج إليها الجسم، لكن من ناحية الشكل ليس بجمال «الزبيدي». ويبدأ موسم التقاط الفقع عادة في أواخر شهر كانون الثاني (يناير)، ويستمر حتى نهاية شباط (فبراير)، ويمتد أحياناً إلى آذار (مارس) مع اشتراط نزول أمطار رعدية في «نوء الوسم»، ويصنف الفقع من الفطريات فهو فطر بري موسمي ينمو في الصحراء بعد سقوط الأمطار بعمق من 5 إلى 15 سنتيمتر تحت الأرض، ويتراوح وزن الكمأة من 30 إلى 300 غرام ويصل في حالات نادرة حجم الحبة إلى كيلومترات عدة، ويعتبر من ألذ وأغلى أنواع الفطر الصحراوي، وتنمو الكمأة على شكل درنة البطاطا في الصحاري. «حرس الحدود» توقف المخالفين أوقفت قيادة حرس الحدود في المنطقة الشرقية أخيراً، أكثر من 245 شخصاً مخالفين ومتجاوزين لحرم الحدود، يبحثون عن «الفقع» (الكمأة) الذي يتكاثر وجوده في المناطق الحدودية. وأوضح المتحدث باسم قيادة حرس الحدود في المنطقة الشرقية النقيب عمر الأكلبي أن «الأعداد التي خالفت وتجاوزت حرم الحدود؛ بحثاً عن الكمأة ضُبطت بواسطة دوريات حرس الحدود بقطاع حفر الباطن، وتمت إدانتهم بانتهاك منطقة الحدود». وحذّر الأكلبي هواة البحث عن «الفقع» أو الصيد، من الاقتراب من المناطق الحدودية البرية المحددة بعمق 20 كيلومتراً، مبيناً أن «مَن يخالف التعليمات بالاقتراب من المناطق الحدودية البرية المحظورة، يعاقَب بالسجن 30 شهراً، أو غرامة مالية تصل إلى 25 ألف ريال أو بهما معاً». ولفت الأكلبي إلى أنه «تم تمييز المناطق الحدودية البرية المحظورة بحاجز ترابي وعلامات تحذيرية»، ويُعَدُّ دخول حرم الحدود أو تجاوزه مخالفة أمنية تُعَرّض الشخص للمساءلة القانونية.