اصطدم إقرار مجموعة من البنود التي طرحت على مجلس الوزراء اللبناني بالوضع المالي للخزينة خلال جلسة أمس برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، لكن الوزراء أجمعوا على إقرار تمويل إجراء الانتخابات البلدية في أيار (مايو) المقبل، والانتخابات النيابية الفرعية لملء شغور المقعد الماروني في جزين، منعاً لأي تأويل بأن هناك من يتذرع بالكلفة المالية بهدف تأجيلها بعدما أجمعت الأحزاب كافة على وجوب حصولها في موعدها. وأدى «الشح» المالي في خزينة الدولة الى اتفاق على تخصيص جلستين لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل للبحث في تأمين واردات للخزينة وتمويل عدد من الأمور المطروحة على الحكومة. وإذ أخذ النقاش حول الوضع المالي حيزاً من الوقت، أدى رفع الجلسة قبل استكمال البت في كثير من البنود، الى خيبة أمل عند متطوعي وأجراء الدفاع المدني المعتصمين في ساحة رياض الصلح، بسبب، عدم البت بتثبيتهم وإنصافهم، فهددوا بتصعيد تحركهم الاحتجاجي. وكان مجلس الوزراء وافق على المراسيم التنظيمية المتعلقة بتثبيت هؤلاء ورفع رواتبهم، لكن البت في الكلفة المالية تأجل الى الجلسة المقبلة. وعلمت «الحياة» أنه لدى طرح وزير الداخلية نهاد المشنوق تأمين الاعتمادات لإجراء الانتخابات البلدية والنيابية الفرعية والتي قدرها بنحو 31 بليون ليرة، أجاب وزير المال علي حسن خليل أنه سيؤمن هذا المبلغ لتغطية النفقات المالية لهذه الانتخابات، من خلال التوفير في الإنفاق العام. وقال خليل ل «الحياة»: «وافقت فوراً على بند تأمين الاعتمادات حتى لا يذهب بعضهم في تفسير موقفي في حال اقترحت البحث عن الواردات لتغطية النفقات، على أن حركة «أمل» لا ترغب في إجراء الانتخابات البلدية». وتناول خليل الوضع المالي للخزينة وقال إن «إنفاقنا يزداد تدريجياً في مقابل ثبات الواردات وهذا ما يرفع حجم العجز ونحتاج في المرحلة الأولى لتحقيق حد أدنى من التوازن بتجميد الخلل في العجز ريثما نتمكن من تحقيق إصلاح حقيقي يؤمن زيادة الواردات في مقابل تخفيف حجم العجز». ولفت خليل الى أن هناك ضرورة لتحسين واردات الخزينة ويمكن أن يدفع تحقيق الإصلاح المالي والإداري في هذا الاتجاه مع التحكم بالإنفاق ليبقى تحت سقف الموازنة المقدرة. ورأى أن استمرار التوظيف من دون تحسين الواردات سيؤدي الى مزيد من العجز نظراً الى الخلل بين الإنفاق المترتب على التوظيف وبين الواردات. وقال مصدر وزاري ل «الحياة» إن المشنوق طرح قبل نهاية الجلسة مسألة التدابير المطلوبة لسد الثغرات في مطار رفيق الحريري الدولي، مشدداً على أن «لبنان مطالب من الجهات الدولية بمعالجة هذه الأمور ونحن لدينا التزامات بأننا سنطبق المعايير الدولية وعلينا تنفيذها». وقال: «هذا الموضوع جدي ويجب أن نضمن أمن المطار عبر جملة تدابير تتطلب تمويلاً لأن كلفة الإجراءات المطلوبة تتراوح بين 35 و40 مليون دولار أميركي، هناك 3 ملايين منها في صندوق وزارة الأشغال من أجل إقامة السور العازل لمدرج المطار ولتركيب كاميرات، لكن الأمر يحتاج لإقامة غرف مراقبة ولتنظيم عملية الشحن وانتقال الحقائب و...». وأضاف: «إذا لم تنفذ هذه