تحتل المملكة مكانة متقدمة في قائمة الدول التي تقدم معونات ومساعدات إنسانية وإغاثية عالمية، بحسب ما أوضح المدير التنفيذي لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ماهر الحضراوي الذي أكد أن المركز يسعى إلى توثيق هذه المساعدات من خلال التواصل مع الأممالمتحدة، إضافة إلى تسجيلها عبر نظام التتبع المالي. وأشار إلى أن «سجلات الأممالمتحدة، والمنظمات الدولية المعنية بتسجيل المساعدات الإغاثية والإنمائية العالمية، تظهر حجم تفوق الدعم الإنساني السعودي عالمياً»، كاشفاً عن «قيام المملكة بالتنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي عن طريق الأمانة العامة للمجلس لتوثيق المساعدات السعودية كافة؛ لإبراز الدور الذي تقوم به المملكة في هذا الجانب أمام الرأي العام العالمي». وقال: «إن المملكة قدمت مساعدات إغاثية إلى اليمن وحدها خلال 2015 بلغت أكثر من 410 ملايين دولار». وفي ما يتعلق بالآلية المستقبلية لاستقبال مركز الملك سلمان للإغاثة لتبرعات المواطنين العينية على مستوى مناطق المملكة في ظل تعذر توافر فروع للمركز في مختلف أنحاء المحافظات، أوضح الحضراوي أن هناك تنسيقاً قائماً بين المركز، ووزارة الداخلية؛ لتنسيق الجهود في ذلك، مؤكداً أن المركز «سوف يستعين بالجمعيات الخيرية وإمارات المناطق في عملية تنسيق جمع التبرعات من المواطنين للمركز فقط»، لافتاً إلى استفادة المركز من خبرة الجمعيات الخيرية في تغليف المساعدات أياً كان نوعها (ملابس، وأطعمة وغيرها) وتأهيلها لتكون صالحة للشحن والاستعمال. وشدد على أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية «يسعى إلى تقديم تبرعات عينية تليق باسم شعب المملكة إلى الشعوب والدول المستفيدة، ويعمل منسوبوه حالياً على إيجاد نوعيات ومواصفات محددة للتبرعات العينية التي سيستقبلها من الأفراد والشركات ستتوافر بياناتها على موقع المركز على شبكة الإنترنت، كما أن عملية التغليف والشحن ستتم وفق مواصفات معينة تحفظ جودتها وقيمتها». وأوضح أن «مساعدات المركز في اليمن سواء عن طريق منظمة الأممالمتحدة، أم المنظمات الدولية الأخرى، يتم إرفاق استمارة أو استبانة معها لمعرفة مدى رضا المتلقي عنها ومستوى جودتها، إضافة إلى فتح قنوات للتواصل عبر وسائط عدة؛ للتعامل مع المستفيدين منها، وتلقي ملاحظاتهم ومستوى رضاهم عنها، بخاصة في ما يتعلق بعملية التوزيع أو المحتوى أو مستوى التغليف»، مضيفاً أن «المركز يتعاقد مع شركات عالمية متخصصة لتقويم أداء المشاريع والبرامج المنفذة، وتقديم تقارير مباشرة إلى المسؤولين في المركز عنها؛ للتأكد من وصول المساعدات إلى مستحقيها بالشكل والمستوى المطلوب». وعن طبيعة تدريب المتطوعين وتأهيلهم لتقديم المساعدات في الخارج أكد الحضراوي أن «المركز لا يفرق بين المتطوع أياً كان رجلاً أم امرأة في تقديم الإغاثة الخارجية، ويعمد إلى تأهيلهم وإلحاقهم بدورات متعددة تربط بين النظرية والتطبيق وتطوير قدراتهم، ويتم ذلك تبعاً لبرامج محددة مرتبطة بمؤهلاتهم تُعلن من خلال وسائل الإعلام، أو الموقع الإلكتروني للمركز، إضافة إلى أن المركز يحتوي على مركز بحوث ودراسات يعنى بالعمل الإنساني، وسيحظى برعاية من أحد الجامعات واستقطاب باحثين ومهتمين بهذا الشأن، كما سيتم تخصيص جائزة سنوية للبحوث المميزة». مفهوم جديد للعمل الإنساني شدد المدير التنفيذي لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ماهر الحضراوي على أن «المركز يسعى إلى أن يكون رائداً عالمياً في مجال تقديم العمل الإنساني بمفهومه الأشمل، والتعامل مع الحاجات الإنسانية وفق سياسة واستراتيجية عامة، وخطة تشغيلية مرنة تتغير ما بين 3 و 5 أعوام، ومبنية على تقديرات واقعية عن حجم حاجة الأزمات الإنسانية الدولية من دعم أو مساندة». وأكد «أن دور المركز لا يقتصر على تقديم الإغاثة العاجلة المتمثلة بالغذاء، والكساء، والدواء، والإيواء، أو