تشهد السعودية، مثل غالبية مدن العالم، أزمة ازدحام مروري خانقة، نتيجة التطور المتواصل للمدن، بالإضافة إلى الازدياد السكاني. وجاءت مبادرات عدة لحل هذه الأزمة، كان آخرها قبل خمسة شهور، حين تمكنت مبتعثة سعودية في أميركا، تدعى أمل الشقير، من ابتكار تطبيق للأجهزة الذكية يساعد السائقين في تجنب الازدحام المروري، والتنبؤ بحالة الحركة المرورية عبر تحليل التغريدات المنشورة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». وتُعتبر هذه المرة الأولى التي يتم فيها تناول موضوع البيانات الضخمة والمتجددة على الموقع الذي يُعد شائعاً جداً بين السعوديين. وقالت الشقير:«إن الحاجة إلى تحليل تلك البيانات في تصاعد مستمر، لذلك علينا إيجاد آليات ووسائل متطورة بإمكانها استيعاب هذا الكم الهائل من البيانات، للاستفادة منها، وإعداد الخطط المستقبلية، واتخاذ التدابير التي من شأنها أن تسهم في تقليل المخاطر من جهة، وجعل حياة الناس أسهل من جهة أخرى». وفي السياق ذاته، دعا أستاذ التخطيط العمراني والاستراتيجي، الدكتور فيصل عبدالعزيز المبارك، إلى استخدام تطبيقات المرور المعاصرة التي تتضمن برمجة الإشارات، وتوجيه الحركة من خلال ألواح إرشادية مضيئة، من أجل حل المشكلة التي أصبحت تعاني منها السعودية طوال ساعات النهار. وطالب المبارك بإعادة تأهيل التقاطعات، وتشييد بعض الجسور الضرورية، وتطبيق الغرامات المرورية التي تساعد في انضباط السائقين، بالإضافة إلى تطبيق برامج تشجع مشاركة الناس في سيارة واحدة، واستخدام الحافلات. وفي محاولة أخرى لحل أزمة الازدحام هناك، سجّل أحد السعوديين المبتعثين في بريطانيا، في آذار (مارس) العام الماضي، براءة اختراع تعتمد على استخدام برامج المحاكاة، وتضمن الاختراع إدخال مخطط كامل لمدينة الرياض، وأعداد الرحلات اليومية في شوارعها، وكمية تدفق السيارات وسرعتها في كل شارع، وذلك بهدف تكوين مسرح لتجربة سياسات تخطيطية جديدة قد تسهم في حل المشكلة. ويقول منفذ المشروع، ماجد حباب، إن «فريق البحث توصل إلى إمكان استعمال برامج المحاكاة في حل مشكلة الازدحام في الرياض التي تشهد ثمانية ملايين رحلة يومياً، واتفق مع إحدى الشركات القائمة على هذه البرامج، ولكن الشركات أبلغته أنها لا تسطيع أن تعمل على مدينة كبيرة بحجم الرياض». ولفت إلى أنه قسّم المدينة إلى 12 جزءاً، وقام بتشغيل كل جزء منفرد، واستخدم برامج أخرى لربط تلك الأجزاء ببعضها، حتى نجح المشروع في ضم كل مناطق العاصمة السعودية. وكانت مجموعة من الشباب السعودي، اقترحت في العام 2011 استخدام الدراجة الهوائية في التنقل بدلاً من السيارة، وأطلق هؤلاء الشباب مبادرة بعنوان «مجموعة دراجتي»، وحتى آذار (مارس) 2014 وصل عدد المنضمين إلى المجموعة 2000 شخص. ورأى الكاتب، جمال خاشقجي، في مقال له في صحيفة «الحياة» بعنوان «الشعب السعودي يريد جودة الحياة» أن بناء مزيد من الجسور الجديدة لم يعد حلاً ناجعاً، إذ «أنفقت جدة لبناء جسور وأنفاق أكثر مما أنفقت بلديتا لندن وباريس مجتمعتين، ولكنها لا تزال تعاني من زحمة السير. إذاً لا بد من حل آخر غير بناء مزيد من الجسور والأنفاق. إنها في حاجة إلى نظام صارم لمواقف السيارات والفصل بين السكني والتجاري». ورأى الكاتب، إحسان بوحليقة، أن الازدحام المروري يضر الاقتصاد السعودي، وتطرق في مقال له بعنوان «ما الأثر الاقتصادي للازدحام المروري؟» إلى احصاءات وضحت أثر الحوادث المرورية على الناتج المحلي السعودي، وقال: «أتحدث عن عدم انسياب الحركة المرورية، في الشرايين المرورية في مدن المملكة، ولاسيما في ساعات الذروة، ففي مدينة مثل عاصمتنا الرياض، تجد أن الخطوط السريعة والدائرية تغص بالمركبات فتتعطل حركة السير، لتجد في كثير من الأحيان أن السبب هو حادث بسيط بين سيارتين، في حين أن مئات السيارات تعطلت لدقائق طويلة، نتج منها تأخير مئات الأشخاص عن أعمالهم ومدارسهم، ما يؤثر سلباً على انتاجيتهم، وإذا اعتبرنا أن كلفة كل دقيقة تأخرناها بسبب الطرقات هي ريال واحد، نجد أننا نهدر عشرات الملايين يومياً، والبلايين سنوياً!».