واصلت «قوات سورية الديموقراطية» التي تضم مقاتلين عرباً وأكراداً التقدم في ريف حلب واقتربت أمس من المواجهة المباشرة مع تنظيم «داعش» بعد سيطرتها على معقل آخر للمعارضة قرب حدود تركيا التي خفضت أمس توقعات إمكان شن هجوم بري في سورية عبر ربطها بالتنسيق مع الحلفاء. وحذّرت منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي تضم روسيا ودولاً حليفة، من مخاطر انزلاق الوضع إلى «صدام عسكري مباشر بين دول المنطقة»، مبدية الاستعداد لضم سورية إليها. وقال الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا إن اليوم سيشكل اختباراً لوفاء الحكومة السورية بالتزاماتها من خلال إدخال إغاثة إنسانية إلى مناطق محاصرة. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن مفاوضات جرت بين «قوات سورية الديموقراطية» ووجهاء مدينة مارع لدخول المدينة من دون قتال، بعد سيطرة التحالف الكردي- العربي على بلدة الشيخ عيسى المجاورة لمارع والتي كانت المعارضة سيطرت عليها في العام 2012 ويحاصرها «داعش» من الشرق. ولم يبق أمام الفصائل الإسلامية والمقاتلة في مارع سوى طريق واحد من الجهة الشمالية الشرقية يصل إلى مدينة أعزاز الأقرب إلى الحدود التركية، أهم معاقل الفصائل المتبقية في ريف حلب الشمالي. وحذّرت أنقرة مراراً الأكراد من دخول هذه المدينة تخوفاً من ربط الأقاليم الكردية في شرق سورية وشمالها. وقال مسؤول تركي أمس: «نريد عملية برية مع حلفائنا الدوليين. ومن دون عملية على الأرض، من المستحيل وقف المعارك في سورية». لكن وزير خارجية تركيا مولود تشاوس أوغلو قال ل «رويترز» أمس: «ليس من الواقعي» لتركيا والسعودية وقطر أن تنفّذ بمفردها عملية برية في سورية، مؤكداً أنه لم يُتخذ بعد قرار في شأن عملية في سورية ولم تتم مناقشة استراتيجية بهذا الخصوص بشكل جاد مع الحلفاء. وفي موسكو، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: «بعض شركائنا ناشدنا حرفياً عدم المساس بممر هو أقصر قليلاً من مئة كيلومتر على الحدود السورية- التركية حول أعزاز». وزادت: «من الواضح أن هذا يهدف إلى ضمان استمرار وصول إمدادات يومية لتنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية من السلاح والذخيرة والغذاء من تركيا عبر هذه المنطقة وأيضاً السماح لها بأن تكون ممراً للإرهابيين». وقال نيكولاي بورديوجا الأمين العام لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تتزعمها روسيا، إن «انتشار الصراع الدائر في سورية بدرجة أكبر في مناطق قريبة من نطاق مسؤولية منظمة معاهدة الأمن الجماعي يشكّل خطراً على أمن أعضائها». والمنظمة التي تأسست في 2002 تضم كلاً من روسيا وأرمينيا وروسيا البيضاء وكازخستان وقرغيزستان وطاجيكستان، وكانت أعلنت قبل يومين استعدادها لدرس ضم سورية إليها إذا قدمت دمشق طلباً رسمياً بذلك. وحذّر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الثلثاء من أن نشر قوات برية في سورية سينتهك «القانون الدولي». وأضاف: «ليس لإيران قوات على الأرض في سورية. لدينا مستشارون عسكريون في سورية كما في مناطق أخرى بدعوة من الحكومة». في دمشق، أعلن دي ميستورا أن الأممالمتحدة سترسل اليوم مساعدات إنسانية إلى مناطق محاصرة في البلاد. وقال إثر لقاء ثان جمعه بوزير الخارجية وليد المعلم: «ناقشنا مسألة ذات أولوية بالنسبة إلينا في هذه اللحظة، وهي قضية وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة (...) من جانب أي من الأطراف». وتابع: «كما تعلمون جيداً يتم الوصول إلى هذه المناطق من خلال القوافل التي ينظمها فريق الأممالمتحدة بشكل