يستعيد اللبنانيون اليوم الذكرى ال11 لاغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري ورفاقه، من خلال مهرجان سياسي دعا إليه «تيار المستقبل» بعد الظهر في مركز «بيال» في قلب بيروت، يتخلله كلمة لزعيم التيار الرئيس سعد الحريري. ومن المقرر أن يشارك أركان 14 آذار ووفد من «القوات اللبنانية» برئاسة النائب ستريدا جعجع ووفد يمثل «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي، حيث أكد أمين سر التكتل إبراهيم كنعان أن «المناسبة نفصلها عن السياسة». وكان موقع أضرحة الحريري ورفاقه تحول مرة جديدة مقصداً لسياسيين ومرجعيات دينية. وتوالت المواقف عن الذكرى، ومن أبرزها لرئيس حزب «القوات» سمير جعجع، الذي غرد على «تويتر» قائلاً: «الرئيس الشهيد رفيق الحريري: لن ندعكَ تُغتال مرتين». وزار مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الضريح على رأس وفد كبير من العلماء أمس، وقال: «شعرنا بالفجيعة عندما استشهد بهذه الطريقة الفظيعة. كأنما أراد القتلة معاقبته على حلمه الوطني والعربي، الحلم بالعيش المشترك المزدهر والوطن الحاضن لأبنائه والدولة القوية والعادلة والرحبة، التي افتقر إليها اللبنانيون وكثير من العرب منذ زمن». وأكد أن «لا قضية أكبر من تلك التي استشهد من أجلها الرئيس رفيق الحريري. قضية سلام الوطن وسلامته وأمنه. وسنظل مؤمنين بقدرة لبنان على النهوض، وسنظل عاملين من أجل ذاك النهوض، اقتداء به وبنهجه ودأبه». ورأى أن الحريري «جعل الأمر صعباً على كل من يمارس العمل السياسي والإعماري والاجتماعي بعده. واحسرتاه، لأن التاريخ لا يعيد نفسه...». واستعاد الوضع في الذكرى ال11 فقال: «المذبحة في العرب لا تزال مستمرة. والدولة التي أعدت بناءها في لبنان، أضحت مشلولة. والمؤسسات الدستورية لا تملك القدرة على الحراك»، مشدداً على أن «خلفك الرئيس سعد رفيق الحريري مصر على مثل حلمك وعملك، على السلم الأهلي والوطني، والعيش المشترك، والتضحية بكل سبيل، لكي تعود المؤسسات الدستورية إلى العمل. ومصر قبل ذلك وبعده، على عدم الاعتراف بوجود الطرق المسدودة، أو التردي في الأسى واليأس». وكان الرئيس أمين الجميل اعتبر في حديث تلفزيوني أن «اغتيال الرئيس رفيق الحريري هدفه وضع حد لمسيرة السيادة والاستقلال، لكن ما حصل كان عكس ذلك»، موضحاً أن «تاريخ 14 شباط 2005 كان محطة مؤثرة، وهذا التاريخ شكل قفزة نوعية ومحطة مفصلية بمسار التاريخ الحديث للبنان، فمع بداية القرن الواحد والعشرين حصلت مقاومة طالبية ولبنانية تطالب بالسيادة والاستقلال، لكن لسوء الحظ كان طابع هذه المقاومة مسيحياً». وأكد «أننا مدينون للحريري بالتزامه المسار الوطني التحرري حتى التضحية بشخصه». وشدد على أن «14 آذار التي كانت شراراتها في 14 شباط، وضعت لبنان على السكة الصحيحة، وهذا التاريخ حفر على الصخر ولم يعد بالإمكان إلغاؤه»، متوقفاً عند «حركات جديدة تحاول التحكم بمسار البلد، إضافة إلى سورية والبعد الإيراني، لكن على رغم المتغيرات في سورية إلا أن الوحدة الوطنية التي تحققت في لبنان لا يمكن محوها مهما مررنا