بدأت محكمة الجزاء في اسطنبول أمس، النظر في قضية يُتهم فيها الداعية المعارض فتح الله غولن و68 من أنصاره في أجهزة الأمن، بتشكيل «تنظيم إرهابي» والسعي إلى تنفيذ انقلاب على حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان. واتخذ أردوغان ووزراء سابقون ورئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان صفة الادعاء الشخصي في القضية التي جاءت بعد إغلاق ملفات تهم فساد مالي وتسجيلات صوتية لأردوغان ونجله بلال ووزراء، اذ اعتبر الرئيس التركي أن قضية الفساد هي «مؤامرة» حاكها غولن وجماعته لإطاحة حكومته. واشتكى محامو متهمين حضروا الجلسة، بينهم القائد السابق لشرطة اسطنبول يعقوب سايجيلي ومساعده للشؤون الجنائية كاظم اكشوي، من ضيق قاعة المحكمة، وكثرة المحامين المشتكين والمترافعين عن المتهمين، ومن ضغط نفسي بسبب «ترهيب نفسي» ناتج من معاملة الطرف المدعي لمحامي غولن وجماعته، في شكل دفع بعضهم للتخفي حتى موعد تقديم أنفسهم رسمياً. لكن قاضي المحكمة أحمد جيفالاك رفض طلبات محامي المتهمين تغيير قاعة المحكمة أو مكانها، وبدأ الاستماع إلى مرافعة وكيل النيابة والتهم الموجهة إلى غولن المقيم في الولاياتالمتحدة منذ العام 1999، والتي جاءت في أكثر من 1450 صفحة. وباستثناء ثلاثة متهمين فقط، تبدو الاتهامات الموجّهة إليهم بسيطة لا تستوجب السجن لمدة طويلة، في حال ثبوتها، طلب وكيل النيابة السجن المؤبد ل66 متهماً، والمضاعف ل333 سنة عن عشرات التهم، بينها تشكيل «تنظيم إرهابي» والانتماء إليه، وتزوير أوراق رسمية والتجسس ومحاولة الانقلاب على الحكومة، إضافة إلى اتهامات وجّهها أردوغان ووزراؤه في شأن «ضرر» حدث لهم، نتيجة «مؤامرة حاكها تنظيم غولن وأساء من خلالها إلى سمعتهم وشرفهم». وشدد نورالله البيرق، محامي غولن، على غياب «أي دليل ملموس على أن موكّلي شارك في أي نشاط غير شرعي، ولا أي وثيقة». وأضاف: «لم نرَ أبداً أي تحقيق يتّسم بهذا المقدار من الاضطراب، على امتداد تاريخ بلادنا». وذكر أن غولن (74 سنة) طلب أخذ إفادته ودفاعه في الولاياتالمتحدة. أما المحامي مراد أردوغان الذي يدافع عن القائدين السابقين في الشرطة، فقال في إشارة إلى المتهمين: «عار اعتبار جميع هؤلاء الأشخاص الذين لا يؤذون ذبابة، إرهابيين». واعتبر أن المحاكمة «ليست سوى إعدام قضائي». على صعيد آخر، أفادت وكالة «دوغان» التركية للأنباء بجرح شرطي، بعد تعرّض دورية للشرطة لإطلاق نار وسط اسطنبول أمس. إلى ذلك، اعتبر أردوغان أن نواباً ورؤساء بلديات أكراداً يتصرّفون مثل «أعضاء في تنظيمات إرهابية»، مكرراً دعوته إلى محاكمتهم. وأضاف: «ليست هناك مسألة كردية في تركيا، بل قضية إرهاب. عانت كل الأقليات العرقية من مشكلات، وحاولنا دوماً تسويتها». في السياق ذاته، أعلن «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي، وفاة ثلاث ناشطات كرديات أُصبن خلال معارك بين القوات التركية و «حزب العمال الكردستاني» في جنوب شرقي تركيا، بعد عدم علاجهنّ بسبب فرض السلطات حظر تجوّل ورفضها إدخالهنّ مستشفى.