الإجراءات، لا تحملونا المسؤولية أنا ووزير الأشغال غاي زعيتر إذا حصل أي شيء (خرق أمني) والوضع لا يحتمل التأجيل». واقترح المشنوق وضع رسم على صفيحة البنزين بقيمة 3 آلاف ليرة، داعياً الى مناقشته، بهدف تأمين واردات تغطي كلفة إجراء الانتخابات البلدية والتدابير في المطار. وقبل دقائق من انتهاء الجلسة طلب وزير العدل أشرف ريفي بحث بند إحالة جريمتي الضاحية الجنوبية ونقل ميشال سماحة متفجرات على المجلس العدلي، لكن الرئيس سلام بادر الى رفع الجلسة لأن هذا البند في حاجة الى وقت لمناقشته على أن يطرح في الجلسة المقبلة. ورد ريفي بأن هذا البند من وجهة نظره من أهم البنود «وكنت طلبت مناقشته في الجسة السابقة وتقرر تأجيله الى جلسة اليوم (أمس)». ورأى وفق وزراء، أن «جريمة سماحة تمس أمننا وسلامة أولادنا وأهلنا وتهدد استقرار البلد والعيش المشترك ولذلك تستحق أن نعطيها وقتاً كافياً». وأضاف أن «محكمة التمييز العسكرية أخلت سبيل سماحة وهناك من يحاول تهريب ملفه من أسبوع الى آخر». ورد سلام: «أنا أتفهم موقفك وأعرف أن ما تطرحه أساسي يجب مناقشته». لكن ريفي، كما قال ل «الحياة»، يتخوف من تأجيل مناقشته من جلسة الى أخرى الى حين موعد محاكمة سماحة أمام محكمة التمييز العسكرية في 4 آذار (مارس) المقبل لتصدر الحكم في حقه فتستحيل مع صدوره مناقشته في مجلس الوزراء. مقررات الجلسة وكان مجلس الوزراء اجتمع على مدى اكثر من 4 ساعات في السراي الكبيرة برئاسة سلام، وغياب الوزيرين نبيل دو فريج والآن حكيم. وأوضح وزير الإعلام رمزي جريج أن سلام أشار في مستهل الجلسة إلى أنها «استكمال للجلسة السابقة التي لم يتم خلالها مناقشة جميع البنود الواردة في جدول اعمالها، وتمنى أن يباشر المجلس بحث تلك البنود على رغم أن هناك أموراً مهمة من خارج الجدول تقتضى مناقشتها غير أن الأمر يبقى ممكناً بعد استنفاد البحث بالبنود الواردة في الجدول». ولفت جريج الى ان الوزراء «بحثوا المواضيع المدرجة على جدول الأعمال وبنتيجة المناقشة والتداول اتخذوا قرارات». وعدد ابرزها. وأشار الى انه «بسبب ضيق الوقت لم يتمكن المجلس من استنفاد البحث في سائر بنود جدول الأعمال وفي طلب الوزير ريفي إحالة ملف سماحة على المجلس العدلي فتقرر رفع الجلسة وعقد جلستين الأربعاء والخميس المقبلين لإكمال مناقشة سائر بنود جدول الأعمال والتطرق الى الأمور التي أثيرت من خارج الجدول ولم يتم بحثها». وكانت وزيرة المهجرين أليس شبطيني أكدت لدى دخولها الجلسة تعليقاً على طلب ريفي أن «لوزير العدل الحق في طلب الإحالة ولكن أنا ضد التشكيك بقرارات المحكمة العسكرية»، فيما قال وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي إنه «مع الاحالة وكل خلاف أو بند خلافي يضعه رئيس الحكومة جانباً». وقال وزير الدولة محمد فنيش إن «سماحة حكم بنقل متفجرات وهو بريء من ملف الشروع بالجريمة، ولا يجوز أن يحاكم مرتين بقضية واحدة». وكان ريفي شدد على أن «ملف سماحة هو قضية وطنية مركزية اساسية ولن نتساهل في أمننا واستقرارنا». واشار وزير الصحة وائل أبو فاعور الى أن قيمة الاموال لاجراء الانتخابات البلدية تبلغ نحو 35 بليون ليرة. متطوعو