فيما أعلنت قيادة أركان الجيش الروسي الجمعة بدء تنفيذ «عمليات إنسانية» في سورية لمساعدة المدنيين في بلدات استعادتها القوات الموالية للنظام، أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» (مقره بريطانيا) أن طائرة شحن روسية ألقت مساعدات على أحياء في مدينة دير الزور يحاصرها «داعش» في شرق البلاد. وأوضح المرصد أن طائرة الشحن الروسية أنزلت مساعدات بواسطة مظلات كبيرة على الأحياء التي يسيطر عيها النظام في مدينة دير الزور، وأن هذه الطائرة كانت محمية بطائرات حربية ترافقها. لكن وزارة الدفاع الروسية قالت إن طائرة الشحن سورية، وأنها نقلت المساعدات في إطار العملية الإنسانية الروسية. وكان المرصد نشر أول من أمس تقريراً عن حصار «داعش» لمدينة دير الزور منذ أكثر من عام، قائلاً إن هناك نحو 250 ألف مدني سوري في الأحياء المحاصرة «في ظل صمت جزء من المجتمع المحلي السوري، وصمت كامل للمجتمع الدولي». ومنذ مطلع العام 2015، يفرض «داعش» حصاراً مشدداً على أحياء الجورة والقصور وهرابش والبغيلية التي تسيطر عليها قوات النظام في مدينة دير الزور. وبدأ حصار التنظيم لهذه الأحياء، بحسب المرصد، بمنع دخول المواد التموينية والغذائية والطبية والإغاثية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار هذه المواد التي تكاد تنفد من الأسواق وما بقي يُباع بأسعار جنونية. وأضاف المرصد أنه أمام هذه الأسعار المرتفعة لجأ بعض التجار إلى عمليات تهريب المواد الغذائية إلى الأحياء المحاصرة والخاضعة لسيطرة قوات النظام، بواسطة زوارق عبر نهر الفرات، أو عبر منطقة عياش، من خلال معابر وحواجز تسيطر عليها قوات النظام والدفاع الوطني، فيما عمد التنظيم إلى تشديد حراسته على ضفاف الفرات. وأشار المرصد إلى مقتل 16 موطناً على الأقل حاولوا إدخال مواد غذائية إلى هذه الأحياء. ولفت التقرير نفسه إلى أن التيار الكهربائي مقطوع عن مدينة دير الزور منذ منتصف آذار (مارس) 2015، حيث يتم استخدام المولدات التي تغذّي المدينة لساعات محدودة، فيما يعاني المواطنون من عدم القدرة على تشغيل هذه المولدات بسبب ارتفاع أسعار الوقود التي يعتمد النظام فيها على خزانات «سادكوب» أو عبر جلبها إلى المدينة بطائرات مروحية، إضافة إلى الاعتماد على بئر نفطية عند محطة المهاش، وتكرير النفط المستخرج منها بواسطة مصافي بدائية وحرّاقات. ورصد التقرير أيضاً «تطوّع عشرات الشبان والرجال في قوات الدفاع الوطني وصفوف المسلحين الموالين للنظام بسبب ضيق الحال وانعدام الدخل وارتفاع الأسعار، الذي دفع بهؤلاء الشبان والرجال إلى التطوع بغية الحصول على الراتب الذي يصل إلى 30 ألف ليرة سورية». وأدخل الهلال الأحمر السوري دفعتين من المساعدات إلى الأحياء المحاصرة في نيسان (أبريل) وحزيران (يونيو) العام الماضي، وكانت عبارة عن رز وسمنة في الدفعة الأولى وصابون ووعاء لملء المياه في الدفعة الثانية، بحسب المرصد الذي أكد أن ما لا يقل عن 21 شخصاً بينهم أطفال ماتوا نتيجة انعدام دخول المساعدات إلى هذه الأحياء ونفاد المواد الغذائية وارتفاع أسعارها وضعف القدرة الشرائية للمواطن. وفي موسكو (أ ف ب)، أعلنت قيادة أركان الجيش الروسي الجمعة بدء تنفيذ «عمليات إنسانية» في سورية لمساعدة المدنيين في بلدات استعادها النظام. وقال قائد العمليات في قيادة الأركان الجنرال سيرغي رودسكوي: «تمت استعادة 217 بلدة من تنظيم داعش». وأضاف خلال اجتماع نقله التلفزيون: «السكان يعودون تدريجياً إلى هذه البلدات (لهذا) فإن المهمة الجديدة للقوات الجوية الروسية في سورية هي القيام بعمليات إنسانية». وتابع: «بشكل عام المساعدات الإنسانية مخصصة للمناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين حيث يستولي المتطرفون على قسم كبير منها»، مؤكداً استخدام «قوافل مساعدات إنسانية» مرات عدة كذريعة لإرسال أسلحة أو ذخيرة. ولم يحدد رودسكوي طبيعة المساعدات الروسية ولا كيفية التنسيق لها، لكنه أشار إلى أن مدينة دير الزور (شرق) هي المعنية الأولى. وقال إن «القسم الأكبر من المساعدات يتم إرساله حالياً إلى دير الزور التي يحاصرها إرهابيو تنظيم داعش منذ فترة». وأضاف أن طائرة عسكرية من طراز «اليوشين-76» تابعة للجيش السوري أوصلت 22 طناً من المساعدات الإنسانية سيتم توزيعها «بمساعدة السلطات المحلية». وأكد رودسكوي «لن نتوقف وسنقدم كل مساعدة ممكنة للشعب السوري عندما سيحين موعد تحرير البلاد من المتطرفين وإعادة بناء حياة سلمية». وكانت موسكو كشفت أول من أمس أنها وقعت مع دمشق في آب (أغسطس) الماضي اتفاقاً يقضي بمنحها الضوء الأخضر لتواجد عسكري «مفتوح» في سورية التي تشهد حرباً مستمرة منذ حوالى خمس سنوات. وتم توقيع الاتفاق في دمشق في 26 آب 2015 قبل اكثر من شهر من بدء روسيا حملة عسكرية دعماً لنظام الرئيس بشار الأسد تقول إنها تستهدف «داعش» وغيره من «الإرهابيين». ونشرت الحكومة الروسية الخميس نص الاتفاق الذي يتحدث عن «فترة غير محدودة زمنياً» للتدخل العسكري. وبرر الرئيس فلاديمير بوتين الحملة التي أطلقها في أيلول (سبتمبر) والتي تعتبر أكبر تدخل روسي عسكري منذ غزو الاتحاد السوفياتي لأفغانستان في 1979، بقوله إن على روسيا أن تستهدف مقاتلي تنظيم «داعش» قبل أن يعودوا إلى روسيا.