بصعوبات، ولو كانت هناك إشكالات سياسية ضمن 14 آذار لكنها لا تؤثر بالجوهر، فروحية 14 آذار والمخزون الكبير الذي تكون في هذه المرحلة لا يمكن إلغاؤه، ولا خروج عن خارطة الطريق وعلى الجميع أن يلتقوا مجدداً على هذه المبادئ». ميقاتي وريفي وقال الرئيس نجيب ميقاتي إن في ذكرى «استشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه نفتقد لحكمته وتفاؤله وطموحه، وكم نحن بحاجة إلى من يعيد جمع أجزاء هذا الوطن، الذي استفحل فيه الاصطفاف المذهبي، ونكرر ما أكدناه مرارا من أنه حان الوقت للتعاون بين الجميع لتوحيد كل مكونات الوطن، لا سيما بين أهل البيت الواحد، لكي نخرج من نفق الأزمات المتلاحقة بما يحفظ وحدتنا وسيادتنا وانتماءنا العربي والترفع عن صغائر الأمور والاعتبارات الشخصية». وأكد وزير العدل أشرف ريفي، أن «في ذكرى اغتيالك، نقول: مستمرون ولن نتراجع حتى نرى من أمر وخطّط ونفّذ اغتيالك وراء القضبان». وقال النائب سمير الجسر: «مع كل يوم يمر سنفتقد رفيق الحريري أكثر فأكثر، وسندرك مع الأيام حجم الخسارة التي أدركتنا وألمت بالوطن في آن». ولفت خلال محاضرة نظمها «تيار المستقبل» إلى أن الحريري «من خلال العلاقات الشخصية مع القيادة في سورية كان يصوب الأمور ويصححها كلما لامس التجاوز ما هو غير مقبول. وكان للعلاقة مع المملكة العربية السعودية ومع مصر، بما لهما من وزن عربي ودولي، ولدى سورية بالذات، التي هي دائما في حاجة إلى هاتين الدولتين من أجل تسليك الأمور مع المجتمع الدولي، العامل الأساس في إضفاء بعض التوازن في العلاقات اللبنانية- السورية. وأضفت العلاقات مع الأوروبيين من خلال البوابة الفرنسية الكثير من الحضور السياسي الذي عدل الميزان، وكان شرع في علاقة إقليمية مع تركيا وهي من أكثر الدول قدرة على التأثير على سورية، وللأسف لم يقرأ الكثيرون هذا الحراك. بعضهم حركه عمى الدافع القومي، وآخر حركته ردود فعل شوفينية على كل ما هو قومي أو متصل به. وآخرون يأكلهم الحسد من النجاح». وتحدث عن دور الحريري «في وقف العدوان الإسرائيلي عامي 1993 و1996، وانتزع بتفاهم نيسان اعتراف العالم بالمقاومة والحق في الرد بقصف المدنيين الإسرائيليين حين يتعرض المدنيون اللبنانيون للقصف، وأعاد لبنان إلى الخريطة السياسية»، معتبراً أن «قدرات الرئيس الشهيد هذه أذهلت خصومه فكانت برأيي الإيذان الكبير في بدء الحرب الشنيعة عليه، والتي بدأت بعد انتخابات 1996 بتأليف حكومة ليس له فيها غالبية». ثم تحدث عن العودة «المظفرة للحكم من خلال حكومة كان للرئيس الشهيد فيها القرار الوازن»، وعن «مؤتمر باريس1 الذي كان مقدمة لباريس2، وما إن بدأ التدفق النقدي من خلال القروض والهبات والودائع حتى بدأت حرب على الحريري من نوع آخر». ورأى أن «دم الحريري فجر بركان الغضب بعد أن أسقط كل أقنعة دعاة القومية والقضية وأدعياء دعم لبنان». ورأى النائب محمد الصفدي انه «استشهد في وقت كان لبنان بأمسّ الحاجة إليه، لتثبيت الوحدة الوطنية، وعلى رغم خيبات الأمل، فإن الثقة كبيرة بوعي الشعب وقدرته على تجاوز المحن، وإعادة تفعيل المؤسسات الدستورية».