الدفاع المدني وكان متطوعو الدفاع المدني انتظروا «الدخان الابيض» في شأن مطلبهم خلال تجمعهم في ساحة الشهداء، وحين فوجئوا ب»الدخان الأسود» أصيبوا بغضب شديد ونزعوا شارات الدفاع المدني عن بزاتهم وصرحوا بأن «عيب عليكم ما تفعلونه بنا»، و«اسألوا الناس الذين نسعفهم إن كنا مددنا يدنا لأحد منهم، ولنا كرامتنا ولا نرضى إلا بحقنا»، و«نحن نشبع من حبة زيتون فيما غيرنا لديه مزارع بقر ولا يشبع». وقال الناطق باسم المتطوعين يوسف الملاح انه «سيترك للمتطوعين القرار ولن يضبطها بعد الآن». ولاحقاً، قطع المتطوعون طرقاً في بيروت وطرقاً تودي الى شمال لبنان وجنوبه وبقاعه، وطالبوا المشنوق بأن يؤكد «عبر شاشات التلفزة وعده»، رافضين «إبر المورفين في مجلس الوزراء». وتعليقاً على عدم اقرار التثبيت للمتطوعين، شدد الأمين العام ل «تيار المستقبل» أحمد الحريري على رفض «مهزلة الاستمرار في التهرب من إقرار تثبيت متطوعي الدفاع المدني، ونطالب الحكومة باستدراك الوضع». وأكد في تغريدات عبر موقع «تويتر» أنه «لن يهدأ لنا بال قبل إقرار تثبيتهم». وعلى وقع الجلسة، نظمت حملة «مجموعة من اجل الجمهورية» اعتصاماً امام مبنى «القيمة المضافة» التابع لوزارة المال، اطلقت في خلاله حملة لجمع تبرعات لتمويل الانتخابات البلدية، تحت شعار «الحكومة بدها لمية». المشنوق: كلام باسيل لم يكن حكيماً تابع وفد «مجلس العمل والاستثمار اللبناني» في المملكة العربية السعودية برئاسة محمد شاهين، يرافقه رئيس «هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية - السعودية» إيلي رزق، جولته على المسؤولين اللبنانيين على خلفية الموقف الذي اتخذته وزارة الخارجية في اجتماع وزراء الخارجية العرب، والذي خالف الإجماع العربي على إدانة الاعتداءات التي تعرّضت لها السفارة السعودية وقنصليتها في إيران. والتقى أمس، رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، كما التقى البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي. وكان الوفد سمع من وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي التقاه أول من أمس، «أننا مع الإجماع العربي وضد أي تدخل، إيرانياً كان أم غير إيراني، خصوصاً أنه جاء مع دولة لها فضل كبير على جميع اللبنانيين. والمملكة وقفت إلى جانب لبنان في أصعب الأيام، ولم تفرق بين لبناني وآخر، وكانت دائماً عنصر وفاق وتوافق ودعم لبنان الدولة بمفهومها الكامل والشامل. وإذا كانت ذاكرة البعض ضعيفة، فإن اللبنانيين يذكرون دائماً دعم السعودية بعد حرب تموز، ويثمّنون ما قامت به تجاه وطنهم في أحلك الظروف، ومن غير المقبول قول بعض الفرقاء الداخليين أن الاعتبارات الداخلية الأهم، ذلك أن عروبة لبنان ليست موضع نقاش أو تساؤل، وموقف وزير الخارجية (جبران باسيل) لم يكن حكيماً وأخذ في الاعتبار شؤوناً محلية أمام مصير المنطقة كلها». وأكد أنه «إذا خرجنا من عروبتنا لا يبقى لنا شيء، حتى أن دولاً لها علاقات مميزة مع إيران، مثل سلطنة عمان، لم تقف على الحياد. ونحن أيضاً علينا الحفاظ على مصالح المغتربين، الداعم الأساسي لميزان مدفوعات لبنان. موقفي داخل مجلس الوزراء (الجلسة السابقة) كان واضحاً وصريحاً بأن لا نأي بالنفس عن العروبة الجامعة». ونقل عضو المجلس ربيع الأمين، تفهّم المشنوق «التحديات التي نواجهها في المملكة العربية السعودية نتيجة قرارات وزارة الخارجية اللبنانية، وشدّد على عروبة لبنان التي هي غير قابلة للنقاش، وعلى دعم الجالية اللبنانية في المملكة والتحرك الذي يقوم به مجلس العمل والاستثمار اللبناني، ووعدنا بنقاش في جلسة مجلس الوزراء سيكون لتصويب الخطأ الذي حصل». وأوضح شاهين أن الوفد تمنى عليه «أن يصدر عن مجلس الوزراء موقف يعيد دور لبنان العروبي ويسحب ما حصل من أخطاء بحق المملكة والإجماع العربي». «تكتل التغيير» يثير «تهميش» المسيحيين: أصبحنا على حدود الرفض الشعبي العارم قال عضو «تكتل التغيير والإصلاح» سليم جريصاتي إن «رئيس التكتل ميشال عون أكد عشية الذكرى العاشرة لمذكرة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، أن سياسة الانفتاح هي شرط كل توافق وكل تفاهم فإذا صدقت النيات وحسن التطبيق كان التفاهم صلباً وعصياً على النقد والتشكيك كما هي الحال بين التيار الوطني الحر وحزب الله». وقال جريصاتي بعد اجتماع التكتّل أمس: «تطرقنا إلى التهميش، فلمسنا إجحافاً محققاً في الإنماء والإدارة، الأمر أصبح يصل إلى حد لا يمكن معه أي مواطن أن يُطيق هذه الكيدية والاعتباطية في التعامل، يكفينا النظر في ناحية الإدارة لنرى إجحافاً في بعض الوزارات وفي بعض الأجهزة الأمنية». وسأل: «لماذا الإيحاء بمثل هذه التصرّفات على أنواعها، أن مكوّناً، أو فريقاً سياسياً من مكون، يمسك بمفاصل القرار المالي والرقابة المالية والملاحقة. الأمر مدعاة استغراب واستهجان ومساءلة». وذكّر ب «ما حكي عن تعيينات في وزارة المال وما تم التثبّت منه من مرجعيات كبيرة على رغم الوعود التي صدرت عن وزير المال وما يجري في المديرية العامة لأمن الدولة». أما لجهة الإنماء، فقال: «الكل يعرف أن مناطقنا تشكو من حصار مالي وإنمائي يصبح معه الإنماء المتوازن أثراً بعد عين وهذا أمر يمس الميثاق ومقدمة الدستور ولن نرضى به». وأضاف: «الأمر أصبح غير مطاق وهذا يعني أننا أصبحنا على حدود الرفض الشعبي العارم بالطرق الديموقراطية المتاحة». وبالنسبة إلى مؤتمر لندن للمانحين، جدد التأكيد أنه «لم يصل لبنان من المبالغ الموعودة سوى اليسير، 1,1 بليون دولار من أصل 11 بليوناً وفق الخطة الحكومية»، مذكراً بأن «وزير الخارجية جبران باسيل وضع خطة، هي خطوة للعودة وليس للمكوث، وليستفيد أولاً اللبنانيون من خلال دعم الاقتصاد والمجتمعات المضيفة وتحدد نطاقات العمل لغير النازحين من السوريين. ولن ترضى ذاكرة بأن يوجه اتهام وتشكيك بهذه الخطة». ورد وزير المال علي حسن خليل عبر «تويتر» على ما جاء في بيان التكتل، مستغرباً «أن تكتّلاً نيابياً يبني موقفه على ما حُكيَ، ويختلق روايات لتغطية مخالفات وزرائه وتهربهم من النقاش المباشر في مجلس الوزراء». وقال: «لِيُعلِن الناطق باسم التكتل النيابي عن أي وعود لوزير المال يتحدث؟». وأضاف: «المسيحيون والحفاظ على التوازن لمصلحتهم أمانة ومسؤولية ارتضيناها في حركتنا بأمرٍ من الله والوطن، فكفى مزايدة».