للمغارة التلفزيونية في عالمنا العربي كلمة سحرية شبيهة ب «مفتاح» مغارة علي بابا. ولكن بدلاً من «افتح يا سمسم» تطل عبارة «للكبار فقط» لتفتح باب الكنز الذي لم يعد مجوهرات وحلياً إنما جمهور يدرّ أموالاً كثيرة. وبالتالي، يكفي ان يلصق اي هادف الى شهرة او طامع في جذب جمهور عريض هاتين الكلمتين قبل اسم اي فيلم او مسلسل حتى تفتح امامه أبواب السعادة والنجاح. صحيح لم تعد هذه البدعة تنطلي على الجمهور الذي بات يعرف سلفاً ان هدفها ترويجي أكثر من اي شيء آخر... ومع هذا لا تزال الأعمال التي تقترن بهاتين الكلمتين تلقى إقبالاً لافتاً، وتواجه غالباً بضجة مفتعلة بغية التسويق. ولهذا لا يزال صناع الأعمال الفنية يستخدمونها كطعم للمشاهد الذي يقع في الصنارة في كل مرة، وفي احيان كثيرة بإرادته وعن طيب خاطر. أحدث الأعمال المنضمة الى القافلة مسلسل «مدام كارمن» ضمن سلسلة «للكبار فقط». وعلى رغم ان المسلسل لم يبدأ عرضه بعد على شاشة «ام تي في»، فإن عبارة «للكبار فقط» والإعلان الترويجي الذي بدأت المحطة اللبنانية بثه، كانا كفيلين بإثارة ضجة حول المسلسل، خصوصاً ان مضمونه يغوص في عالم فتيات الليل مع ما يحمله من مخاطر. ففي أعمال كهذه الجرأة ضرورية لإيفاء العمل الفني حقه، وفي المقابل فإن خطر الانزلاق الى حدود الابتذال والخروج عن السياق الدرامي كبيران. ولا يزال في البال إيقاف مسلسل «الباشاوات» قبل سنوات على شاشة «المستقبل» بعدما اثار جدلاً واسعاً لمشاهده الجريئة. فهل سيتكرر السيناريو ذاته في المستقبل القريب؟ ام ان صناع المسلسلات اللبنانية باتوا يعرفون اليوم أكثر من اي وقت آخر كيف يسيرون على حبال الهوا من دون ان ينزلقوا؟ ربما تكون الإجابة في مكان آخر. فالمشهد التلفزيوني اليوم في لبنان يختلف عما كان عليه أيام «الباشاوت» استناداً الى «غزوة» برامج النكات للشاشات، مع ما تعنيه هذه «الغزوة» من «انقلاب» على عصر تلفزيوني سابق يعجّ بالمحرمات. فالنكات التي «ما بتقطع» كما تقول ميراي مزرعاني مذيعة أحد هذه البرامج («أهضم شي») عن نكتة «جريئة» تمرّ أثناء تصوير حلقاتها، تقطع على الهواء على رغم كل شيء ومن دون ان يُتعب أصحاب البرنامج أنفسهم بتوليف اعتراض المذيعة، إلا إذا كان القصد من هذا الكلام الإيحاء بأن نية الحفاظ على توصيات عدم خدش الحياء العام موجودة... لكنّ النيات وحدها لا تكفي، ولا بدّ من إعادة النظر في ما يقدم، خصوصاً ان المتربصين بالشاشات كثر، وكي لا تعطي هؤلاء حجة تجعلهم يمارسون تشددهم على برامج أكثر أهمية وجدية بزعم ان كل ما يقدم على الشاشات بات مبتذلاً ولا يمكن أصحاب الرأي الحر ان يدافعوا عنها. وتتضاعف أهمية مثل هذا الكلام حين ندرك ان هذا «المبتذل» سواء كان برنامجاً ام مسلسلاً لن يكون من امره إلا تقوية سواعد المتربصين بعد تحييد مناصري الحرية وحرية الفن تحديداً... إذ يعجزون عن التدخل.