قبل أيام قليلة من انتخابات الرئاسة في تركيا المرتقبة الأحد المقبل، شنّت حكومة رجب طيب أردوغان حملة اعتقالات ثانية، اعتبرها رئيس الوزراء مجرّد «بداية»، طاولت عشرات من أنصار الداعية فتح الله غولن في أجهزة الأمن والشرطة، لاتهامهم بالتجسس والتنصت على الحكومة. تزامن ذلك مع إثارة أكمل الدين إحسان أوغلو، مرشح المعارضة للرئاسة، شكوكاً في تزوير محتمل للأصوات، متسائلاً عن سبب طبع الهيئة العليا للانتخابات نحو 18 مليون ورقة اقتراع زائدة. وأوردت وسائل إعلام تركية أن حملة الاعتقالات طاولت 35 شرطياً في 14 محافظة، وشملت اسطنبولوأنقرة وجنوب شرقي البلاد حيث معظم السكان أكراد. لكن الحملة طاولت رجال شرطة أدنى رتبة وأصغر سناً من الموقوفين في الحملة الأولى الشهر الماضي وعددهم 115 ضابطاً، بينهم رئيسان سابقان لوحدة مكافحة الإرهاب، أُطلق معظمهم فيما أوقف 31 منهم في انتظار محاكمتهم. واتُهِموا بتزوير وثائق والتنصت على أردوغان ورئيس جهاز الاستخبارات التركية هاكان فيدان وقادة آخرين. واعتبرت وسائل إعلام موالية لجماعة غولن أن الحكومة ووكيل النيابة الذي يتابع القضية، لم يجدا أدلة قوية تقودهم إلى اعتقال وكلاء نيابة وقضاة كما كان متوقعاً. وأشارت إلى أن الحملة الثانية بمثابة استثمار انتخابي، إذ أتت قبل 5 أيام من انتخابات الرئاسة، لكي يوحي أردوغان للناخبين بأنه يتعرّض لمؤامرة ويجهد ل «تطهير» تركيا من «عملاء وجواسيس»، كما يصف أنصار غولن. في المقابل، نبّه وزير العدل بكير بوزداغ «وكلاء النيابة والقضاة المحسوبين على جماعة غولن» إلى أن «يحسبوا خطواتهم جيداً وأن يكفّوا عن تعليقاتهم المغرضة عبر وسائل التواصل الاجتماعي في شأن هذه الحملات» (الاعتقالات)، مهدداً بأن وزارته «ستستأصل كل من تجاوز القانون من رجال الأمن والقضاء». أما أردوغان فتطرق إلى أنصار غولن في الشرطة والقضاء، معتبراً أن «هيكلية الشرطة الموازية بدأت تنكشف». وأضاف: «إن شاء الله سينتهي هذا الأمر، لكننا ما زلنا في بداية العملية، وبدأ القضاء فعل ما هو لازم». لكن رئيس «حزب الشعب الجمهوري» المعارض كمال كيليجدارأوغلو تساءل عن سبب توقيت حملات التوقيف قبل الانتخابات، قائلاً: «إذا كانت هناك دولة موازية أو خفية داخل الدولة كما يقول أردوغان، فهو المسؤول عن ذلك، لأنه عيّن (أنصار غولن) وتحالف معهم، لذلك تجب محاكمته قبلهم». وزاد: «يعتقد أردوغان بأن الشعب سينسى (اتهامه بالفساد) بسبب الانتخابات، لكنه لن يفلت». إلى ذلك، جدّد غولن نفيه تآمره على الحكومة، قائلاً في رسالة فيديو: «لعن الله كل الذين يشكّلون عصابة أو زمرة أو يريدون إيذاء البلد، أياً كانوا». ونشرت وسائل إعلام موالية لغولن دعاءً ردّد فيه: «ندعو الله أن يفوز (في الانتخابات) مَن إيمانه أكمل ومَن إحسانه أكمل»، في إشارة واضحة إلى اسم مرشح المعارضة أكمل الدين إحسان أوغلو. وأثار الأخير شكوكاً في إمكان حدوث تزوير، متسائلاً عن سبب طبع الهيئة العليا للانتخابات نحو 18 مليون ورقة اقتراع «زائدة»، على سبيل «الاحتياط». وأضاف: «حتى في دول العالم الثالث لا يُطبع هذا العدد الضخم من أوراق الاقتراع الزائدة». وسأل: «كيف لن تقع في الأيدي الخطأ»؟ وشبّه تركيا أردوغان بالوضع في الاتحاد السوفياتي العام 1979، في ما يتعلق بالفساد المالي وقمع الحريات. وكرّر أردوغان دعوته إلى إقامة نظام رئاسي في تركيا، قائلاً: «منطقي بالنسبة إلى الدول المتقدمة، أن تحظى بنظام رئاسي أو شبه رئاسي». وزاد: «علينا تحقيق قفزة». في غضون ذلك، طرح «حزب الشعب الجمهوري» عريضة في البرلمان لنزع الثقة من وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، بسبب «سوء إدارته» أزمة احتجاز تنظيم «الدولة الإسلامية» 49 شخصاً في القنصلية التركية في الموصل منذ حزيران (يونيو) الماضي. لكن حزب «العدالة والتنمية» الحاكم يتمتع بغالبية في البرلمان، ويُرجَّح رفض العريضة.