منتظم، بالتعاون مع منسق الشؤون الإنسانية» في سورية، مضيفاً: «من واجب الحكومة السورية أن توصل المساعدات الإنسانية الى كل السوريين أينما كانوا، والسماح للأمم المتحدة بتقديم المساعدات الإنسانية، وخصوصاً الآن، بعد مرور وقت طويل» على عدم تلقي هذه المناطق المساعدات التي تحتاجها. وأضاف: «غداً (اليوم) نختبر ذلك، وسوف نكون قادرين على التحدث أكثر حول هذا الموضوع». ونقلت «رويترز» أمس عن متحدثة باسم الشؤون الإنسانية في الأممالمتحدة قولها «إن الحكومة السورية وافقت على السماح بالمرور إلى 7 مناطق محاصرة بينها دير الزور ومضايا ومعضمية الشام في ريف دمشق». وفي نيويورك (الحياة)، برز تقارب عراقي - مصري ضد تركيا في الأممالمتحدة أمس في موازاة انتقادات لاذعة وجهتها موسكو ضد أنقرة في مجلس الأمن غداة شكوى وجهتها الحكومة السورية الى الأممالمتحدة طالبت فيها مجلس الأمن بالتحرك لوقف «التوغل التركي في الأراضي السورية». ونقل ديبلوماسيون شاركوا في جلسة مشاورات مغلقة لمجلس الأمن أن نائب السفير الروسي في الأممالمتحدة فلاديمير سافرونكوف وجه انتقادات عنيفة ضد تركيا، وكان ملفتاً أن مصر، العضو العربي في مجلس الأمن، شاركت في «انتقاد التدخل التركي في الشؤون الداخلية في العراق وسورية». وعقد المجلس جلسة المشاورات أمس بطلب من روسيا للبحث في «العمليات العسكرية التركية في سورية» حيث قدّم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فلتمان إحاطة الى المجلس حول المعلومات التي وصلت الى الأممالمتحدة في هذا الشأن. وذكرت مصادر من داخل مجلس الأمن أن سافرونكوف «تحدث بغضب عن القصف التركي على الأراضي السورية، وعلى مواقع للجيش السوري ومواطنين أكراد في سورية». وأضافت المصادر أن السفير المصري عمرو أبو العطا «كال انتقادات الى تركيا أيضاً على خلفية تدخلاتها المتواصلة في العراق وسورية». وأجرى أبو العطا خلال الأيام الأخيرة مشاورات مع السفير العراقي في الأممالمتحدة محمد الحكيم الذي يواصل اتصالاته مع أعضاء مجلس الأمن في شأن مشروع قرار عراقي يطالب «بإدانة التدخل العسكري التركي في العراق، ويدعو أنقرة الى سحب قواتها فوراً من العراق». في المقابل، قال السفير الفرنسي في الأممالمتحدة فرنسوا ديلاتر إن «الأولوية القصوى لفرنسا هي تطبيق بيان ميونخ وقرار مجلس الأمن 2254». وأضاف: «من الواضح جداً أن ما نراه على الأرض هو عكس ذلك تماماً من خلال التصعيد العسكري الذي يقوده النظام السوري وحلفاؤه». وأضاف «لم تكن الفجوة بين النص والتطبيق أوسع مما هي عليه الآن» مشيراً الى أن استمرار التصعيد في حلب وشمال سورية «هو مصدر قلق كبير لنا». وأضاف ديلاتر أن على مجلس الأمن أن «يتحمل مسؤولياته، بما فيها المتعلقة باحترام سلامة المراكز الطبية في سورية». وفي لاهاي (أ ف ب)، أعلنت وزارة الدفاع الهولندية أن طائرات هولندية من طراز «أف-16» نفّذت غارات على أهداف لتنظيم «داعش» في سورية للمرة الأولى منذ انضمام هولندا الى التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة. وأفادت الوزارة في تقريرها الأسبوعي حول عملياتها الذي نشرته على موقعها الإلكتروني، بأن «طائرات أف-16 هولندية نفذت حوالى عشر مهمات فوق العراق وشرق سورية». وهي -وفق التقرير- أول أهداف تضربها الطائرات الحربية في سورية منذ أن أعلنت هولندا الشهر الماضي توسيع عملياتها من العراق لتشمل الأراضي السورية استجابة لطلب الولاياتالمتحدة وفرنسا. وأوضحت الوزارة أن الضربات في سورية استهدفت «مواقع قتالية وتجهيزات عسكرية وأهدافاً استراتيجية لتنظيم داعش الإرهابي» من دون تحديد أي تاريخ أو مكان لهذا القصف.