ارتفعت البطالة في ألمانيا في الشهر الأخير من العام الماضي بعد انخفاضات متتالية تحققت في الشهور السابقة. وأعلنت وكالة العمل الاتحادية مطلع الأسبوع الجاري أن عدد العاطلين من العمل سجّل في نهاية الشهر الماضي 2.681 مليون شخص في مقابل 2.633 مليون في الشهر السابق. وإذا كانت الزيادة بلغت 48 الفاً عن تشرين الثاني (نوفمبر) فإن الانخفاض عن كانون الأول (ديسمر) 2014 بلغ نحو 82 ألفاً. وتبعاً لذلك زاد معدل البطالة في البلاد في شكل طفيف من 6 في المئة في تشرين الثاني إلى 6.1 في المئة حالياً. وأكد رئيس وكالة العمل، فرانك يورغن فايزه، أن «للزيادة الطارئة في حجم البطالة أسباباً موسمية» مضيفاً أن العاملين في قطاعات الخدمات والزراعة «يفقدون في العادة أعمالهم في فصل الشتاء القارس، علماً أن اعتدال الطقس في كانون الأول (ديسمبر) الفائت منع حصول بطالة أكبر». وبفضل الوضع الجيد جداً في سوق العمل تتوقع وكالة العمل فائضاً مالياً في صندوقها قدره 3.13 بليون يورو سيشكل عوناً مهماً لها في مواجهة مختلف الآثار السلبية التي يمكن أن تطرأ على اليد العاملة في البلاد في حال ارتفاع البطالة في شكل مقلق. وتبعاً لتقديرات خبراء الاقتصاد والمال الألمان يُنتظر حصول تطور جيد في سوق العمل في البلد هذه السنة. وقال الخبير في مصرف «دويتشه بنك» هايكو بيترز «إن الناظر إلى عمق الوضع الاقتصادي الحالي في ألمانيا يرى أن سوق العمل فيها في حالة جيدة». وأضاف: «من الصحيح ان عدد العاطلين من العمل سيرتفع هذه السنة» للمرة الأولى منذ العام 2013 «إلا أن السبب في ذلك سيعود في الدرجة الأولى إلى العدد الكبير من اللاجئين، ومن دونهم لكانت البطالة واصلت مسيرة التراجع». وأضاف: «مع ذلك فإن الزيادة في البطالة التي ستنتج عن اللاجئين ستكون قليلة». ونفى فايزه كلام بعضهم عن أن العدد المتزايد للاجئين في البلاد «يضع العاملين في وكالته أمام مشاق كبيرة»، مؤكداً من جديد أن «اي تنافس لن يحصل بينهم وبين قدماء العاطلين من العمل الألمان للحصول على عمل». وأعلن المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن أن متوسط عدد العاملين في البلاد بلغ في العام الماضي 43 مليوناً، و «هو رقم لم يسجّل في أي وقت سابق في البلاد». وأضاف أيضاً أن الطلب على اليد العاملة ارتفع العام الماضي إلى حد قياسي، وكذلك فرص العمل في الشركات والمؤسسات. إلى ذلك أفادت نقابات أرباب العمل أخيراً بأنها تنتظر تأمين 200 ألف فرصة عمل في القطاع الخاص في السنة الجديدة. وذكر الأمين العام لاتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية، مارتين فانسليبن، أن استطلاعاً أجراه مع مسؤولي 25 ألف شركة عضو في الاتحاد أظهر أمكان توفير هذه الكمية من الوظائف، «ولو أن عددها المذكور لن يكون بحجم السنوات الماضية التي شهدت نمواً مماثلاً». في المقابل، حذّر بعض الخبراء والمراقبين من أن يكون زمن انخفاض البطالة في البلاد وصل إلى نهايته، أو أن تشهد السنة المقبلة عودة إلى الارتفاع، وإن بنسب معقولة بفضل فرص العمل الجديدة التي ستستحدث. وبحث وزراء الاقتصاد في الولايات الألمانية ال16 تقديم أجوبة عن كيفية فتح مجالات العمل في أسرع وقت أمام اللاجئين، وتوافق معظمهم على ضرورة إلغاء مبدأ الأفضلية القاضي بإعطاء المواطن الألماني، ومن بعده الأوروبي، أحقية الحصول على فرصة عمل قبل العامل الأجنبي، واتفقوا على ترك الأمر لأرباب العمل لتقرير من سيختارون. واقترحت وزيرة الاقتصاد في ولاية راينلاند - بفالتس، ايفيلين ليمكه، على زملائها تجميد العمل بمبدأ الأفضلية فوراً لمدة سنتين على الأقل، ما طالب به أيضاً اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية. لكن الوزيرة رفضت مطلب أرباب العمل بوقف العمل بقانون الحد الأدنى للأجور، كما دعت إلى رفع سن الراغبين من اللاجئين بدخول دورات التعليم المهني المزدوج إلى جانب دورات تعلم اللغة الألمانية. وقال رئيس المكتب الاتحادي للجوء والهجرة ميشائيل غريسبك الذي شارك في اجتماع الوزراء لبحث قضية دمج اللاجئين في سوق العمل وفي المجتمع، إن مكتبه «يريد في أسرع وقت ممكن تنفيذ حملة مسح شاملة لإمكانات اللاجئين الذين سيصل عددهم إلى أكثر من مليون». وأضاف أن موضوع المسح بُحث كذلك مع مسؤولي وكالة العمل الاتحادية لإرساء تعاون مشترك معها.