رفع الجانبان الأميركي والروسي من مستوى حضورهما في جنيف لتأكيد اهتمام الجانبين بإطلاق المفاوضات بين ممثلي الحكومة السورية والمعارضة، في وقت كان لافتاً ان الطرفين السوريين يستعجلان المواجهة في مفاوضات مباشرة في غرفة واحدة في جنيف، على رغم اختلاف أولوياتهما بين مطالبة المعارضة ب «جدول زمني للمفاوضات وخصوصاً الجانبين الانساني والسياسي» واستمرار وفد الحكومة في اعطاء الأولوية ل «محارية الإرهاب». ويصل نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف الى جنيف التي سبقته اليها منذ يومين نائبة وزير الخارجية الأميركي آن بترسون لتوفير مظلة سياسية للمفاوضات السورية، بعد اتصال هاتفي بين وزيري الخارجية جون كيري وسيرغي لافروف مساء امس، بالتزامن مع وصول وفد الهيئة التفاوضية العليا، ضم اعضاء فيها ووفدها المفاوض، الى جنيف استعداداً للقاء المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا اليوم. ويتضمن برنامج دي ميستورا، لقاءه مع ممثلي الحكومة والمعارضة الاثنين في غرفتين منفصلتين لعرض تصوره للمفاوضات، التي تشمل ثلاثة مسارات: «انساني ووقف النار وسياسي» مع نيته طرح اسئلة على الأعضاء على امل الحصول على اجوبة عنها في الجلسة الثانية الاربعاء. وتمسكت المعارضة، بحصول تقدم قبل نهاية الأسبوع، الأمر الذي شددت عليه دول اقليمية داعمة للمعارضة. وكان دي ميستورا ابلغ مسؤولين غربيين ان رئيس وفد الحكومة بشار الجعفري ركّز خلال لقائه دي ميستورا مساء اول من امس، على «أولوية محاربة الإرهاب وعدم مشاركة ممثلي فصائل المعارضة (المسلحة) في الوفد المعارض خصوصاً ممثل «جيش الإسلام» محمد مصطفى علوش». لكن السفير الروسي في جنيف ألكسي نورودانكين حضّ الجعفري خلال لقائهما على «إبداء المرونة» والدخول في «مفاوضات سياسية لإيجاد حل للأزمة السورية». ونقل مسؤول غربي ل «الحياة» عن دي ميستورا قوله ان الجعفري ابلغه انه لم يأت الى جنيف ل «التفاوض مع الأممالمتحدة، بل لأجل المفاوضات مع السوريين». وأضاف المسؤول ان الهيئة التفاوضية قررت ارسال وفد من اعضائها والوفد المفاوض الى جنيف تحت ثلاثة شروط، وهي: «وجود جدول زمني للمفاوضات وتحقيق تقدم في المجال الانساني خصوصاً اطلاق سراح الاطفال والنساء وإيجاد ممرات انسانية الى المناطق المحاصرة، اضافة الى انتقال المفاوضات الى مفاوضات مباشرة لأن المعارضة لا تريد مفاوضات مع الأممالمتحدة». وسعى مسؤولون أميركيون أمس الى إقناع دول غربية وعربية حليفة للمعارضة بالضغط على الهيئة للإبقاء على وفدها الأسبوع المقبل الى حين انعقاد المؤتمر الوزاري ل «المجموعة الدولية لدعم سورية» في ميونيخ في 11 الشهر المقبل، الذي يرمي الى تقويم نتائج الجولة الاولى من المفاوضات و «وضع اسس الجولة الثانية» بما ذلك حل «عقدة» مشاركة «الاتحاد الديموقراطي الكردي» بزعامة صالح مسلم الذي اجرى اتصالات اضافية أمس بعدما تبلغ انه لن يدعى حالياً الى المفاوضات، لكن دوره «اساسي في المرحلة اللاحقة لدى البحث في مستقبل سورية وعلاقة دمشق بالأطراف» في اشارة الى الإدارات الذاتية الكردية التي اعلن عنها «الاتحاد الديموقرطي» بالتحالف مع قوى اخرى. ولن يكون مسلم ضمن الشخصيات المعارضة التي سيلتقيها دي ميستورا الثلثاء المقبل، ضمن لقاءاته مع ممثلي المجتمع المدني والنساء والشخصيات المدعوة بعيداً من ممثلي وفدَي الحكومة والمعارضة. وقال قيادي في أعضاء «القائمة الروسية» امس انهم ابلغوا دي ميستورا انهم «يريدون تعاملاً موازياً من حيث العدد والصلاحيات لوفد الهيئة التفاوضية» التي انبثقت من مؤتمر الرياض. واستضاف المبعوث الفرنسي فرانك جيله في مقر البعثة الفرنسية في جنيف ممثلي 10 دول من «النواة الصلبة» من «اصدقاء سورية» (بعد انسحاب مصر) لتنسيق المواقف بينها قبل انطلاق المفاوضات. وكان لافتاً أن بطاقات دول المبعوثين الغربيين إلى الأممالمتحدة صالحة لغاية نهاية تموز (يوليو) المقبل، ما اعتبر مؤشراً إلى إمكان استمرار المفاوضات نحو ستة اشهر على الأقل. وطغى الوضع الإنساني والحصار على مضايا في ريف دمشق على مفاوضات جنيف كما حصل لدى هيمنة الحصار على احياء حمص على «جنيف -2». وأعلنت «منظمة اطباء بلا حدود» ان 16 شخصاً آخرين توفوا بسبب الجوع في بلدة مضايا من القوات الموالية للنظام، منذ ان دخلتها قوافل المساعدات الإنسانية في منتصف الشهر. وأضافت في بيان ان 320 شخصاً يعانون سوء التغذية بينهم «33 يعانون من سوء تغذية حادة ما يضعهم تحت خطر الموت». ونقلت «سكاي نيوز عربية» عن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قوله إن «على الأسد الرحيل إما ضمن عملية سياسية أو يتم إبعاده بالعمل العسكري على الأرض». وشدد الجبير «على أهمية دور التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب». وبعيداً من جنيف، عاد أمس التوتر الروسي - التركي عقب احتجاج أنقرة على انتهاك طائرة سو- 34 روسية أجواءها يوم الجمعة وتجاهلها تحذيرات عدة بالروسية والإنكليزية. وأعلنت وزارة الخارجية التركية أنها استدعت السفير الروسي في أنقرة وأبلغته «احتجاجاً قوياً»، مشيرة إلى أن الخرق الجديد «مؤشر صلب إلى التصرفات الروسية الهادفة إلى تصعيد المشكلة، على رغم التحذيرات الواضحة من بلدنا وحلف شمال الأطلسي». وأعادت الخارجية التذكير بأن الأجواء التركية «هي أجواء حلف الأطلسي»، وشددت على أنها «تحمّل روسيا المسؤولية عن العواقب الوخيمة التي يمكن أن تنجم عن مثل هذا التصرفات غير المسؤولة». وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أسقطت مقاتلات «أف - 16» تركية طائرة «سوخوي» روسية في منطقة الحدود التركية - السورية خلال عملية قصف مواقع للمعارضة في ريف محافظة اللاذقية الشمالي. وقُتل في الحادث طيّار روسي وجندي آخر كان في مهمة لإنقاذه.