دعا النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير خارجية الكويت الشيخ صباح خالد الصباح إيران إلى الاضطلاع بمسؤوليتها في توفير الضمانات لحماية البعثات الديبلوماسية على أراضيها. وأكد في كلمة، خلال ترؤسه الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي الذي عقد للبحث في الاعتداءات على سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، في حضور وزراء خارجية ورؤساء وفود الدول الأعضاء في المنظمة، بما فيها إيران أمس، «ضرورة التزام إيران مجمل القوانين والمواثيق الإقليمية والدولية، لا سيما اتفاق فيينا 1961، في شأن العلاقات الديبلوماسية واتفاق فيينا 1963، الخاص بالعلاقات القنصلية اللذين يلزمان الدول باتخاذ كل الخطوات لحماية البعثات التي تستضيفها». وجدد الصباح دعم جهود المملكة في «الإجراءات التي اتخذتها لمكافحة الإرهاب بأشكاله وأنواعه كافة، وأياً كانت مصادره ودوافعه»، مشدداً على «أهمية التزام الدول الأعضاء في المنظمة الأهداف والمبادئ الواردة في ميثاقها، والتي تنص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء واحترام سيادة واستقلال ووحدة أراضي كل دولة عضو». وقال: «إن هذا الاجتماع الاستثنائي يأتي استجابة لطلب السعودية لبحث تداعيات الاعتداءات التي طاولت مبنى سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مشهد» مضيفاً: «إن تجاوب 37 دولة من الدول الأعضاء لهذا الطلب ومستوى التمثيل العالي الذي نشهده في هذا الاجتماع يعكس بشكل واضح الأهمية التي توليها الدول الأعضاء لهذا الأمر المهم». ولفت إلى بيان أصدرته منظمة التعاون الإسلامي في الثالث من كانون الثاني (يناير) الجاري شجب الاعتداءات على سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مشهد، مشيراً إلى «ما تمر به الأمة الإسلامية من ظروف استثنائية وتحديات صعبة، وهو ما يستوجب الآن وأكثر من أي وقت مضى زيادة التمسك بقيم الدين الإسلامي الحنيف المبنية على سيادة روح الإخاء والتكافل والتضامن بين المسلمين كافة»، مؤكداً أن «هذه القيم انعكست في ميثاق منظمة التعاون الإسلامي؛ بغية دعم أواصر الأخوة والتضامن وتعزيزها بين الدول الإسلامية كافة». ولفت إلى أهمية خروج الاجتماع بنتائج إيجابية لما فيه خير ونصرة الإسلام والمسلمين. إلى ذلك، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني أن «ما تعرضت له المقار السعودية في إيران ينافي الضوابط والممارسات الديبلوماسية التي أقرتها معاهدتا فيينا في هذا الجانب، وما يرتبط بهما من مواثيق وقرارات أممية». وشدد في كلمته خلال الاجتماع على أن «التدخل في شؤون أي دولة من الدول الأعضاء من شأنه أن يخل بمقتضيات ميثاق المنظمة الذي التزم جميع الأعضاء بكل فصوله ومبادئه». وأشار إلى نص الفقرة ال20 من ديباجة الميثاق المنظمة والتي أكدت ضرورة «التقيد الصارم بمبدأ عدم التدخل في الشؤون التي تندرج أساساً ضمن نطاق التشريعات الداخلية لأية دولة واحترام سيادة واستقلال ووحدة كل دولة عضو». وقال: «إن استمرار تأزم العلاقات بين بعض دولنا الأعضاء يسهم في تعميق الشروخ في الكيان السياسي الإسلامي، ويكرس الاصطفافات السياسية أو المذهبية التي تبعد الدول الإسلامية عن التصدي الفعال للتحديات الحقيقية التي تهدد مصير الدول الأعضاء وشعوبها». ولفت إلى «ما حدث خلال الأسابيع القليلة الماضية من عمليات إرهابية