معالجة كارثة لسبب معين فقط، بل يقدم مشاريع تتفاوت ما بين قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، مثل: المساعدة في إعادة الإنتاج، وإيجاد فرص عمل للمتضررين من خلال برنامج الأممالمتحدة الإنمائي المتمثل بدعم المزارعين بالأدوات، والآلات، والثروة الحيوانية، ودعم الصيادين بالقوارب، ودعم المخابز، وتقديم المواد والمساعدات المالية لهذه الفئات لإعادة الإنتاج، إضافة إلى تبني المركز لمشاريع دعم المعاهد المهنية، وتوجيه الشباب إلى اكتساب حرف ومهن يستفيد منها المجتمع». وعن مدى اهتمام المركز بتقديم دعم نفسي لأسر الضحايا أشار الحضراوي إلى أن «المركز أقر برنامج مع الأممالمتحدة يعنى بدعم أسر الضحايا نفسياً للعودة إلى الانخراط في المجتمع أياً كانت الفئة المستهدفة (أرامل، أيتام)، ومساعدتهم في التحول إلى أن يصبحوا أسراً منتجة تمتلك دخلاً خاصاً، كما أن المركز لديه برنامج مع مفوضية حقوق الإنسان لدعم المجتمع المدني في معرفة حقوقه وإدراك حقوق السيدات والأطفال، وتم توقيع اتفاق مع الأممالمتحدة في هذا الجانب بأكثر من 274 مليون دولار». وعن دعم المركز للمشاريع التعليمية قال: «يعمد المركز إلى استحداث وسائل تقنية وتطبيقات إلكترونية وقنوات فضائية تكفل لطلبة البلد المتضرر أو النازحين أو اللاجئين الاستمرار في التعليم واستذكار الدروس أولاً بأول، كما أن المركز يبادر في دفع رواتب معلمي البلد المتضرر للقيام بمهمة تدريس أبنائه عن بعد، في الوقت الذي يقدم فيه المناهج المعتمدة من وزارة التعليم التابعة للحكومة الشرعية للبلد المتضرر». مشاريع كبرى في اليمن وطاجكستان وموريتانيا أكد المدير التنفيذي لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ماهر الحضراوي أن «مركز الملك سلمان للإغاثة لم يتجاوز تأسيسه بضعة أشهر، إلا أنه قدم خلال فترة وجيزة خدمات ومشاريع هائلة تفاعلاً مع الأزمة الإنسانية في اليمن، كما أن لديه مشاريع على وشك التنفيذ لدعم موريتانيا، وطاجكستان، واللاجئين الصوماليين في اليمن، أو اللاجئين اليمنيين في الصومال، والنازحين بعد الحرب في دول المنطقة»، كاشفاً عن تسابق دول عدة إلى طلب الدعم من السعودية. وقال: «ورد المقام السامي طلب من الحكومة الطاجكستانية وحاجتها إلى الدعم بعد تعرضها لفيضانات وزلازل، وتعامل المركز مع الأزمة الطارئة وسعى إلى معالجته عبر مشاريع تكفل -بإذن الله- عدم تكرار هذه الأحداث مستقبلاً». وأضاف أن «المركز بدأ بالعمل على مجالين، الأول: تقديم الإغاثة العاجلة (الغذاء، والدواء، والإيواء) والثاني: تقديم مشاريع متوسطة المدى متمثلة في إنشاء السدود، أو تحويل قنوات الأنهار لمعالجة أسباب الفيضانات». وفي موريتانيا أوضح المدير التنفيذي أن بلاد شنقيط تضررت من الجفاف، وهو ما أدى إلى نفوق الحيوانات في الوقت الذي يعتمد اقتصادها على الثروة الحيوانية، وبناء على أمرِ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، نفذ المركز مشروع لتقديم السلال الغذائية للموريتانيين، وتأمين الأعلاف للحيوانات، وشراء المواشي والأغنام وتقديمها للأسر، وحفر الآبار، وهناك تنسيق مع الصندوق السعودي للتنمية لاستكمال بعض المشاريع التنموية في موريتانيا وفقاً لخطة مستقبلية». وعن آلية اعتماد موازنة لدعم بلد ما، أوضح الحضراوي أن «المسألة تعتمد على الخطة التشغيلية للدول المستهدفة، وأولويات حاجة كل دولة، ومن ثم معرفة الإمكانات لتنفيذ المشاريع ونقل التصور المطروح إلى المقام السامي، ثم يتم بعد ذلك توفير الموازنة على أساس تلك الدراسة حتى لا تكون مجرد اجتهادات جزافية». وعن عدد المراكز والمكاتب التي يسعى المركز لافتتاحها في الخارج، قال «إن المسألة تعتمد على حجم المشروع، فإذا كان حجم المشروع كبيراً، سيكون له فرع دائم في تلك الدولة المستهدفة، وإن كان حجمه صغيراً، سيكتفى بتوفير مكتب موقت لإدارة المشروع ينتهي بانتهائه».