أعلن المصرف المركزي المغربي أمس، أن تحسّن الإنتاج الزراعي، المقدّر بنحو ثمانية ملايين طن من الحبوب الرئيسة خلال الموسم الحالي، سيرفع معدلات التضخم إلى 2.5 في المئة خلال الربع الأول من العام المقبل، مقارنة ب 2.2 في المئة حالياً، بسبب زيادة استهلاك الأسر القروية. وسيؤدي ارتفاع الطلب على الصادرات المغربية في السوق الدولية إلى زيادة الإنتاج الصناعي، ما يحسّن مؤشرات النمو المرتقبة لنهاية العام والتي تقدّر بخمسة في المئة من الناتج الإجمالي. وأظهر تقرير أصدره المركزي، أن الموسم الزراعي الجيد سيتيح للعائلات القروية زيادة طلبها على الخدمات، ما يشكّل ضغطاً على معدلات التضخم التي سترتفع من 1.7 في المئة إلى 2.2 ثم إلى 2.5 على التوالي، بعد تحسّن الأجور المرتقب الشهر المقبل، عقب تنفيذ الحكومة التزاماتها الاجتماعية التي قدّرت بنحو بليون دولار. وسيساعد ارتفاع تحويلات المهاجرين في تحسين معيشة الأسر، التي تعتمد عليها بنسبة عشرة في المئة، والمقدّرة بثمانية بلايين دولار هذا العام. ووفق المركزي، سيواصل المغرب تحقيق معدلات نمو مرتفعة بالاعتماد على الطلب (الاستهلاك الداخلي وتوسيع القروض)، وهي صيغة اعتمدت منذ الأزمة الاقتصادية العالمية، وجنّبت الاقتصاد أخطار الركود. ولعبت الزراعة، المورد الرئيس ل40 في المئة من السكّان، دوراً كبيراً في ارتفاع الاستهلاك وزيادة الدخل الفردي، خصوصاً في الأرياف، كما تساهم ب16 في المئة من الناتج الإجمالي، إضافة إلى دورها في تقليص معدلات البطالة في العالم القروي إلى ما دون 3 في المئة. وساهم تحسّن أجور العاملين، في القطاعين العام والخاص، في ارتفاع الطلب على الخدمات داخل المدن، وأتاحت قروض الإسكان خلق وظائف جديدة في العقار والبناء والتجهيز المنزلي والخدمات المرافقة مثل الصيانة وتركيب الهوائيات وآليات التبريد والطاقة الشمسية. وللمرة الأولى منذ عقود، سجّلت حركة النزوح من الأرياف إلى المدن تراجعاً ملموساً، ارتبط بتحسن الدخل والإنتاج الزراعي وبمشاريع التنمية القروية وتعميم مد شبكة الماء والكهرباء والتطهير وفك العزلة عبر إنشاء طرق سريعة وبناء مدارس ومستشفيات قريبة من التجمعات الكبيرة في الأرياف. ويرى المركزي في ارتفاع التضخم بسبب الزراعة، مؤشراً جيداً، إذ انه ارتبط بزيادة الإنتاج، ما سيؤدي على المدى المتوسط إلى تقليص الطلب على الغذاء المستورد وتأمين السقف المطلوب في معظم السلع والغلال. وأشار تقرير أعدته «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» ومنظمة «الفاو» في روما، إلى أن المحاصيل الزراعية الجيدة هذا الموسم، ستترجم انخفاضاً في أسعار السلع الغذائية العالمية بعد الارتفاعات التي شهدتها في وقت سابق هذا العام. وتوقع أن تعاود الأسعار ارتفاعها خلال العقد المقبل، وقد تصل الزيادة في أسعار الحبوب إلى 20 في المئة، وفي أسعار اللحوم إلى 30 في المئة. ولمواجهة ارتفاع الطلب على الغذاء في الأعوام المقبلة، تنفّذ الرباط برنامجاً طموحاً بكلفة تقدّر بنحو 20 بليون دولار في إطار مخطط «المغرب الأخضر» لمضاعفة إنتاج معظم الحبوب والخضروات والفواكه والحوامض وزيت الزيتون بحلول عام 2020. ويعتبر المغرب، الذي لا يملك نفطاً أو غازاً، من اكبر دول المنطقة التي حقّقت نسبة عالية من الاكتفاء الغذائي، وهو ثاني مصدّر في البحر الأبيض، بعد تركيا، إلى الاتحاد الأوروبي. وقال وزير الزراعة والصيد البحري عزيز أخنوش، إن نتائج مخطط «المغرب الأخضر»، بعد ثلاث سنوات من إطلاقه، مشجعة، إذ سُجّل ارتفاع في القيمة المضافة للزراعة بلغت 20 بليون درهم (2.5 بليون دولار) سنوياً، فيما بلغت قيمة الاستثمارات 17 بليون درهم وشملت 64 مشروعاً على مساحة 132 ألف هكتار.