استهدفت دولاً أعضاء في المنظمة: باكستان وأفغانستان وتركيا وإندونيسيا وبوركينا فاسو وليبيا والكاميرون ومالي، إضافة إلى ما يحدث بوتيرة لا تنقطع من قهر واضطهاد في فلسطين». وأوضح «أن هذه الأحداث تدعو الدول الإسلامية إلى مزيد من التنسيق والتعاون في إطار مقاربة إسلامية جماعية تنأى عن الحسابات والمزايدات الضيقة، وتمكنها من استئصال آفة التطرف والإرهاب، ومعالجة مسبباتها وأبعادها المختلفة بشكل جذري، ومواجهة الممارسات العنصرية الإسرائيلية والالتفات إلى تحديات ومتطلبات التنمية الاقتصادية والبناء السياسي والبحث العلمي». وزاد: «إن ما يبعث على الأسف أن واقع الانقسام الإسلامي والخلافات البينية المزمنة يؤثر سلباً في أداء المنظمة، ويضعف من قدرتها على الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها، ويخدش صدقيتها أمام الرأي العام الإسلامي والدولي ويجعلها في موضع المساءلة أمام الأمة الإسلامية». من جهة أخرى، طالب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير المنظمة ب«اتخاذ موقف صارم تجاه إيران ينبثق من مبادئ ميثاقها، ويستند إلى مبادئ وأحكام الاتفاقات والقوانين الدولية»، مؤكداً أن الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد تعد جزءاً من سلسلة اعتداءات مستمرة تتعرض لها البعثات الديبلوماسية في إيران وبشكل ممنهج منذ 35 عاماً». وقال في كلمة له خلال الاجتماع: «إن الاعتداءات الإيرانية على البعثات الديبلوماسية لم تسلم منها سفارة دول إسلامية أو أجنبية من دون أن تبذل حكومة طهران أي جهد لإيقاف هذا العبث لحرمة البعثات الديبلوماسية سوى بعض بيانات الإدانة التي تصدر عن المسؤولين في طهران»، مضيفاً: «بلغ بحكومة إيران التحدي والاستفزاز إلى الدرجة التي يعلنون فيها وبتفاخر أن بلادهم باتت تسيطر على أربعة عواصم عربية وأنهم يدربون 200 ألف مقاتل في عدد من بلدان المنطقة وهو ما يشكل دليلاً واضحاً على سياسات إيران الحالية تجاه جيرانها ودول المنطقة العربية». وشدد على أن «الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة وقنصليتها في مشهد تمثل انتهاكاً واضحاً وسافراً لحرمتها ولكل الاتفاقات والمعاهدات والقوانين الدولية التي تجرِّم ذلك وتحمِّل حكومة الدولة المضيفة المسؤولية الكاملة لحمايتها وحماية منسوبيها من أي اعتداءات»، مضيفاً أن «مسؤولية حكومة الدولة المضيفة تتطلب منها اتخاذ الإجراءات وليس إصدار بيانات، هدفها رفع العتب أكثر من حماية البعثات الديبلوماسية بشكل عملي». أما وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، فأكد أن الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي «دان بشكل جماعي إيران على ما قامت به من هجوم على البعثة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، إضافة إلى تحميل إيران المسؤولية كافة حول التزامها بحماية المقار والبعثات الديبلوماسية في أراضيها، بحسب اتفاق فيينا. وأضاف ل«الحياة» أمس أن «البيان الختامي للاجتماع حظي بإجماع عام ورفض إيراني»، مشدداً على أن بلاده «جددت استنكارها الأعمال العدوانية الإيرانية على المقار الديبلوماسية السعودية». وأكد استنكار تركيا «التدخلات الإيرانية في اليمن والبحرين وسورية ودعمها النظام الإرهابي السوري الذي تسبب في مقتل مئات الآلاف من المواطنين السورين، إذ لا يزال يمارس القتل في شعبه حتى الآن».