أنقذت مؤسسة بوغوصيان العائلية فيلا أمبان، التي تعد من أروع معالم الهندسة المعمارية المعاصرة في بروكسيل، من الزوال وحولتها مركزاً للفن والحوار بين الثقافات الشرقية والغربية. وعلى طريقة الصاغة، وهي مهنة عائلة بوغوصيان منذ عقود، أعيد صقل الفيلا وترميمها طبقاً للأصل وفقاً لنمط «آرديكو» الذي اختاره لها البارون لويس أمبان عندما بناها قبل ثمانين سنة. ولد المشروع في مخيلة جان بوغوصيان عام 2006، وأثار في البداية بعض التردد لدى العائلة وفقاً لما أشار إليه شقيقه الأصغر ألبير، الذي قال «فكرت أنه يقحمنا في مغامرة بعيدة من أهدافنا». لكن قناعة جان الراسخة بأهمية المساهمة النشيطة في الحوار بين الثقافات، تحولت وفقاً لألبير «بسرعة الى عدوى، فقررنا مع شقيقتنا ميري وأولادنا مواكبته في هذا المشروع الطموح». ولتحقيق هذا الحلم استعانت مؤسسة بوغوصيان التي نفذت منذ إنشائها عام 1990، مشاريع إنسانية واجتماعية عدة في لبنان وأرمينيا، وأيضاً في مصر وسورية وسويسرا، بفريق من أفضل المهندسين والمختصين في فن ترميم الأبنية وأيضاً بلجنة من الاختصاصيين للتخطيط والإشراف على النشاطات الثقافية التي تستضيفها. وبعد حوالى ثلاث سنوات من العمل الدؤوب بالتعاون مع السلطات المحلية في بروكسيل، التي ساهمت في التمويل، والهيئة المسؤولة عن التراث، استعادت فيلا أمبان التي تعرضت للتخريب والتدمير، رونقها وجمالها وفتحت أبوابها قبل أيام أمام الجمهور في معرض أول عنوانه «مسارات الأناقة بين الشرق والغرب». وتتيح زيارة المعرض الذي يستمر حتى 31 تشرين الأول (اكتوبر) المقبل، الاستمتاع بجمال المبنى الذي يتسم بالضخامة والدفء في آن معاً نتيجة النور المنساب من القبة الزجاجية العملاقة التي تتوسط سقفه. التجول في أرجاء المعرض، بين طبقتي الفيلا ينقل الزائر بين طرق الحرير وعطور الشرق وتوابله مع وقفة عند مدينة البندقية التي اعتبرت بوابة الشرق، مروراً بالفنون الإسلامية ومتعة الحمامات القديمة. وتمتد النزهة الى الهند، بلد الحرائر والحلى، والصين واليابان عبر مجموعة من الخزف والمنحوتات، والى الاستشراق الذي يعكس تأثير الشرق في المبدعين الغربيين في حقول عدة منها الرسم والنحت وتصميم المجوهرات. ويشمل المعرض أيضاً وقفة عند الفن المعاصر مع فنانين في مجال التصوير الفوتوغرافي وتصميم الأزياء والموسيقى والتجهيز. وتمتزج في إطار المعرض تحف متعددة المصادر منها ما جاء من سورية ومن باريس وجنيف وبروكسيل، مثلما تمتزج أسماء فنانين من كوريا ومنهم لي بول ومن الصين وانغ جين ومن تركيا ارجين كوفو سوغلو ومن لبنان ربيع كيروز ومن بلجيكا فراناك كريستين ومن بريطانيا انيش كبور ومن فرنسا جان ميشال اوتونييل وغيرهم. ويعد المركز لإقامة حفلات موسيقية، مختلطة أو متوازية، لفنانين وموسيقيين من الشرق والغرب، كما يسعى للتعاون مع تظاهرات ومهرجانات ثقافية وفنية، ترسيخاً لقناعة مؤسسيه بأن الفن «واكب تاريخ البشرية وشكل رابطاً وعنصر سلام بين البشر».