يتفق خبراء واقتصاديون ألمان على أن أخطر أزمة مالية واقتصادية شهدتها المانيا منذ عقود، ستكلفها إلغاء مئات آلاف الوظائف في سوق العمل، وتجاوز معدلات البطالة فيها 4.5 مليون شخص نهاية هذه السنة. وأكدوا أن النتائج الاقتصادية الإيجابية التي سجلت الشهر الماضي في ألمانيا، لن تكون قادرة على منع ارتفاع عدد العاطلين من العمل. فهل سترتفع البطالة العام المقبل من جديد إلى المستوى الذي سجلته عام 2005 ، كما كان يخشى كثر قبل التحسن الاقتصادي الذي طرأ أخيراً؟ وأشارت الوكالة الاتحادية للعمل عن حصول ارتفاع طفيف في البطالة الشهر الماضي بلغ تسعة آلاف شخص فقط، لكن المسؤولين فيها اعترفوا بأن الأشهر المقبلة ستكون صعبة جداً لأن شركات ومصانع كثيرة سلّمت عاملين لديها كتاب التسريح بدءاً من مطلع هذا الشهر، ما سيظهر إحصائياً ورسمياً في نهايته. وفي صورة مناقضة للوهلة الأولى لهذا التطور السلبي المنتظر في سوق العمل في ألمانيا، نقلت النشرة الاقتصادية الشهرية لغرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية (الغرفة) عن وكالة العمل في تموز (يوليو) الماضي، وجود 484 ألف وظيفة شاغرة في عدد كبير من الشركات في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدماتية، إذ يُفتش عن يد عاملة عادية وأخرى مؤهلة. ويتجاوز العدد المطلوب حالياً بكثير ما كان يسجَّل في الأزمات الاقتصادية السابقة بين 1993 و2004، وهو نحو 300 ألف فرصة عمل شاغرة. وقال رئيس اتحاد أرباب العمل الألمان ديتر هوندت: «لو تمكنت الوكالة من تأمين اليد العاملة لهذه الوظائف الحالية وغيرها، لهبط عدد العاطلين من العمل حالياً من 3.5 مليون شخص إلى 2.5 مليون». ولفت خبراء النمو إلى أن قطاعات اقتصادية عدة في البلاد «لم تتأثر بتداعيات أزمة الاقتصاد والمال في شكل قوي مثل الفنادق والقطاع التكنولوجي الإعلامي والاتصالات، وكذلك قطاعات الهندسة والنشر وإنتاج الأغذية والأعلاف والصناعة الكيماوية. والمثال على ذلك قطاع الاتصالات، الذي حقق في الربع الأول من هذه السنة، زيادة في التوظيف نسبتها 4.5 في المئة مقارنة بالربع الأول من العام الماضي. ورأى المسؤول في اتحاد صناعة الآلات مارليز شيفر، أن شركات قطاع صناعة الآلات والتكنولوجيا المتطورة «تحتاج إلى آلاف العاملين المؤهلين». ولفت إلى أن «شركات كثيرة تتقشف حالياً في بعض المجالات، لكنها تعزز في المقابل الاستثمار في مجال تطوير سلع جديدة، ما يدفعها إلى توظيف مهندسين وباحثين». ولفت معهد بحوث الاقتصاد الألماني «إي في» عن نقص في الكفاءات العلمية في شركات ومصانع كثيرة، تحتاج إلى نحو 60 ألف مؤهل في علوم الحساب والحاسوب والعلوم الطبيعية والتقنية». وانتقد رئيس أرباب العمل هوندت وكالة العمل ومراكز التوظيف التابعة لها، لأنها «لا تبذل جهداً كافياً لملء الوظائف الحالية في شكل فاعل، ما يخفف من حدة البطالة، على رغم تحسن عملها في الفترة الأخيرة».