موضة جديدة سيطرت على الفضائيات المصرية أخيراً، هي الإقبال الكبير على المسلسل الهندي، بعدما لاقت المسلسلات التركية لسنوات نجاحاً كبيراً، وحققت نسب مشاهدة غير مسبوقة بسبب جرعة الرومانسية والمشاهد الطبيعية الخلابة والقصص العاطفية الشائكة. جاء الدور، هذه المرة، على الدراما الهندية بعناصر الصورة والرقص والإبهار المشهورة بها، لتحلّ محل الدراما التركية التي استبعدت من الشاشات لأسباب سياسية، وساهم في اهتمام الجمهور المصري بهذه الدراما، تعلّقه بالفن الهندي منذ سنوات طويلة من طريق السينما. من هنا، احتلّ الأبطال الهنود مكانة كبيرة في قلوب معجبيهم، وظهر ذلك في صفحات باسم المسلسلات الهندية وأبطالها على مواقع التواصل الاجتماعي. الناقدة ماجدة خيرالله، ترى أنه من غير الممكن أن يسحب المسلسل الهندي أو التركي البساط من المسلسل المصري، وتقول: «الفن والإبداع الجيّدان يفرضان نفسيهما أياً كانت جنسيتهما أو موسم عرضهما، وهذا ما يحدث مع المسلسل المصري المصنوع بحرفية عالية، والذي يمكن أن ينافس المسلسل المدبلج، بل ويتفوّق أحياناً عليه. فكرة المشاهدة أساسها المتعة، لذلك يستمتع الجمهور المصري بعنصر الإبهار في الصورة حين يشاهد مسلسلاً هندياً. فالهنود معروفون بالبهجة التي يبعثونها من خلال رقصاتهم وموسيقاهم الشهيرة وطقوس الزواج والاحتفالات عندهم». ويؤكد المدير التنفيذي لقناة «المحور» شاكر الكامل، أن موضة عرض الفضائيات المصرية مسلسلات أجنبية مدبلجة للهجة المصرية ظاهرة عادية تحدث وتختفي كل فترة، وأصبح هناك اعتياد عليها منذ ظهور المسلسلات المكسيكية الطويلة، وبعدها ظهرت المسلسلات الكورية والتركية وحالياً الهندية. ويشير الكامل إلى أن بعض الفضائيات يعرض الدراما الهندية لانخفاض أسعارها في المقام الأول، والسبب الثاني لكثرة أعداد حلقاتها، والعديد من الأعمال الهندية لا يجد رواجاً هناك، لذلك تتجه الشركات المنتجة لها إلى بيعها للفضائيات العربية بأسعار مخفضة. ويقول المؤلف مجدي صابر، الذي حقق مسلسله «سلسال الدم» نجاحاً لافتاً، إن الدراما المصرية ستظل هي الأقوى والأفضل، والمسلسلات الهندية لا يمكن أن تحل محل المسلسلات المصرية، لكنها ستأخذ وقتها مثل الدراما الأجنبية الأخرى لأن الجمهور يحب التعرف الى أي جديد، وفق رأيه. ويشدّد صابر على أن تجربة عرض المسلسلات المصرية طوال العام في الفضائيات المصرية ستكون مؤثرة، وستقلل الاهتمام بعرض المسلسلات المدبلجة التي كانت تستغل عرض المسلسل المصري في شهر رمضان فقط، بالتالي كانت هناك ضرورة لعرض مسلسلات أجنبية بقية العام، وهذا الوضع تغير أخيراً، وأصبح المسلسل المصري الجديد موجوداً باستمرار. وتوضح الفنانة داليا مصطفى، أن المشاهد يبحث عن لون مختلف من ألوان الدراما التلفزيونية، ووجود أكثر من نوع درامي يعد منافسة صحية، والمشاهد هو القادر على تقويم العمل والتواصل مع الموضوعات التي تناسب اهتماماته. وتشير إلى أن الجمهور المصري كان يميل الى الأفلام الهندية في فترة من الفترات، والاهتمام الحالي بالمسلسل الهندي مرتبط بنوعية الموضوعات التي تعرض في هذه المسلسلات، والتي يجدها المشاهد قريبة من قلبه. ويؤكد المخرج محمد فاضل، أن المسلسلات الأجنبية من أدوات الغزو الدرامي الخارجي الذي يهاجم مصر، ولا بد أن نقوم بتحليل مضمونها الفكري والثقافي وتأثيرها في الأسرة. ويضيف فاضل: «بعض الفضائيات الخاصة يساعد على عرض هذه المسلسلات في أفضل الأوقات، ووضع إعلانات كثيرة فيها للإيحاء بأهميتها وتحقيقها نسب مشاهدة عالية». ويتابع: «المسلسلات الهندية من حقّها أن تأخذ فرصتها، بخاصة أن لها أرضية مرتبطة بالفيلم الهندي الذي نجح في مصر لفترات طويلة، ولتاريخ الهند الفني مساحة من الحب عند المصريين». ويرى بعض المشاهدين أن أبطال المسلسل الهندي عاطفيون جداً ويحتفظون بتلك الجرعة الرومانسية حتى نهاية المسلسل مهما تغيرت الظروف والمشكلات التي تعوقهم، فضلاً عن أن الهنود يدعمون دائماً فكرة الارتباط بالأسرة، ويظهر دائماً دور العائلة في مسلسلاتهم ولا يقدمون النموذج الثري للأبطال دائماً، مثلما يحدث في معظم المسلسلات التركية.