يسود شعور بالقلق أوساط المزارعين في عدد من مناطق المغرب، بسبب ضعف تساقط المطر وانخفاضها عن مستواها المسجل العام الماضي، والذي مكّن من إنتاج 11.5 مليون طن من الحبوب وخفض قيمة المشتريات الغذائية من الخارج نحو 15 في المئة. وتعاني مناطق شاسعة في جنوب البلاد ووسطها من شح واضح في أمطار الخريف والشتاء، وارتفاع غير مسبوق في درجة الحرارة، ما يزيد المخاوف من عودة دورة الجفاف التي ضربت المغرب في ثمانينات القرن الماضي. وقال وزير الزراعة والصيد البحري عزيز أخنوش على هامش الافتتاح الرسمي للجناح المغربي في معرض «الأسبوع الأخضر» في برلين: «السنة الزراعية المغربية انطلقت في شكل جيد، والمواد الأولية موجودة، والوضع في الريف مستقر والماء متوافر والتمويل مضمون». وأبدى «تفاؤلاً بإمكان تساقط الأمطار في الأسابيع المقبلة، ما قد ينقذ الموسم الزراعي، مستنداً في ذلك على تقارير للتوقعات الجوية تفيد بإمكان هطول الغيث قريباً. وأفادت مصادر في وزارة الزراعة «الحياة» بأن المناطق الواقعة إلى شمال سهول الغرب الأطلسي لم تتأثر كثيراً بانحباس الأمطار، بينما تضررت المناطق الواقعة إلى الجنوب والشرق. ويمكن التعويض عن الخسائر الزراعية لنحو مليون هكتار من الأراضي التي تحظى بالتأمين على محصولها، مع انتظار محتمل لسقوط الأمطار، وإنقاذ الموسم الزراعي. وأشارت الى أن مشاريع المخطط الأخضر المعمول به منذ العام 2008 أتاحت إحداث تغيرات هيكلية في بنية القيمة المضافة الزراعية، من خلال تقليص زراعة الحبوب من 30 إلى 19 في المئة من إجمالي الأراضي، والتركيز على العناية بالزراعات القليلة التأثر بالجفاف وذات القيمة المضافة العالية، مثل الأشجار المثمرة والخضار والفواكه والغلال ورفع حصتها إلى 22 في المئة، وتربية الماشية 27 في المئة، مع الاعتماد على منظومة الري المحوري لترشيد استعمال المياه العذبة، في نحو نصف مليون هكتار. والنتيجة أن النمو الزراعي كان أعلى ثلاث مرات من النمو الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة، على رغم تراجع حصة الزراعة إلى مجموع الناتج الإجمالي بفضل تطور الصناعة التي أصبحت تمثل 17 في المئة هذه السنة. وتوقع «المركز الاقتصادي للظرفية» في الدار البيضاء أن يفقد النمو الاقتصادي في المغرب ثلاث نقاط على الأقل جراء انحباس الأمطار، وان يتراجع النمو الاقتصادي إلى 1.2 في المئة عوضاً عن 4.7 في المئة المسجلة العام الماضي، مستنداً على حجم القطاع الزراعي في مجموع الاقتصاد المغربي الذي يُقدر بنحو 16 في المئة. بدوره توقع المصرف المركزي تراجعاً في النمو إلى 2 في المئة تحت تأثير ضعف مشاركة القطاع الزراعي في الناتج الإجمالي، وهي النسبة ذاتها التي تحدث عنها تقرير المندوبية السامية في التخطيط (وزارة التخطيط) الذي أشار إلى أهمية النشاطات الزراعية في توفير فرص العمل في الأرياف والحد من الهجرة نحو المدن. لكن مصالح وزارة المال والاقتصاد تتمسك بنسبة نمو لا تقل عن 3 في المئة هذه السنة، وهي واردة في الموازنة بفضل تحسن المؤشرات الماكرو اقتصادية، وزيادة الصادرات الصناعية وعودة الانتعاش إلى الأسواق الأوروبية، والتدفقات الاستثمارية الخارجية، التي بلغت أربعة بلايين دولار عام 2015.