أكّد خبراء مختصّون في الإرهاب أنّ التهديدات الإرهابية وإلغاء مناسبات الاحتفالات الكبرى سيصبح «أمراً عادياً» في أوروبا، متوقعين تزايد المخاوف الأمنية خلال الأشهر المقبلة من حدوث تفجيرات على غرار اعتداءات باريس في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وذكرت صحيفة «ذا غارديان» البريطانية أنه بات لدى خبراء الإرهاب في بريطانيا وأوروبا قناعة بأن تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) لديه النية والقدرة على ضرب أهداف أوروبية بمهارة في التخطيط والتنفيذ. وعلى إثر ذلك، أُعلنت حال التأهب القصوى في مدينة ميونيخ الألمانية، وأخليت جزئياً قبيل احتفالات رأس السنة الميلادية الجديدة، خشية تهديدات إرهابية محتملة، وأعقب ذلك تدابيرمماثلة لإلغاء الاحتفالات في مدن أوروبية عدة تراوحت بين الإلغاء والتقليص، بسبب مخاوف أمنية. وتقول المختصة في شؤون مكافحة الإرهاب من «المعهد الملكي للخدمات المتحدة»، مارغريت غليمور، ان «من المرجح استمرار تعطيل الاحتفالات»، موضحة أنه «على مدار السنوات ال 15 الماضية، كانت هناك منظمات إرهابية تنوي تنفيذ هجمات في الأماكن المزدحمة، لذلك فهذا ليس أمراً جديداً. فمنذ هجمات مومباي التي وقعت في العام 2008، كنّا على بينة من احتمال وقوع هجمات مماثلة بأسلحة نارية في مواقع عدة». وأضافت غليمور: «الجديد الآن أن إرهابيي داعش أثبتوا أنهم قادرون، بعد اعتداءات باريس، على شن هجمات دموية خارج الشرق الأوسط». وأوضحت غليمور أن الاعتداء الأخير على العاصمة الفرنسية أكد النمو السريع لمثل هذه الجماعات، لذا يتعين على الأجهزة الأمنية في كل بلد التعامل مع كل تهديد على حده، لافتة إلى أن قدرة «داعش» على تنفيذ هجمات على نطاق واسع تؤكد الحاجة الى المزيد من التدابيرالأمنية، وهو ما يعزز احتمال إلغاء المزيد من الإحتفالات بالمناسبات البارزة. وتؤكد غليمورأنه «اتضح لنا بعد ما رأيناه في باريس أنهم قادرون على السيطرة على مثل هذه الهجمات، من حيث التدريب والتخطيط والتنفيذ، ما يتعين على الأجهزة الأمنية في أنحاء أوروبا كافة، أن تأخذه على محمل الجد والواقع». ويرى الخبير في مكافحة الإرهاب من «جامعة غنت» في بلجيكا، ريك كولسيت، أنه «على رغم رغبة المتطرفين في استهداف التجمعات العامة الكبيرة مثل ليلة رأس السنة الميلادية، ليس شيئاً غريباً، ولكن هجمات داعش الأخيرة تعني دخول أوروبا عصراً جديداً». وذكر كولسيت أن «داعش باتت ملهمة لكل أصحاب الخيال من طالبي التشويق وحتى المختلين عقلياً، الذين يرغبون أن يكونوا جزءاً منها»، وهو ما صعب كثيرا مهمة الأجهزة الأمنية. وأكد أنه خلال الأشهر المقبلة ستصبح مواجهة مثل تلك التهديدات في أوروبا «أمراً طبيعياً» . ومضى قائلاً: «يوماً ما ستختفي كل هذه الضجة حول داعش. ولكن، حتى ذلك اليوم، سنشهد المزيد من التهديدات، والمزيد من إلغاء المناسبات، والمزيد من عمليات دهم المنازل والاعتقالات، وسيكون لدى الدول طريقة للتعامل مع تلك الجماعات ونواياها. إنه شيء يجب علينا الاعتياد عليه»، محذراً في الوقت نفسه من مخاطر الخلط بين تزايد التهديدات الإرهابية وأزمة اللاجئين في أوروبا، والتي اعتبرانها باتت «نوعاً من الهيستريا»، مضيفا انه «يجب علينا ان نكون حذرين من السياسيين الذين ربما يستغلونها لتحقيق أهدافهم الخاصة على حساب نسيج مجتمعنا». واعلنت حالة من الاستنفار في العديد من الدول قبيل الاحتفالات التقليدية برأس السنة، إذ شهدت مدن مثل موسكو وأنقرة وبروكسيل وباريس تدابير أمنية قبيل الاحتفالات وصلت إلى إلغائها أحياناً، وذلك في أعقاب ورود تحذيرات من هجمات محتملة، ما تسبب في خسائر ضخمة لأصحاب المطاعم والفنادق والخدمات المرتبطة بها.