بعد طول تأمّل، هل يمكن القول ببساطة أن كل من يقدر أن يكتب على صفحة في شبكة اجتماعيّة هو صحافي بالتعريف؟ هل يصبح مجموع الكتابة على صفحات اجتماعيّة، ما يمكن تسميته صحافة حقّاً؟ هدف تلك الأسئلة الكثيرة الإشارة إلى صعوبة أساسيّة في تعريف صحافة المواطن، لكن مصيرها ومسارها مرتبطان كليّاً بمآل شبكات ال «سوشال ميديا». في المقابل، ليس من خلاف على أنّ صحف الورق التي تضع نفسها على الشبكات الرقميّة هي صحافة إلكترونيّة، مع استدراك أن الأخيرة ليست مجرد عرض لصحف الورق في الوسيط الرقمي! لا تكفي التقنية لرسم الحدود المتلاعبة، حتى بالنسبة الى العلاقة بين صحافتي الورق وتلك المستندة إلى الشبكات الاجتماعيّة. هناك من يسير في اتجاه معاكس أيضاً. ثمة مؤسسات «تقلّد» شكل الصحف، في الأبواب ونوعية الكتابة وطرق العمل، وتضعه على الإنترنت، من دون أن تمتلك صحيفة ورق. ويقال عن ذلك كثيراً أنه صحافة إلكترونيّة، ويجري شبه اتفاق على ذلك. هل يصف ذلك الصحافة الإلكترونيّة بطريقة شاملة، بمعنى أنها تمنع أن توصف أشكال أخرى من العمل في الشبكات، بأنها صحافة إلكترونيّة أيضاً؟ هل يجب أن تنقل طقوس الصحافة وطابعها المؤسساتي إلى الفضاء الافتراضي الرقمي (مع اغتراف بعض التقنية) كي ينطبق الوصف عليها؟ هناك حدود أخرى في هذه اللعبة التي لا تكف عن التحرّك. مع ظاهرة التلاقي الرقمي «ديجيتال كونفرجانس» Digital Convergence يصبح الأمر مختلفاً أيضاً، إذ تتقاطع التلفزة ووسائلها، مع الاتصالات وميّزاتها، إضافة إلى الكتابة الإلكترونيّة، في صنع «مادة» إعلاميّة رقميّة. هل يصبح التلاقي الرقمي من الخطوط الرئيسية التي ترسم صحافة المواطن؟ كيف يؤثّر الأمر في تطوّر الشبكات الاجتماعيّة التي هي النبع والمصدر في «صحافة المواطن». تكاثرت الأسئلة، ولم تنته. ثمة حدود لم تظهر، وأخرى يصعب تحديدها... ليس بعد.